مفتاح
2024 . الأحد 7 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
كانت الليلة التي سبقت إلقاء الخطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من أطول الليالي في حياة الرئيس محمود عباس، لم يتمكن من النوم سوى ساعتين على الأكثر، وبعد تفكير لساعات، ومع بزوغ الفجر، راجع نصّ الخطاب الذي تم إجراء عديداً من التعديلات عليه بدءاً من صياغته الأولى في رام الله، ولاحقاً على الطائرة في الطريق من العاصمة الأردنية عمّان إلى مدينة شانون الأيرلندية، ومنها إلى مدينة نيويورك الأميركية، وهناك في فندق (ميلنيوم) الذي يبعد مئات الأمتار فقط عن مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة على الشاطئ الشرقي لمانهاتن على ضفاف نهر الإيست ريفر.

حرص الرئيس على أن يصطحب معه أعضاءً من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة فتح، ومع إقلاع الطائرة من مطار "ماركا" المدني في عمّان بدأ بقراءة القرآن، وهو أمر يقوم به في كل رحلاته ويتبعه عادةً بجولة قصيرة في الطائرة يصافح خلالها الوفد الصحافي المرافق وطاقم مكتب الرئيس ومرافقيه.

في أحاديثهم الجانبية انتظاراً لإقلاع الطائرة كان المسؤولون والمرافقون والصحافيون يتحدثون عن مدى فخرهم بمرافقة الرئيس عباس في هذه الرحلة التاريخية، ولذلك فإنه عندما شرع الرئيس بمصافحة الوفد على متن الطائرة، استمع مع كل مصافحة إلى عبارة دعم ومساندة مختلفة عن سابقتها وهو يقابلها بابتسامة أب حنون، ولكن أيضاً قائد يعرف أين وجهته.

"مهمتي الأولى الآن هي أن أراجع الخطاب مع الإخوة " قال الرئيس للوفد الصحافي المرافق، وقد علمنا لاحقاً أن الخطاب كتب للمرة الأولى في مدينة رام الله، ولكن جرت عليه وحتى اللحظة الأخيرة ما قبل إلقائه في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة تعديلات إلى أن خرج بصيغته التي أبكت من سمعها.

الطائرة مكونة من 3 قمرات يفصل الأولى عن الثانية لوح زجاجي سميك، في حين تنفصل القمرة الثالثة من خلال خزائن عريضة لاستخدام طاقم الطائرة، وقد جلس الرئيس مع الوفد السياسي المرافق في القمرة الأولى المكونة من 8 مقاعد كبيرة مقسمة إلى قسمين كل منها من 4 مقاعد تتوسطها طاولة صغيرة، في حين جلس مسؤول المراسم والبروتوكول حسين حسين ورئيس مرافقي الرئيس شحادة "أبو محمد" وكبير المرافقين محمد الدعاجنة ومعهم بعض الصحافيين في القمرة الثانية، أما القمرة الثالثة فجلس فيها مرافقو الرئيس.

باستخدام حاسوب متنقل وطابعة متنقلة كان حسين حسين قد طبع التعديلات الجديدة على الخطاب، ولكن بدا أن أعضاء الوفد متأكدون من أنها لن تكون النسخة الأخيرة.

استغرقت الطائرة 6 ساعات للوصول إلى مدينة "شانون" التي تعد المسافة بين مطارها والولايات المتحدة الأميركية هي الأقصر فوق المحيط الأطلسي ومنها بعد التزود بوقود الطائرة 7 ساعات سفر للوصول إلى نيويورك، وخلالها كان الكثيرون من أعضاء الوفد قد غالبهم النعاس فاستغرقوا في نوم عميق. لم يتمكن الرئيس من النوم إلا لوقت قصير جداً، فكان يلجأ إما لقراءة القرآن أو القيام بالسير في ممر الطائرة أو الحديث مع أحد .

مع وصول الطائرة إلى نيويورك كان موكب الرئيس يشق طريقه ليلاً من مطار (جي أف كنيدي) في مقاطعة كوينز، جنوب غربي مدينة نيويورك، إلى فندق (ميلنيوم) الذي يطل على مبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة المكون من 39 طابقاً فوق سطح الأرض في الجانب الشرقي من مانهاتن.

لم يكن قد مر وقت طويل حتى بدأت الاجتماعات مع قادة ومسؤولين عرب وأجانب من جنسيات مختلفة عقد أغلبها في مقر إقامته، وفي بعض الأحيان كان الرئيس يغادر إلى اجتماعات خارج الفندق ليعود إلى اجتماعات جديدة مع قادة جدد، "كانت اجتماعات كثيرة جداً .. عشرات الاجتماعات" قال الرئيس عباس.

ربما كان أهم الاجتماعات مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ولم يكن الرئيس قد طلب هذا الاجتماع، وإنما الرئيس الأميركي هو الذي عرض مكتبه بدايةً أن يكون الاجتماع منفرداً بين الرئيس الأميركي والرئيس عباس، الذي طلب بدوره أن يكون اللقاء بمشاركة أعضاء من الوفدين، فكان أن شارك صائب عريقات من الجانب الفلسطيني، ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من الجانب الأميركي.

وصل الرئيس الأميركي إلى غرفة ملاصقة لغرفة الاجتماع، فصافح الرئيس والوفد المرافق ورافقهم إلى قاعة الاجتماعات في مقر إقامته، ليبدأ اجتماع مصارحة لم يغيّر من مواقف الطرفين. كان سبق هذا الاجتماع لقاء بين عريقات والمبعوث الأميركي هيل والمسؤول في البيت الأبيض دينيس روس، اتضح من خلاله أن لا تغيير في الموقف الأميركي الرافض للتوجه إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن لا تغيير في الموقف الفلسطيني المصمم على التوجه إلى مجلس الأمن.

وقد لوحظ أن الإدارة الأميركية حاولت بدايةً أن تجعل التركيز في الدورة الحالية للأمم المتحدة على الربيع العربي، وذلك باستقبال الرئيس الأميركي قادةَ المجلس الانتقالي الليبي في نيويورك، ولكن الحملة التي شرع بها الحزب الجمهوري الأميركي على أوباما واتهامه بإلقاء إسرائيل "تحت الحافلة" بادعاء أنه يتبنّى مواقف لينةً مع الجانب الفلسطيني أكدت من جديد أن قضية فلسطين هي القضية الأولى في اجتماعات الدورة الـ66 للأمم المتحدة.

وثمة من استخدم هذه الحملة من الحزب الجمهوري وانطلاق الاستعدادات للانتخابات الرئاسية الأميركية لتبرير الخطاب السيئ الذي ألقاه الرئيس الأميركي أوباما في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومع ذلك، فلم يشأ الجانب الفلسطيني أن يكون رده شديداً على هذا الخطاب سوياً مع إصرار القيادة الفلسطينية على التوجه إلى الأمم المتحدة على الرغم من الرفض الأميركي مدعاة لأزمة سياسية مع الإدارة الأميركية لا يحتاجها الجانب الفلسطيني ولا يسعى إليها.

المرة التاسعة التي يقول فيها الرئيس "لا" لأميركا. كان قرار الرئيس عباس رفض المعارضة الأميركية للتوجه إلى الأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة هي المرة التاسعة التي يقول فيه الرئيس عباس "لا" للإدارة الأميركية منذ أن انتخب رئيساً للسلطة الفلسطينية. وربما كان إعلان الرئيس من رام الله، قبل يومين من توجهه إلى نيويورك، قرار القيادة الفلسطينية التوجه إلى مجلس الأمن لنيل عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، محاولةً منه للتخفيف من وطأة الضغوط الشديدة التي تمارس عليه لعدم التوجه إلى مجلس الأمن، ومع ذلك فقد استمرت الضغوط. مع خروج الرئيس من اجتماع ودخوله مع ضيف جديد في اجتماع آخر كان أعضاء الوفد يشفقون على الرئيس لإرهاقه الشديد المتزامن مع ضغط أشد، فمع كل اجتماع كان هناك طلب أو اقتراح أو نصيحة لعل أكثرها تكراراً هو التوجه إلى الجمعية العامة للحصول على "دولة غير عضو" بدلاً من التوجه إلى مجلس الأمن بطلب العضوية الكاملة.

وقال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة: "رسالة الرئيس إلى الوفود كانت واضحةً، وهي أننا متوجهون إلى مجلس الأمن الدولي لنيل عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، وأن أي جهد آخر لدفع العملية السياسية لا يتناقض مع التوجه إلى الأمم المتحدة".

علامات استفهام على دور بلير

بدت اللجنة الرباعية الدولية وكأنها منقسمة على نفسها، فالولايات المتحدة ضد الذهاب إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة، فيما الاتحاد الأوروبي ضد الذهاب إلى مجلس الأمن ومع الذهاب إلى الجمعية العامة، في حين أن قادة روسيا والأمم المتحدة أصدروا بيانات علنية دعمت التوجه الفلسطيني إلى نيل عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة.

هذا التباين أثار علامات استفهام على الدور الذي يقوم به المبعوث الخاص للجنة الرباعية توني بلير، الذي لم يرد اسمه ضمن الضيوف المتفق على استقبالهم من قبل الرئيس في نيويورك، والذي كان يعمل بجهد كبير، ولكن دون جدوى من أجل إصدار بيان عن اللجنة الرباعية لتفادي التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة.

لم يكن في الوفد الفلسطيني ثمة من يستطيب حتى الاستماع إلى اسم بلير، بعد أن قالوا إنه تقدم باقتراح سيئ لا يأتي على ذكر الاستيطان ويدعو إلى الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية ومن ثم يذكر حدود 1967 لينسفها من جديد ويلغيها في فقرات لاحقة.

بلير، الذي يقول المراقبون: إنه مدعوم من قبل الولايات المتحدة الأميركية ويفتقر إلى دعم الأطراف الأخرى في اللجنة الرباعية، اتخذ موقفاً عدائياً من التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، فكان أن انتقد لاحقاً خطاب الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ساركوزي يصل إلى مقر الرئيس

وقد بدا لافتاً وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى مقر إقامة الرئيس، وذلك قبل يوم واحد من إلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي خصصه من ألفه إلى يائه للحديث عن فلسطين، وتضمن مبادرة قالت القيادة الفلسطينية إنها ستدرسها بإيجابية في حين سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى رفضها.

تلك كانت المبادرة الثالثة التي تقدمها فرنسا في الأشهر الماضية والتي رفضتها إسرائيل جميعاً علماً أن فرنسا عضو في مجلس الأمن الدولي ويعمل الفلسطينيون من أجل الحصول على صوتها لصالح الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن الدولي دون أن يكون واضحاً ما إذا كان للرفض الإسرائيلي المتكرر للمبادرات الفرنسية تأثير على إمكانية أن تتخذ فرنسا موقفاً إيجابياً لصالح الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن.

وتتطابق المبادرة الفرنسية في بنودها مع المواقف الأوروبية، وسعت فرنسا إلى الحصول على تأييد أوروبي لها بدءاً من بريطانيا وألمانيا فيما تسعى أوروبا إلى استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح مبادرة أوروبية قد تنضم إليها دول في أميركا الجنوبية.

وقد سعت العديد من الدول الأوروبية إلى إقناع الرئيس بالتوجه إلى الجمعية العامة بطلب الحصول على دولة غير عضو، وهو ما يتطلب نصف أعضاء الجمعية العامة زائداً واحداً وهو أقل حتى من العدد الذي صفق للرئيس في خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وثمة من الأوروبيين من كان يشترط دعم هذا القرار في الجمعية العامة، بعدم إسراع فلسطين بالحصول على عضوية محكمة الجنايات الدولية، فكان الرد الفلسطيني: "لماذا نحرم من عضوية محكمة الجنايات الدولية، وإذا كان هناك من يتوجب ممارسة الضغوط عليه، فهو إسرائيل، فإذا ما أوقفت جرائمها، فما مبرر التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية؟".

تراجع وضغط عربي في الساعات الأخيرة

كان يمكن للأمور أن تكون أفضل لولا بروز مفاجآت اللحظات الأخيرة، وهذا ما وقع تحديداً في اجتماع لوزراء خارجية الدول العربية انعقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تنصل عدد من الدول العربية من الاتفاق الذي تم إبرامه في إطار لجنة المتابعة لمبادرة السلام العربية في الدوحة بالتوجه إلى مجلس الأمن لطلب عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة.

"اعتقدنا أن تلويحكم بالتوجه مجلس الأمن لم يكن سوى تكتيك، وأن التوجه سيكون إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة" تلك هي العبارة التي كان لها وقع الصاعقة على الوفد الفلسطيني الذي انبرى يشرح للمسؤولين العرب أن التوجه إلى مجلس الأمن هو جزء من اتفاق، وأن هذا هو تحديداً ما ورد في البند الأول من خطة العمل التي تم إقرارها في اجتماع لجنة المتابعة العربية.

كانت المملكة السعودية هي من أبرز المدافعين عن الموقف الفلسطيني في هذا الاجتماع من خلال التأكيد على أن الذهاب إلى مجلس الأمن بطلب عضوية فلسطين هو قرار عربي، بينما صمت وزراء خارجية دول عربية أخرى.

لم يكن لدى أعضاء الوفد الفلسطيني الموجود في نيويورك من تفسير لهذا التراجع من بعض الدول العربية إلا تفسير واحد، وهو أن الولايات المتحدة، التي أخفقت عبر التهديد والوعيد بثني القيادة الفلسطينية عن التوجه إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، طلبت من بعض حلفائها العرب الضغط على الرئيس عباس للتراجع.

لم تقف الأمور عند حد اجتماع وزراء الخارجية العرب، إذ إنه في الليلة التي سبقت توجيه الخطاب، شارك الرئيس عباس في حفل استقبال أقامه أمير دولة قطر لمناسبة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهناك استمع الرئيس بأذنيه لهمس من بعض العرب بعدم التوجه إلى مجلس الأمن وإنما التوجه إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

في مساء ذلك اليوم بدا التعب والإرهاق على الرئيس أكثر من أي وقت مضى، ولكن احتشاد مئات الفلسطينيين من أبناء الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة في أكبر قاعات فندق (ميلنيوم)، حيث مقر إقامة الرئيس، لتأكيد دعمهم للرئيس في توجهه بطلب العضوية إلى مجلس الأمن، كان له أثر مساعد في نفس الرئيس.

في كلمة قصيرة إلى هذا التجمع، قال الرئيس: "قبل أن نأتي ومنذ أن أتينا إلى هنا ونحن نتعرض لضغوط هائلة من أجل أن يثنونا عن قرارنا الذهابَ إلى مجلس الأمن لتقديم طلب العضوية الكاملة، ونحن غداً سنقول: نحن ذاهبون إلى مجلس الأمن من أجل الحصول على العضوية الكاملة". وأضاف: "الإدارة الأميركية، وهذا ليس سراً، عملت كل ما تستطيع من أجل أن تعطّل هذا المشروع من أجل أن لا نذهب، ولكننا ذاهبون دون أي تردد ومستمرون مهما كانت هذه الضغوط ومهما كانت هذه العراقيل التي يضعونها أمامنا؛ لأننا طلاب حق نريد حقنا ونريد دولتنا المستقلة".

الحسم

كان الرئيس عباس يدرك أن هناك من يشكك بأنه سيذهب في نهاية الأمر إلى مجلس الأمن بطلب العضوية وأن إعلانه ليس سوى مناورة للتوجه لاحقاً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على مكانة "دولة غير عضو"، وكان هناك من يقول إنه عقد صفقة مع الولايات المتحدة للتراجع؛ خوفاً من استخدام الولايات المتحدة (الفيتو)؛ ولذلك فقد أراد الرئيس أن يحسم الأمر.

في أوساط الوفد الفلسطيني برزت عدة اقتراحات لكيفية تقديم الطلب، فمنهم من اقترح أن يقدم الرئيس الطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، أما الثاني فهو أن يعلن أمام الجمعية العامة في خطابه أنه متوجه فوراً إلى الأمين العام لتقديم الطلب، والاقتراح الثالث هو أن يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة مباشرةً قبل توجيهه الخطاب، ومن ثم يعلن في خطابه أمام الجمعية العامة أنه تقدم بالطلب ويرفع بيده نسخة منه وهو ما كان.

يقول الرئيس: إنه كان ينظر إلى الزاويتين اليمنى واليسرى للقاعة وإلى وسطها أثناء إلقائه الخطاب، فيجد تعابير التأييد على وجوه الحاضرين، ويستمد التشجيع أكثر فأكثر من خلال التصفيق الحار المستمر.

بكاء ومعانقات وتصفيق

الغالبية من أعضاء الوفد المرافق كانوا في القسم الأعلى من القاعة، فلم يكن بإمكان الرئيس أن يرى وجوههم، كانت لحظات ومشاعر استثنائية، الدموع تسيل من أعين أعضاء الوفد.

ويقول المرافقون الذين تواجدوا مع الرئيس قرب المنصة: إنهم شاهدوا نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، واقفاً يشجع الحاضرين على التصفيق، وأن وزير الخارجية المصري كان يبكي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مندوب لبنان رئيس مجلس الأمن الدولي والكثير من الوفود الأخرى.

مع انتهاء الخطاب ونزول الرئيس من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، تدفّق الحضور باتجاه الرئيس معانقين ومصافحين، فتأخر خروجه من القاعة مدة نصف ساعة إلى حين تمكن من الخروج، وإن كان لم يتمكن من مصافحة كل من قدموا باتجاهه. ولم يستطع أمير قطر ورئيس وزراء تركيا الوصول وسط الحشود لتهنئة الرئيس وسط الحشود إلا بمشقة بالغة.

"حماس" تثير الاستياء

أكثر ما أثار غضب أعضاء الوفد الفلسطيني هو البيانات التي كانت تصدر تباعاً عن حركة حماس، والتي تقلل من شأن الخطوة التاريخية التي قام بها الرئيس دون توجيه، ولو حتى انتقاد واحد إلى خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

لربما ثمة من لم يرضَ عن هذا التوجه، فاتصل نائب رئيس الوزراء الأسبق في حكومة حماس د.ناصر الدين الشاعر هاتفياً مع الرئيس لتأكيد مساندته، حيث قال الرئيس: إن عدداً من رجالات "حماس" اتصلوا هاتفياً معه لمساندته وتحيته على الخطاب.

بيان للرباعية في اللحظات الأخيرة

بالتزامن مع تقديم الرئيس طلب العضوية إلى مجلس الأمن الدولي، صدر بيان عن اللجنة الرباعية من المقرر أن تدرسه القيادة الفلسطينية خلال اليومين القادمين.

في تلك الأثناء، كانت حقائب الوفد الفلسطيني قد حزمت وفي طريقها إلى المطار، ومع غروب الشمس كانت الطائرة قد أقلعت في طريقها إلى الوطن مع توقف قصير في بريطانيا، فوصلت مساء إلى العاصمة الأردنية، ومنها توجه الرئيس، أمس، إلى رام الله حيث جرى الاستقبال الحاشد.

وينتظر أن تعقد القيادة الفلسطينية اجتماعات خلال اليومين القادمين لدراسة الموقف ومجمل المبادرات التي طرحت في الأيام الأخيرة.

عندما سألته عما إذا كان هذا القرار هو الأهم في حياته، فإن الرئيس فضّل عدم الإجابة، ولكن من الواضح أن خطاب الرئيس في الأمم المتحدة كان بمثابة نقطة تحول تاريخية في حياته لها ما بعدها.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required