مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
ترجمة: نوري عبد الرحمن

الحظر أو الحصار؛ المصطلح الشهير الذي يحبذه المحاصرون أنفسهم، يحرم الفلسطينيين في قطاع غزة من حقوقهم الإنسانية والوطنية أي يحرمهم من حقهم في العيش كبشر.

لم يستطع الحظر من ناحية أخرى، تحقيق أي من الأهداف التي وضعها المحرضون كمبرر له؛ فهو لم يتمكن من إيقاف الإطلاق المتقطع للصواريخ على جنوب إسرائيل، وهو أيضا لم يسقط حماس من السلطة، أو يمنع جماعات المقاومة المسلحة من إستقطاب أعضاء جدد، بل بالعكس؛ فما يصطلح على تسميته بإقتصاد الأنفاق، وهو أحد نتائج الحظر، يساهم في إثراء المجرمين والماسكين بالسلطة على حساب وضع إقتصادي منهار ورجال أعمال فقدوا كل شيء.

الشيء الوحيد الذي نجح فيه الحظر، بكل تأكيد، هو تعميق المرارة والريبة في كلتا جهتي الجدار الذي يسيج مع البحر، الممنوع على الفلسطينيين دخوله، قطاع غزة الصغير.

والسؤال هو ليس لماذا ينبغي أن يرفع الحظر بل لماذا لم يرفع لحد الآن؟!

لماذا تتشبث الحكومة الإسرائيلية بهذه السياسة غير الإنسانية وغير القانونية والمدمرة لكل الأطراف؟ ولماذا يسمح المجتمع الدولي الذي يتشدق بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بإستمرار الحظر؟!

دعوني أشير إلى ثلاثة عوامل قد تسلط الضوء على هذا اللغز..

العامل الجيوسياسي: لقد شعر الكثيرون بالدهشة والغضب من قرار الحكومة اليونانية، في الصيف الماضي، القاضي، بكل بساطة، بمنع كل السفن المتوجهة إلى غزة من مغادرة الموانئ اليونانية، بغض النظر عن العلم الذي ترفعه، و لم يصدق أحد التبرير القائل بأن القرار صدر مراعاة لأمن الركاب، وعوضا عن ذلك، فإن الفكرة التي تبادرت إلى الأذهان هو أن الحكومة اليونانية رضخت للضغوطات الشديدة الواقعة عليها، وأن إسرائيل قد قامت بتوسعة سياسة الحظر وأنها، منذ الآن، تعتبر كل منطقة شرق المتوسط مياهها الإقليمية؛ "بحرها الخاص"..!!

لم تكن هذه الفكرة عشوائية، كما تبدو، ففي صباح آخر يوم من شهر مايو/أيار 2010 هوجمت النسخة الأولى من "سفينة إلى غزة/ أسطول الحرية" في عمق المياه الدولية من قبل قوة عسكرية إسرائيلية، وهي هجمة أدت إلى مقتل تسعة أشخاص وجرح أكثر من خمسين آخرين.

بعد مرور بضعة أيام على الهجوم أعلن عن إكتشاف حقل كبير من الغاز في شرق البحر المتوسط، أطلق عليه إسم الوحش البحري في العهد القديم "ليفياتان"، سيقوم هذا الحقل، حسب التوقعات المتفائلة، بتحويل إسرائيل من مستورد إلى مصدر للطاقة لعقود مقبلة، من المسلّم به أن إكتشافات الغاز، في حالة موافقتها للتوقعات، ستغير الخريطة الجيوسياسية في المنطقة، و ستعني مداخيل للدول المطلة على شرق البحر المتوسط، بما فيها فلسطين، بشرط أن تكون دولة قائمة و لديها سواحل على البحر الأبيض المتوسط.

توحي إكتشافات الغاز بوجود دوافع أخرى لقيام إسرائيل بالتوسعة التعسفية لمنطقتها الامنية في البحر المتوسط، غير تلك العسكرية البحتة، و التي تمت بالتزامن مع تقييد حرية حركة الصيادين الفلسطينيين في غزة إلى ثلاثة أميال بحرية.

سياسة الفصل: السياسة الإسرائيلية في مواجهة الأراضي الفلسطينية المحتلة ليست هي نفسها في كل مكان؛ ففي الضفة الغربية تتميز هذه السياسة بالإستيطان الذي يمزق المنطقة إلى جزر منفصلة لا يمكن التغاضي عنها، فالمستوطنات والحواجز والطرق السريعة المخصصة للمستوطنين تمزق حياة وأعمال الفلسطينيين، وتقوم هذه السياسة الثابتة بالبناء بطريقة تمنع فرصة قيام فلسطين مترابطة ومستقلة.

أما بمواجهة غزة فتطبق إسرائيل سياسة الفصل، حسب تعبير المنظمة الإسرائيلية لحقوق الإنسان "غيشا"، وجذور هذه السياسة أعمق بكثير من ترك المستوطنات سنة 2005، أو تشديد الحظر في سنة 2007، حيث أنه يمكن للأشخاص من الضفة الغربية الحصول على تصريح للسفر إلى غزة والعكس شبه مستحيل، وبينما يسمح بالتجارة بين الضفة الغربية (وليس من المستوطنات فقط) وإسرائيل فإن التجارة بين غزة وإسرائيل وبين غزة والضفة الغربية شبه منعدمة.

لقد قامت سياسة الفصل بتحقيق نجاحات واضحة في اللغة، فهناك عدد متزايد يتحدث في السنوات الأخيرة عن "الغزيين" و"غزة" عوضا عن "الفلسطينيين في قطاع غزة" كجزء مفهوم من الأراضي الفلسطينية. ("Gazans" (بالإنكليزية ويعمل الإنقسام الحاصل بين "فتح" و"حماس" على تعميق هذه النزعة.

يجب على العالم ومثل هذه المبادرات كـ "سفينة إلى غزة" الإنتباه فالدفاع فقط عن علاقات قطاع غزة المفتوحة مع بقية العالم دون بقية فلسطين، يمكن في الواقع أن يساهم في سياسة الفصل.

وفي المحصلة، فإن إستيطان الضفة الغربية وفصل غزة، يعطي صورة واضحة للذي يهدف إليه الإحتلال وهو إنهاء حلم قيام دولة فلسطين الحرة والمستقلة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية لمرة واحدة وإلى الأبد.

سياسة الإحتلال بما فيها الحظر تهدف إلى إستحالة حل الدولتين "على الأرض" وهو الحل الذي يدعمه كل المجتمع الدولي والذي يوجه المساعدات تحت مسمى "عملية السلام" التي يتم الإشادة بها في الخطابات والمحافل الدولية.

سياسة المساعدات: المنظمات التطوعية والكنسية والخاصة وشبه الحكومية والمتعددة الجنسية التي تقوم بالجزء الأكبر من الجهد الإغاثي معرضة لضغوطات كبيرة من دولها وخاصة مما يسمى بالرباعية، وهي التي تتحكم في طريقة تعامل المجتمع الدولي مع المنطقة، والتهديد بإيقاف المعونات أو بكل بساطة تجريمها، قد يخيف ويجبر على الصمت والرضوخ.

ورغم المخاطر فإن المنظمات الإغاثية تتخلى عن صمتها بإنتظام، وتشير إلى عواقب، لا يمكن تحملها، يتسبب بها الحظر وتطالب بإتخاذ إجراءات من أولئك الذين يتحملون المسؤولية السياسية، وقبل فترة وجيزة طالبت 50 من أكبر منظمات الإغاثة وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية برفع الحظر فورا.

قامت منظمة حقوق الإنسان الفلسطينية، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، العاملة في غزة والمحترمة بشكل كبير، بالإشارة حديثا إلى معضلة التعاون الدولي في مجال المساعدات، عبر تحمل العبء الذي يجب على إسرائيل تحمله فيما يخص مسؤولياتها طبقا للقانون الدولي الإنساني تجاه السكان المدنيين، فإن المساعدات تعمل في الواقع كممول للإحتلال ومخفف عنه، وبدون منح سيبدو الوضع في غزة، في غضون وقت قصير، كارثيا، كما هو فعلا.

والوضع مناف للمنطق حقيقة فحل الدولتين في إسرائيل وفلسطين يبرر أحد أكبر برامج المساعدات في التاريخ، تقوم سياسة الإحتلال الإسرائيلي على القصف والحظر والإستيطان ونسف حل الدولتين، هذا التدمير المنهجي للبنية التحتية الفلسطينية، والذي إستمر بدرجات متفاوتة، منذ عقود، وبقوة كاملة منذ سنة 2000، يرقع ويصلح بالمساعدات الدولية، تلك التي يتحملها دافعو الضرائب في بقية دول العالم..

هذا التدمير المبتكر هو ما يطلق عليه زعماء العالم إسم "عملية السلام" و"خريطة الطريق للسلام".

تقترح مبادرة "سفينة إلى غزة" مسارا آخر، نرسل إلى الفلسطينيين في قطاع غزة تحية مع المركب الشراعي "أستل": أنتم لستم لوحدكم و لستم منسيين، الوضع قاتم، ولكن ليس ميؤوسا منه.

ونرسل إلى قادة العالم عبر "أستل" رسالة واضحة: إجعلوا أعمالكم تصل إلى مستوى حديثكم عن حقوق الإنسان، إرفعوا الحظر كخطوة أولى على طريق السلام والعدالة الحقيقيين.

* الناطق الرسمي بإسم مبادرة "سفينة إلى غزة" – السويد. - ---

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required