مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

في الأسابيع الأربعة الأخيرة، استقبلت تل أبيب معظم كبار المسؤولين في إدارة الرئيس أوباما: وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ونائبها وليم بيرنز، ووزير الدفاع ليون بانيتا، ومستشار الأمن القومي توم دونيلون، إضافة إلى بعض كبار القادة العسكريين الأمريكيين، ولم يبق إلا أن تستقبل الرئيس باراك أوباما نفسه حتى يتم إغلاق الدائرة . كل تلك الزيارات استهدفت، كما أعلنت المصادر وثيقة الاطلاع، إقناع القيادة “الإسرائيلية” بعدم الإقدام على هجوم ضد إيران للقضاء على برنامجها النووي، وتأجيله إلى العام المقبل، بحيث تكون إدارة أوباما قد فرغت من ضغوط الانتخابات الرئاسية . لكن كل تلك الزيارات، وكما أشارت وسائل الإعلام وبعض تصريحات أولئك المسؤولين، لم تفلح في إقناع القيادة “الإسرائيلية” بوجهة النظر الأمريكية، وراج حديث عن “خلافات” بين الإدارة الأمريكية والحكومة “الإسرائيلية”، إلى حد احتمال قيام مواجهة بينهما على خلفية هذه الخلافات . إن أحداً لا يستطيع أن يجزم بمدى جدية هذه “الخلافات” التي روجت لها المصادر “الإسرائيلية”، وما إذا كانت حقيقية أو نوعاً من توزيع الأدوار بين الدولتين الحليفتين . كذلك ليس في الإمكان تأكيد أو نفي ما إذا كانت هذه الخلافات لمجرد الضغط على أوباما، في عز حملته الانتخابية، أو هي من أجل استغلال فرصة لابتزاز هذه الإدارة من أجل الحصول على المزيد من المطالب والمساعدات، خصوصاً أن أوباما وقع، في نهاية يوليو/ تموز الماضي، ما سموه “قانون تعزيز التعاون الأمني” مع “إسرائيل” الذي وصفه المراقبون بأنه قدم لها من خلاله “دعماً عسكرياً غير مسبوق” . وقد اعترف وزير الدفاع “الإسرائيلي”، إيهود باراك، في مقابلة مع (سي إن إن 31-7-2012)، بأن إدارة أوباما هي الأفضل بين كل الإدارات الأمريكية من حيث دعمها ل”أمن إسرائيل”، قائلاً: “هذه الإدارة بقيادة الرئيس أوباما، في ما يتعلق بأمننا، تقوم بأمور أكثر من أي شيء آخر يمكنني أن أتذكره في الماضي” .

وفي زيارته الأخيرة إلى تل أبيب، قال وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا في مؤتمر صحفي: “في كل ما يتعلق بإيران، لن نسمح لإيران بتطوير سلاح نووي، نقطة أول السطر . لن نسمح لهم بتطوير سلاح نووي، وسنستنفد كل الخيارات في مساعينا لضمان عدم حدوث ذلك” (الصحف 1-8-2012) . بالرغم من هذا التأكيد، وبعد لقائه بانيتا، قال إيهود باراك للصحفيين: “لقد أوضحت أن الحكومة “الإسرائيلية” وحدها هي من سيتخذ القرار في كل ما يتصل بجوهر القضايا الأمنية ل”إسرائيل” (الصحف 1-8-2012) . في كل الأحوال، من الواضح، وكما يكرر المسؤولون الأمريكيون و”الإسرائيليون”، أن “الخلاف” بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو ليس على الموقف أو على الهدف النهائي، بل ينحصر الخلاف حول ما يسمونه “الجداول الزمنية”، أي على مسألة التوقيت . وفي هذا الوقت المعروف فيه أن القدرات العسكرية “الإسرائيلية” تظل أقل بكثير من القدرات العسكرية الأمريكية، وأن “إسرائيل” لا تقدر على مهاجمة إيران من دون دعم ومساندة أمريكية، الأمر الذي يفترض أن يتكيف “الجدول الزمني “الإسرائيلي”” ليتوافق مع “الجدول الزمني الأمريكي”، إلا أن التصرفات “الإسرائيلية” واللغة المستعملة مع الإدارة الأمريكية تترك الانطباع بأن العكس هو ما يكون وما يجب أن يكون . في هذا الوقت، وفي آخر تصريحاته أثناء زيارة له قام بها إلى أفغانستان، قال الجنرال ديمبسي، رئيس هيئة الأركان الأمريكي، للصحفيين: الولايات المتحدة ليست ملزمة بالضرورة بتأييد هجوم قد تشنه “إسرائيلي” ضد إيران، وشدد على أن “إسرائيل” غير قادرة وحدها القضاء على المشروع النووي الإيراني، ما اعتبره “الإسرائيليون” مساً بقوة الردع “الإسرائيلية” . لكن رئيس الاستخبارات العسكرية “الإسرائيلية” السابق، عاموس يادلين، كتب مقالاً نشرته صحيفة (“الواشنطن بوست” 17-8-2012) رأى فيه أنه مطلوب من الولايات المتحدة إقناع “إسرائيل” بوجهة نظرها، ودعا فيه أوباما لزيارة “إسرائيل”، وقال فيه: إن الطريقة الوحيدة التي يمكن لأوباما أن يقنع القيادة “الإسرائيلية” بتأجيل الهجوم على إيران هي إقناع “إسرائيل” ودول الخليج وإيران نفسها بأن “عملية عسكرية أمريكية هي خيار موثوق وناجع” . وأشار إلى أن زيارة يقوم بها أوباما لتل أبيب وتصريحا أمام الكنيست بهذا المضمون، سيكونان مجديين أكثر من الرسائل التي يبعث بها المسؤولون الأمريكيون من خلف الأبواب المغلقة .

هكذا دائماً رأى “الإسرائيليون” المسألة، على الأمريكيين أن يكيفوا مواقفهم وسياساتهم حسب الخياط “الإسرائيلي”، بصرف النظر عن الاختلاف أو الاتفاق معه، وهكذا جرت الأمور في معظم الأوقات . ويجب ألا يستغرب أحد ذلك، لأن “أحصنة طروادة” “الإسرائيلية” كانت دائماً متوافرة في واشنطن، تسمح بابتزاز الإدارات الأمريكية بل وتتحكم عملياً في قراراتها طالما تعلقت ب”إسرائيل” والشرق الأوسط . فبالتزامن مع مقال يادلين، نشرت “نيويورك تايمز” 17-8-2012) مقالاً لدينيس روس، أحد كبار المسؤولين في مجلس الأمن القومي الأمريكي وأحد “كبار الخبراء” في شؤون الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني، اقترح فيه على إدارة أوباما أن تزيد من المساعدات العسكرية الخاصة ل”إسرائيل”، وذلك “تهدئة للقيادة “الإسرائيلية”” ولإشعارها أن شباك الفرص العسكرية ضد إيران لم يغلق، ولأن هذه المساعدات من شأنها أن تسمح بتأجيل الهجوم إلى العام المقبل في حال اقتضت الضرورة . وبذلك يحصل توافق في الجداول الزمنية الأمريكية و”الإسرائيلية” . ليس صحيحاً أن العلاقات الأمريكية “الإسرائيلية” على وشك الوقوع في مواجهة، بل إن الوضع كما نراه يعيد طرح السؤال القديم الجديد: من يحكم من؟

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required