مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

أَصْدر مثقفون عرب العديد من الدراسات حول صورة العربي في الذهنية الصهيونية وأدبيات تعليمية وتربوية منذ رُفع شعار إعرف عُدُوّك .

وكان الشهيد غسان كنفاني أحد رواد هذه الدراسات، لكن نادراً ما جاء الاعتراف بهذه الصورة من داخل الاحتلال، رغم وفرة ما يكتب من نقد للمؤسسة العسكرية والجنرالات، وما نُشر مؤخراً في يديعوت أحرونوت بقلم إيتان هابر نموذج لتلك الاعترافات . فالعرب كما ورد في المقالة أعداء لليهود بلا أي استثناء، كما أنهم أغبياء وقاصرون عقلياً بلا أية استثناءات أيضاً، هذا هو السائد في تلك التربويات رغم أن هناك سلسلة لا آخر لها من المواقف برهنت على خطأ هذا التصوّر، كما ورد في مقالة “هابر” .

وقد أسهت أفلام هوليوود التي افتضحها الممثل الراحل مارلون براندو في تسويق هذه المفاهيم المضللة، كما حاولت الميديا المؤدلجة والمسلحة بالمال والنفوذ ترسيخها، لكن سرعان ما انقلب السحر على السحرة، كما يُقال وتأكد العالم من أن العرب ليسوا كما صَوّرهم المستشرقون، وأخيراً الإعلام الصهيوني . لأن النماذج التي تتفوق منهم على مستوى عالمي تُعبّر عن المجالات العلمية والفكرية كلها، فالأغبياء لا يحصلون على أعلى الجوائز من طراز نوبل . ولا يكون من بينهم أطباء ومهندسون ومفكرون عابرون لكل الحدود واللغات، وهذا ما ترتكز إليه مقالات مثل مقالة هابر في يديعوت أحرونوت، فكل خديعة لها عُمْر، وكُل تضليل له نهاية، ومن المفارقات أن يأتي النذير بهذه النهايات من داخل الدولة العبرية ذاتها ليكتشف من يحاول احتكار الذكاء والمعرفة، وحتى دَوْرَ الضحية بأنه آخر من يعلم بما حَل بأوهامه، وحين تنتهي مقالة بالعبرية في واحدة من أكثر الصحف انتشاراً بعبارة: كم نَحنْ مخطِئون، فذلك يتجاوز الاعتذار إلى الإدانة، ويتخطى نقد الذات إلى ما يقارب التوبيخ والتقريع، لأن الأغبْى هو من يتصور بأنه المنفرد في الذكاء، وقد يصدق هذا على القبيح الذي لا تعكس المرايا صورته الحقيقية فيرى القرد نفسه غزالاً كما يقال في الأمثال .

لكن الشواهد التي تقدمها المقالة عن ذكاء العرب الذي تحول إلى صدمة لدى بعض اليهود هي اتقان المفاوضين العرب للغة الانجليزية، فهم كما تصفهم المقالة ينافسون في اتقانهم لهذه اللغة أصحابها، وحقيقة الأمر أن ذكاء العرب لا يختزل في اتقان لغات أخرى أو حتى في التفاوض مع الآخر، وهذه مسألة تحتاج هي الأخرى إلى تبديد الالتباس حتى بالنسبة للمثقفين اليهود أمثال هابر الذين اكتشفوا خديعة احتكار الذكاء . ذكاء العربي وإبداعه ومجمل اسهاماته في الثقافة المعاصرة لا يتلخص في أمور من هذا الطراز التقَنيّ، بل يشمل كل مجالات التعبير والاكتشاف والإضافة، فإدوارد سعيد قد يَحْسِدُه على لغته الانجليزية أهل أكسفورد وكامبردج وهارفارد وكولومبيا . لكنه كان مفكراً وليس مفاوضاً بل هو ضد التفاوض بالطريقة التي تم بها في أوسلو وأصدر كتاباً مضاداً . وإن كان هناك من صدمات يمكن رصدها لدى مَنْ يزعمون التفوق واحتكار الذكاء فهي ناجمة عن أمور أبعد وأكثر تعقيداً من كل هذا .

ورغم أن العلم الحديث أسقط إلى الأبد خرافات التفوق العنصري والدم الأزرق إلا أن هناك من توقفوا عن النمو عند مراحل من التاريخ فأصبحوا ضحايا لجهلهم وَعَماهم، وعليهم أن يهيئوا إذا استطاعوا مصدات للصواعق الصادمة .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required