مفتاح
2024 . الأحد 7 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

يقول لينين الذي يعد تكتيكياً ملهماً، ان خطوة عملية هي أفضل من دزينة من البرامج، وفي حالتنا، بمناسبة الذهاب الى ايلول، فإن هذه الخطوة العملية الواحدة، الضربة الدبلوماسية الكبيرة واللامعة، ضربة معلم فعلاً، هي أفضل من كومة، جبل من القرارات، التي لم تساوِ في الماضي الحبر الذي كتبت فيه .الانتقال العملي الفعلي التاريخي من حركة الى منظمة الى دولة، الصعود الحلزوني الثالث الذي يعادل التماهي مع الفكرة. وهكذا بالانتقال من السلطة، دولة اوسلو في الجغرافيا على الأرض والتحول من المنفى الى الوطن. التوجه الآن الى الإلقاء بالسهم، الرمح الثالث والأخير. بلوغ مرتبة الدولة السياسية، القانونية.

لماذا إذن تخويفنا من فقدان حق العودة، وفقدان مزايا المنظمة، المتحدث باسم الفلسطينيين ككل. حتى لا نضيف الى هذه المحاذير، محاذير أخرى ولكن أيهما اسبق، الواقع، الجغرافيا في هذه الحالة، أم الحقوق القانونية السياسية والتاريخية ؟ ولماذا وضع اختلاق هذا التعارض فيما السؤال الجوهري في مكان آخر، ويتعلق هنا بالمسائل العملانية، الإجرائية، أي الآليات، الوسائل، المقاربات وباختصار التكتيك الأنسب لبلوغ الهدف الكبير، تحقيق المخطط العظيم.

تعالوا إذن نقدم شرحاً أكثر قرباً للمسألة، هيا نعُد الى استحضار تجربة الخطوة العملية المتمثلة باتفاقية اوسلو، إقامة سلطة الحكم الذاتي المحدود على جزء من أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة. وقد انصب النقاش في حينه على ذات المسائل نفس زاوية القياس. أي المحاذير. ليس ما هو جذري في الموضوع، الجزء الجوهري، ولكن ما هو منقوص، النظر الى نصف الكأس الفارغة، جوانب الضعف. وعدم الاكتراث بالمزايا، عناصر القوة. وهذه تتمثل بالنقلة التاريخية، من المنفى الى الجغرافيا. لقد كانت 'اوسلو' في الواقع، التقرب رقم 1، التحول رقم واحد.

وبغض النظر عن مآل اوسلو، فقد كانت خطوة حاسمة تقربنا من الوصول الى الهدف . التحول رقم 2 . وأنا أقول أكثر من ذلك . ان المفاوضات العابثة، الممر الماراثوني، كان جزءاً عقلانياً من هذا المسار، إذ كنا بالأخير نواجه عملية صنع الحقائق والتاريخ، في ظروف لا نختارها في ظل ظروف ومعطيات مستقلة عن إرادتنا، وغالباً في مواجهة إكراهات وضغوط، لا تملي علينا اختيار الطرق والوسائل، الأساليب التي نسلكها . لقد انتهت المرحلة المهجرية، الثورية من المنفى، بسقوط جمهورية الفاكهاني في لبنان العام 1982. واليوم إنما نحن بصدد النهاية الحتمية لسلطة الحكم الذاتي، اوسلو الانتقالية، ببلوغ المفاوضات، عتبة النهاية، فشلها الأخير والحاسم، ليس في عهد ابو مازن، وإنما في أواخر عهد عرفات، مفاوضات كامب ديفيد، ومقتل عرفات نفسه بالسم.

عشر سنوات فاصلة في استراحة، اختمار التاريخ، في كل مرة بالانتقال بين مرحلتين، دورتين، من بيروت الى تونس، ثم الى فلسطين. ومن انهيار المفاوضات وحرب انتفاضة الأقصى، الاستقلال، الى الأمم المتحدة لانتزاع الاعتراف بالدولة في أيلول

ما الذي تعطيه لنا هذه الخطوة ؟ بماذا تقربنا من الهدف ؟ بم تقوينا ؟ هذا هو السؤال المركزي اليوم . اذا كنا نصدر في الذهاب الى هذه الخطوة، عن أزمة، لا تطرح علينا سوى هذا الحل.

إنها أزمة بلغ فيها العنف، الحرب حداً، لا يمكن مواصلة اندفاعته بذات الزخم، العنفوان، وبنفس الطريقة. لقد بلغت انتفاضة الأقصى ذروة طاقتها وكان انجازها، جائزة انتصارها تحرير غزة، اقتطاع غزة. وحصر الصراع بعد ذلك على انتزاع الضفة. وبهذا المعنى فان الحرب لم تنته الى هزيمة، ولكنها لم تنته الى انتصار ناجز. نصف انتصار ونصف فشل .

حاول ابو مازن في المرحلة الاختمارية إقناع الإسرائيلي بالتقدم قبل اغلاق نافذة الفرص، قبل هبوب العواصف، لكن الإسرائيلي خدعته قواه، وظن بدلا من ذلك ان الفرصة الحقيقية هي التي تلوح للاستحواذ على الضفة الجائزة الكبرى .

كانت هذه الفكرة اذن مرحلة الإنضاج، اختمار عجينة الحل النهائي، التحول الثالث. ان المراحل التاريخية كالطبخ تحتاج الى الإنضاج، وعلى نار هادئة، توترات منخفضة لكنها خادعة . هيا اذن الى الدولة وقد استوت نارها، نضجت وحان قطاف ثمرتها، أصبحت على مرمى حجر وآن اوان امتلاك الجرأة والشجاعة، في الانحناء لالتقاطها .

يقول مونتسيكيو ابو روح القوانين والشرائع . وحين التقطت روح الفكرة، طرف الخيط، جاءت جميع الأشياء من تلقاء ذاتها . وهل يتسع المجال للحديث هنا، عن قوة وسحر طاقة الجذب، القانون الأول، في الحركة النقيض للنبذ في السياسة، كذلك تقاس موهبة السياسيين في قدرتهم على هذا الجذب. والمسألة واضحة أولاً قوة الفكرة والإرادة وثانيا وضوح الهدف وثالثا طرد الشكوك. الشك الذي يضعف الإرادة وطاقة الجذب. ورابعا الأمر الواقع الذي لا يقاوم.

أولا إكساب الهدف الدولة قوة الاعتراف والتحقق المادي والقانوني هذه هي الخطوة الحاسمة اليوم للبناء عليها، لامتلاك قوة زخم فاعل لجلب باقي الحقوق وخوض المعركة الفاصلة على قضايا الصراع من موقف قوي لانتزاع حق العودة، كما تسوية القضية الفلسطينية من جميع جوانبها.

رأينا منذ زمن ان هذه إستراتيجية مسار، سيرورة تتبع التراكم والتدرجية. وتحدث الجدل الماركسي عن قانون التراكم الكمي الذي يؤدي الى التغير النوعي او الكيفي، وصولا الى الطفرة او القفزة. وهذه هي القفزة الإستراتيجية الثالثة التي يدنو من عتبتها الفلسطينيين .

بعد العشرين من أيلول نحن دولة كباقي الأمم والدول والشعوب على قدر المساواة ولكن دولة احتلت ارضها من لدن محتل أجنبي، دولة تستطيع ان تعقد تحالفات دولية لتحرير أرضها ودولة تستطيع ان تفاوض المحتل للجلاء عن أرضها وفي كل الأحوال هي دولة مسؤولة عن كل شعبها ودولة إطارية، قانونية شرعية. وحيث يسبق الاعتراف السياسي والقانوني التحقق المادي على ارض الواقع.

تعكس هذه المقاربة، نظرة تحمل قدرا من التفاؤلية مسحة من الروح التبشيرية، والواقع اننا نريدها كذلك استلهاما لروح عرفات فنحن من هذه المدرسة، اذ يلزم في مثل هذه الظروف ونحن نستعد لصنع شيء جديد ان نرتدي القبعة الصفراء، ونتخلى جانبا، مؤقتا عن القبعة السوداء، القبعة الصفراء لتركيز الجهد على الهدف، ولجذب الايجابيات. وقد كانت هذه هي الراية عندما بدا الأمر مغامرة مستحيلة، فالأمم والشعوب كما الرجال الحقيقيين، عليهم ان يواجهوا تحدي عدم اليقين. وامتلاك الجرأة على الانتصار كما قبول المخاطرة، وما يحدث الآن أننا سوف نعرف ترجمة ما قاله الرئيس الفرنسي ساركوزي من ان على أوروبا الذهاب موحدة في التصويت على الدولة، وتحمل مسؤولياتها. واليوم يكون مؤتمر وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي في بروكسل قد حدد الاتجاه . فما يحدث هو انتقال ساحة المعركة إلى الأمم المتحدة، ميدان التحرير للفلسطينيين، وفي الطريق إلى هناك فان هذه الدورة بعد أيام للأمم المتحدة تتهيأ الآن لكي تكون ساحة تصفية الحسابات المؤجلة مع إسرائيل واترلو إسرائيل تركيا والفلسطينيين والعرب، وربما أوروبا العجوز.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required