مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
لم يعد خاف على احد ان المصالحة الفلسطينية ومنذ انطلاقتها قد تخطت حالة "المأزق" وهبطت في تعقيداتها الى مستوى "أزمة مستحكمة" بعد ان ولجت في نفق مفاوضات ماراثونية عبثية وغير جدية طيلة العامين الماضيين لا سيما وان التجربة اظهرت ان المصالحة ليست رهنا بارادة لاعبيها المباشرين "فتح" و"حماس" فقط وانما ايضا بارادة لاعبين آخرين لا يقلون اهمية ودورا في رسم معادلاتها وتحديد شروطها وزمن انعقداها وفي مقدمتهم اسرائيل وامريكا والنظام العربي بشقيه الجديد والقديم.

كما اننا لا نحتاج الى كثير جهد لندرك ان استمرار الاليات المعتمدة حاليا لتحقيق المصالحة فضلا عن الفهم التقليدي لمضامينها واشكالها وتعبيراتها لن تؤدي الا لمزيد من ضياع الجهد والوقت والى مزيد من اليأس والتيئيس وفقدان الثقة لدى الشارع الفلسطيني. فمن نافل القول ان السيناريو المكرر منذ اكثر من عامين يمكن ان يفضي الى نتائج مشجعة او مقبولة لدى الطرفين حتى لو استمر لعشرات السنين وذلك نظرا لغياب الكثير من العوامل والعديد من الاشتراطات الذاتية والموضوعية التي يشكل غيابها تقويض لاية محاولة لرأب الصدع وتسوية الخلافات. ان سيناريوهات الحل الراهنة لا تعالج جوهر الاشكالية وانما قشورها وتفتقد الى الدافعية والارادة السياسية والثقة المتبادلة وتنطوي على اهداف ظرفية تسعى الى امتصاص نقمة الشارع الذي بات شديد الحساسية ازاء الانقسام وغياب المصالحة. واذا كان واقع الحال هكذا..! فما هي الطريق الى المصالحة وما هي الآليات الممكنة للخروج من الازمة؟

وقبل الاجابة على السؤال لا بد وان نعرج على بعض المحددات التي باتت حقائق كرسها الانقسام ولا يمكن القفز عنها:

اولا: الحقيقة الاولى ان "حماس" حققت حلمها في بناء وبسط سلطتها الخاصة على انقاض سلطة "فتح" في القطاع وهو ما تمخض عنه العديد من النتائج التي باتت كسبا حمساويا من الصعب التنازل عنه او المساس به مهما كان الثمن ومهما كانت الوسيلة حتى ان البعض راح يؤصل لتلك المكاسب دينيا وايديولوجيا. لقد تذوقت "حماس" طعم السلطة ومكاسبها المادية والمعنوية كما ازاحت الى امد غير قريب كافة الظروف والممارسات والسلوكيات لا سيما الامنية ضد عناصرها وقياداتها التي سبقت انهيار سلطة "فتح" في غزة فضلا عن ان تلك الحقيقة قد فتحت الابواب على مصراعيها امام "حماس" لتعزيز قواها وحضورها وعلاقاتها عربيا ومنطقيا ودوليا.

ثانيا: ان "فتح"، وهي الطرف المتضرر من الانقسام لخسارتها ساحة غزة، وان بدأت تتعايش مع نتائج الانقلاب فهي ما زالت تتطلع نحو استعادة سيطرتها على القطاع وعدم تشريع ما حصل من خلال اتفاقيات ثنائية غير محسوبة الابعاد والنتائج ولذلك فهي تحاول رفض او المماطلة او التهرب من الاستجابة لاية شروط تحاول "حماس" فرضها في اطار مفاوضات المصالحة كالتنسيق الامني ومحاولات استبعاد الدكتور فياض عن رئاسة اية وزارة توافقية وغيرها من الشروط التي تحمل ابعادا ودلالات مستقبلية وتنطوي على مجازفة في اعطاء الشرعية لما حصل او الاعتراف به.

ثالثا: ان اقصر وابسط الحلول لمصالحة حقيقية تتمثل في الاحتكام الى الديمقراطية وعقد انتخابات رئاسية وتشريعية سريعة وعاجلة في الضفة والقطاع بعيدا عن اية وساطات او تدخلات خارجية وتعطي الشرعية لمن يحصل على ثقة الناخب، غير ان هذا الاستحقاق قد سقط امام التمسك بذرائع واهية والانشداد نحو قضايا تبدو صغيرة وهامشية امام القضية الكبرى ولذلك رأينا ان كافة الحلول والمقترحات التي تم التعامل معها وتداولها حتى الان شكلت في مجملها اما هروب الى الامام واما اغماض العين عن الحقائق والاثار والنتائج التي تكرست على الارض منذ عام 2007 ولذلك فان تلك المقترحات والاتفاقات التي ترتبت عليها جاءت هشة وضعيفة ما لبثت ان تهشمت وتكسرت امام ابسط عقبة اصطدمت بها وامام ابسط تشكيك صدر عن هذا القيادي او ذاك.

رابعا: دخول عناصر جديدة على المشهد العربي والفلسطيني ساهمت في تعزيز حالة الشد والتقاطب بين طرفي الخلاف، ففوز مرشح الاخوان في مصر فسرته حماس على انه فوز استراتيجي لخطها ونهجها وتعزيز وتصليب مواقفها في مواجهة "فتح" بينما شكلت الازمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها السلطة الفلسطينية في رام الله والتي باتت تمس رواتب الموظفين عنصرا جديدا-قديما تدفع السلطة للبحث عن مخارج وحلول خارج نطاق المصالحة الفلسطينية.

الطريق الى المصالحة:

وامام هذه الحقائق العنيدة وانسداد آفاق المصالحة وفق السيناريو الممجوج والمكرر فان الطريق الى المصالحة يقوم على اساس الاقرار بالحقائق التي تكرست على الارض ولا يمكن تجاوزها في الوضع الراهن على الاقل وعليه يمكن اجمال برنامج المصالحة بالخطوات التالية:

اولا: تقسم فلسطين اداريا الى اقليمين: اقليم الضفة واقليم غزة او الاقليم الشمالي والاقليم الجنوبي.

ثانيا: تعتبر الحكومتان في كل من الضفة وغزة شرعيتان بحيث تعلن كل من "حماس" و"فتح" قبولهما بالحكومتين وبصلاحيات لكل حكومة لا تتعدى جغرافيا كل اقليم. كما يعلن الطرفان استعدادهما لقبول انضمام الآخر فضلا عمن يريد من فصائل العمل الوطني الاخرى الى حكومتيهما مع تغيير في طبيعة وماهية ومهام وصلاحيات الحكومتين بحيث تصبح ادارية بحتة ولا تتعدى تصريف شؤون المواطنين والتفاعل مع الهموم العامة وحل المشاكل العالقة بما يخلق ظروف حياتية مواتية ومقبولة للمواطن الفلسطيني وبحيث يصبح بالامكان الاستعاضة عن "الحكومة" بتسمية جديدة "المجلس الاداري المصغر" مثلا في كل من الاقليمين. اما القاعدة البرلمانية للمجالس الادارية المصغرة فهي المجالس الادارية الموسعة (البرلمان المحلي) في كل من الضفة والقطاع والتي يتم تشكيلها بالانتخاب المباشر وبعد سنة من اعلان الاتفاق بحيث يعتبر اعضاء المجلس التشريعي المنتخبون في كل اقليم اعضاء طبيعيون في المجلس الاداري الموسع في كل اقليم لحين اجراء انتخابات المجالس الادارية..

ثالثا: اعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية واعادة بناء مؤسساتها بالتوافق (وليس بالانتخاب) بين كافة فصائل العمل الوطني والاسلامي بما في ذلك انضمام حماس والجهاد الى كافة مؤسسات "م ت ف" (اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي والمجلس الوطني) وتكريسها باعتبارها المرجعية السياسية الوحيدة للعمل الوطني الفلسطيني الذي يضم كافة الوان الطيف الفلسطيني ويتم تثبيت ذلك من خلال اعلان واضح وصريح من كافة الفصائل.

رابعا: الاعلان عن برنامج سياسي متفق عليه "برنامج الحد الادنى" او "برنامج اللقاء والتعايش الوطني" والذي يلتقي في خطوطه العريضة حول الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني كالدولة والقدس واللاجئين والاسرى مع احتفاظ كل فصيل ببرنامجه الخاص فيما يتصل باشكال المواجهة وبما لا يلحق اي اذى او ضرر بالبرنامج الوطني العام.

خامسا: اعادة تثبيت الخطوط الحمراء في العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية والتي تحرم الاقتتال والاعتقالات والتخوين والتكفير.

سادسا: تشكيل مجالس الارتباط الادارية المدنية والامنية الفلسطينية لتنسيق الجهود بين الحكومتين "المجلسين" في اطار تسهيل مهام كل حكومة وفي نطاق القضايا المشتركة.

سابعا: الاعلان عن انتخابات للمجالس البلدية والقروية المحلية في الاقليمين في فترة لا تزيد عن تسعين يوما وتحديد موعد انتخابات المجالس الادارية في موعد اقصاه عام من تاريخ التوقيع على الاتفاق.

* كاتب فلسطيني يقيم في مدينة بيت جالا. -

khader.abbara@gmail.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required