مفتاح
2024 . الأحد 7 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لم يكن من المتوقع أن يتحمس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للنظر في الطلب الذي قدمه الرئيس محمود عباس لإعلان الدولة الفلسطينية ومنحها العضوية الكاملة، وذلك نتيجة للموقف الأمريكي الذي استمر يجاهر بمعارضة هذا الأمر . ويبدو أن قرار اللجنة المكلفة من قبل مجلس الأمن دراسة الطلب الفلسطيني التريّث في معالجة هذا الموضوع، يأتي كاستجابة إجرائية من أجل تثبيط همة السلطة الفلسطينية، ومن ثم خفض سقف توقعاتها بشأن فرص تحقيق الطلب الذي تقدمت به .

وفي الوقت الذي يمكن للسلطة الفلسطينية أن تتفاءل بخصوص إمكانية نجاح تمرير الطلب المتعلق بالدولة الفلسطينية، خاصة بعد أن حصلت على تأكيدات ثماني دول أعضاء في مجلس الأمن بالتصويت لمصلحته، فإن نجاح سعيها في الحصول على الصوت التاسع المؤيد لطلب العضوية يظل غامضاً، ومن المتوقع أن هذا الصوت سيشكل مربع الصراع الدبلوماسي الذي ستحرص كل من واشنطن وتل أبيب على عدم ذهابه في الاتجاه الذي ترغب فيه السلطة الفلسطينية .

بعد نحو عشرين عاماً من السعي وراء التسوية السلمية من خلال المفاوضات الدبلوماسية، يكاد الصراع بين العرب و”إسرائيل” يقتصر حالياً على نطاق محدود هو الصراع بين الفلسطينيين و”إسرائيل” . وعلى الرغم من ضخامة الخسارة التي يتضمنها هذا الاختزال الموضوعي للصراع القائم في المنطقة، فإن الحقيقة التي ماتزال نافذة هي أن هذا الصراع ممتد من الناحية الزمنية، ويجسد أشكال العنف المعنوي والمادي كافة، ويراكم أبعاداً عديدة من التكاليف السياسية والإنسانية والاقتصادية والمجتمعية التي مايزال الشعب الفلسطيني يتحمل النصيب الأعظم من ويلاتها . وبافتراض وجاهة التركيز على بعد الصراع بين الفلسطينيين و”إسرائيل” من مجمل حقيقة الصراع في الشرق الأوسط، وذلك بعد أن دخلت العديد من الدول العربية في علاقات سلام أو تطبيع أو مهادنة مع تل أببيب، فإن الحافز نحو التحرك من أجل معالجة خطيئة تأييد “إسرائيل” وخذل الفلسطينيين، ما يزال غائباً في العديد من العواصم الغربية، وعلى رأسها واشنطن .

وفق تأكيدات واشنطن، لا توجد حدود للمدى الذي يمكن أن تذهب إليه الولايات المتحدة في دعم مصالح “إسرائيل” وبكافة الوسائل اللازمة . وفي المقابل، وكنتيجة منطقية لمضامين هذا المنطلق الأمريكي المبدئي والمعلن، فإنه لا توجد حدود للدرك الذي يمكن أن تتردى فيه الولايات المتحدة في تجاهل حقوق الفلسطينيين وتحطيم مصالحهم . توجد العشرات من المواقف الدبلوماسية والسياسية التي جسدت من خلالها واشنطن دعمها المطلق للكيان الصهيوني وترجمت بغضها المؤسسي للمصالح الوطنية والإنسانية للشعب الفلسطيني، ويمكن ل “الإسرائيليين” أن يثقوا بقوة في صدقية حرص واشنطن على تجنيبهم تبعات معركة طلب عضوية الدولة الفلسطينية التي تدور رحاها في الأمم المتحدة حالياً .

تصرّ واشنطن على تأكيد أسوأ ظنون الاتهام التي يطلقها ألد أعدائها المعلنين في خصوص تعاملها مع مسألة الدولة الفلسطينية . حين يصرح قائد الدولة الإيرانية السيد خامنئي أن مسعى الفلسطينيين وراء إعلان الدولة في الأمم المتحدة محكوم بالفشل، فإنه يستند إلى الاعتقاد أن التزام واشنطن بدعم تل أبيب سوف يدفع بها إلى إفشال طلب الدولة الفلسطينية مهما كان الثمن، وهو اتهام لا تجد إدارة أوباما أدنى حرج في إقراره . وفي الوقت ذاته، تتجاهل الحكومة الأمريكية النداءات التي تطلقها الدول العربية بخصوص ضرورة دعم مطلب الدولة الفلسطينية وعدم عرقلته في أروقة الأمم المتحدة . تجازف واشنطن بالتسبب في سحق كافة الآمال التي يعلّقها حلفاؤها من الحكومات العربية بشأن التصرف المنصف مع طلب إعلان الدولة الفلسطينية، ولا يكترث البيت الأبيض أو الكونغرس بمحاولة حفظ ماء وجه الدول العربية التي ظلت تسوق أمام شعوبها نهج التسوية السلمية للصراع مع “إسرائيل”، ولا يعتقد الساسة التنفيذيون والمشرعون في واشنطن أن الدعم العربي لهذا النهج طوال عشرين عاماً يستحق مكافأة لا تقل عن دعم طلب إقامة الدولة الفلسطينية .

استمرت واشنطن تتربص لفكرة الدولة الفلسطينية طوال سنوات الصراع، وهي الآن تجتهد من أجل إجهاضها دبلوماسياً في المنظمة الأممية . تريد واشنطن أن تدفع بالفلسطينيين إلى العودة إلى ملهاة المراوغات التي تجيد تل أبيب المناورة في متاهاتها، وهي في جوهرها مهزلة حقيقية ماتزال واشنطن تغالط نفسها حين تصفها بالمفاوضات الدبلوماسية . لقد فقدت دول العالم ثقتها في جدوى العملية السلمية في الشرق الأوسط، وتآكل الالتزام العالمي بها، ولم يعد في إمكان رعاتها اقتراح أية صيغة مؤسسية مبتكرة من شأنها أن تنقذ دبلوماسية السلام التي هلكت منذ أمد طويل ولم يتبق منها ما يستحق أن يجذب الفلسطينيين إليها .

لا تعتقد واشنطن أن هناك ثمناً سياسياً باهظاً يتعين على الولايات المتحدة دفعه كتكلفة لدعمها الكامل وغير المشروط للكيان الصهيوني . لا أحد يستطيع أن يفرض مثل ذلك الثمن، وحقيقة الأمر أن أحداً لم يستطع أن يفعل ذلك خلال أكثر من ستين سنة هي عمر الصراع بين العرب و”إسرائيل” . أسوأ من ذلك، لا يبدو أن ثمة جدلية سياسية يمكن أن تقنع واشنطن بشأن فضيلة دعم حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم الوطنية، أو على الأقل السماح بإقامة مثل تلك الدولة وعدم الاجتهاد في إجهاضها دبلوماسياً . إن المصدر الوحيد الذي ظلت واشنطن تستقي منه القناعات المتعلقة بمساندة “إسرائيل” في جميع الأحوال كان ومايزال محصوراً في تل أبيب . وفي المقابل، لم ينجح العرب في التصدي لمهمة صياغة قناعات واشنطن بخصوص عدالة القضية الفلسطينية وعقلانية التعامل المنصف مع الحقوق والمصالح الفلسطينية . ومن أسف فإن هذا التوصيف المتعلق بمصادر تفكير وسلوك الولايات المتحدة مايزال قائماً ومؤثراً في شأن معالجة واشنطن لطلب عضوية الدولة الفلسطينية .

دار الخليج

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required