مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
فجأة, ودون مقدمات, دعا إيهود باراك, وزير الدفاع الإسرائيلي, إلى استعادة خطة شارون, رئيس وزراء إسرائيل الأسبق, للانسحاب من الضفة الفلسطينية في إجراء أحادي, ودون التفاوض مع الجانب الفلسطيني, أو عقد اتفاقية معه. واعتبر باراك جدار الفصل المبني على طول خطوط 4 حزيران 67, الحدود الجديدة التي يجب الوقوف عندها في الانسحاب, ما يعني ضم قطاع واسع من الأرض الفلسطينية المحتلة إلى إسرائيل, بما فيها القدس الشرقية.

شارون كان قد دعا إلى مثل هذا المشروع. وحين اصطدم بقيادة حزبه في الليكود, انشق عنه, وشكل حزباً جديداً أطلق عليه اسم كاديما. واستند شارون في مشروعه إلى ما يسمى بالافتقار إلى مفاوض فلسطيني يقبل بالشروط الإسرائيلية. غير أن الحقيقة تقول أن خطة شارون للانسحاب من القطاع والضفة من جانب واحد, ودون اتفاقية مع الجانب الفلسطيني, مردها رفض تل أبيب الاستجابة لمتطلبات العملية التفاوضية وشروط التسوية مع الفلسطينيين.

وبالتالي فإن الاعتماد على القوة وفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين, رأى فيه شارون الحل البديل والمخرج المناسب للهروب من استحقاقات العملية التفاوضية.

وكما هو معروف, فقد انسحب شارون من القطاع. وقبل أن يخوض الانتخابات المبكرة لتشكيل حكومة جديدة تبنى مشروعه «الانكفاء» عن الضفة, كما أسماه, حتى ضربه المرض, فورثه على رأس الحزب الجديد, ولاحقاً على رأس الحكومة, نائبه إيهود أولمرت, الذي تبنى هو الآخر خطة «الانفكاء».

تطورات صيف 2006, واندلاع الحرب مع لبنان, أخضعت خطة «الانكفاء». إذ أثبتت وفقاً للمعايير الإسرائيلية أن الانسحاب من لبنان, عام 2000, دون اتفاق مع الدولة اللبنانية, أطلق يد حزب الله في الجنوب, وهو الأمر الذي سيتكرر في غزة, كما في الضفة إذا ما تمّ الانسحاب دون اتفاقات مع السلطة الفلسطينية, تلزمها باستحقاقات تراها إسرائيلية ذات أهمية قصوى لضمان أمنها وأمن حدودها.

السؤال المطروح هو التالي: ما الذي دعا باراك, بعد مرور حوالي سبع سنوات, استعادة خطة شارون للانكفاء من جانب واحد, وما هو الجديد الذي طرأ على الخارطة السياسية والأمنية في المنطقة, بحيث لم يعد «الانكفاء» بشكل خطراً, في المستقبل, على أمن إسرائيل.

الاعتقاد السائد أن ثمة أسباباً مختلفة, بعضها ذو صلة بالعلاقات داخل حكومة نتنياهو وموازين القوى فيها, وبعضها الآخر له علاقة بالتطورات الإقليمية.

في الجانب الداخلي يلاحظ المراقبون أن دخول شاؤول موفاز, رئيس حزب كاديما, إلى الحكومة, أعاد خلط الأوراق فيها. بحيث تقدم موفاز, في الحسابات الحكومية, على باراك, وصار نجم السياسة الإسرائيلية, ما ألقى بالظلال على باراك وأبعده, بشكل أو بآخر, عن دائرة الضوء. خاصة وان باراك, وبعد انشقاقه عن حزب العمل, لم يعد يحتل في استطلاعات الرأي موقعاً متقدماً, كما هو حال نتنياهو أو موفاز, أو رئيسة العمل يحيموفتش. خاصة وان نتنياهو يملك خطة خاصة به للتسوية, مع الفلسطينيين ( الرخاء الاقتصادي للفلسطينيين مقابل السلام).

كما أن موفاز هو الآخر يملك خطة خاصة به للتسوية سبق له وأن طرحها. وكادت أن تنال رضى الحالة السياسية الإسرائيلية على اختلاف اتجاهاتها. وهو أمر بات يتطلب من باراك أن يقدم هو الآخر مشروعاً للحل, مع العلم وأنه هو الذي خاض غمار أخطر مفاوضات وأكثرها جدية مع الفلسطينيين في «كامب ديفيد ـ 2000». وتفيد تجربة باراك من وجهة نظر إسرائيلية, باستحالة الوصول مع الفلسطينيين إلى حل دائم, ودفعة واحدة. تأتي فكرة استعادة مشروع شارون, لتعيد تلميع باراك, فتصبح الحكومة الإسرائيلية ثلاثية الرؤوس, إلى جانب أنها ترد على متطلبات المفاوضات, كما يراها محمود عباس, بالادعاء الإسرائيلي بالافتقار إلى شريك فلسطيني للتسوية.

شارون؟ في الإجابة, يقدر باراك أن ثمة تطورات إقليمية مهمة. ففي لبنان, تراجع حزب الله عن الحدود الشمالية, وتموضعت بدلاً منه قوات للجيش اللبناني والأمم المتحدة (يونيفيل) في حزام أمني, وفّر لإسرائيل هدوءاً أعلى الحدود.

وفي غزة بدأت حماس تنأى بنفسها عن خوض المعارك مع إسرائيل, مثال ذلك التجربة الأخيرة حين مارست حماس ضغوطاً على باقي الفصائل لوقف قصفها للجوار الإسرائيلي. أما في الضفة فإن الأمور مستمرة في هدوئها ولا مؤشرات على أن متغيراً كبيراً سوف يقع.

في كل الأحوال, إذ أخذ مشروع باراك طريقه نحو الحل (وهو الأمر المستبعد حالياً) أم بقي مجرد فكرة تتداولها الأوساط الإسرائيلية, فإن النتيجة التي حققها طرح هذا المشروع أنها رفعت باراك إلى مصاف نتنياهو وموفاز, ووفرت له موقعاً متقدماً في الحكومة الإسرائيلية, كاد أن يطيح به موفاز حين احتل منصب نائب نتنياهو.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required