مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

ليس مثيراً للاستغراب، بقدر ما هو مثير للإدانة والاشمئزاز، قرار المحكمة “الإسرائيلية” التي نظرت الثلاثاء، دعوى “مدنية” رفعها والدا الناشطة الأمريكية ريتشل كوري، التي اغتالتها قوات الاحتلال في قطاع غزة، دهساً بجرافة كانت تهدم منازل الآمنين العزل من الفلسطينيين، رفض الدعوى بحجة أن “الإهمال” الذي اتهم به المدعون جيش الاحتلال وسائق الجرافة، وتسبب بمقتل الناشطة، عنصر “غير موجود” بالأساس في القضية، وأن الناشطة التي قضت تحت سلاسل الجرافة أقدمت على “فعل خطر” على سلامتها الشخصية .

وليس مستغرباً ردّ فعل الوالدين اللذين كافحا على مدى أكثر من عامين لرفع الدعوى أمام محاكم الكيان، لكن المستغرب يكمن في أن والدي ناشطة مناصرة للشعب الفلسطيني وحقوقه ومناهضة لأبشع احتلال عرفه تاريخ البشرية، سعيا منقادين خلف تضليل الدعاية الصهيونية وإعلامها الذي ينتهجه الكيان في العالم، من خلال المزاعم الكثيرة عن كونه “واحة لحقوق الإنسان والديمقراطية”، مختصمين طرفاً هو الخصم والحكم في الآن ذاته، وهو الذي يشرعن يومياً قتل الفلسطينيين، واغتيال أطفالهم ونسائهم، وقياداتهم السياسية والميدانية، وهو الذي يطلق العنان لغلاة المستوطنين ورعاعهم لنهب المزيد من الأراضي المحتلة، والاعتداء على القرويين الآمنين في منازلهم، وحرق زيتونهم ومحاصيلهم، وهو الذي يضع القواعد والمبادئ للتقاضي بناء على رؤية لا تقل عنصرية ولا ظلماً عن أي احتلال كولنيالي يضرب رقاب الشعب المحتل بالأحكام العسكرية الجاهزة مسبقاً .

الخصم هو الحكم أيها الأبوان المكلومان، ولعل الشعب الفلسطيني يدرك هذه الحقيقة جيداً، لأنه اكتوى بنارها عقوداً طويلة، ورزح تحت مقصلتها التي لا ترى محرّماً ولا مجرّماً إلا الفلسطيني المدافع عن حقوقه والمتمسك بأرضه .

أكثر ما يثير الاشمئزاز في هذه المحكمة الاحتلالية الساقطة أخلاقياً وقانونياً وإجرائياً، أنها دفعت عن جيش الاحتلال وجزاريه التهمة وحولتها إلى الناشطة الراحلة، وحاولت من خلال ما ادعت أنه “حكم” تصويرها وكأنها فتاة أقبلت على “الانتحار” عن سبق إصرار، وكأنها بهذه المهزلة تحاول أن تصدّر الرسالة التالية إلى كل المناصرين للقضية الفلسطينية والمناهضين للكيان، بأن ما ينطبق على الفلسطينيين ينطبق عليكم إذا تبنيتم قضيتهم، وليس فقط إن دخلوا أرضهم المحتلة، وحاولوا بكل سلمية الوقوف في وجه آلة الاحتلال المدمرة .

كان حرياً بوالدي هذه المناضلة الأمريكية أن يتوجها بقضيتهما إلى لاهاي، إلى المحكمة الجنائية الدولية، كونها المخولة قانوناً وعرفاً النظر في مثل هذا الانتهاك البالغ لأبسط وأول مبادئ حقوق الإنسان، وكون المتورط فيها كيان أقذع في ارتكاب الجرائم العابرة للحدود والقارات، وجرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، وتدمير التاريخ الثقافي لأمة ورثت أمماً عريقة توالت على أرض فلسطين التاريخية .

كان على الأبوين كوري أن يدركا أن قضيتهما التي حاولت “إسرائيل” إماتتها بالمماطلة والتسويف، كما هو الحال في أية قضية تدين الكيان، لن تلقى العدالة هناك، ففي الكيان كل شيء ممكن، إلا وجود العدالة، فهي قناع مزيف وضع لتجميل وجه الكيان القبيح، ودعاية جوفاء تتنافخ بها “إسرائيل” أمام الغرب .

الاستئناف لا يجب أن يتم أمام الخصم - الحكم ذاته، على الأقل على العائلة الأمريكية نقل القضية إلى الجهاز القضائي في بلادها، إن كانت غير قادرة على تدويل المسألة، وعليها أن تصل إلى مرحلة الإيمان، بأن ما أخذه الكيان بيد القتل والتنكيل والإجرام، لن يعود بأيدي عدالة ملفقة، صممت خصيصاً لإدانة الضحية وتبرئة الجزار، وعند هذه النقطة من اليقين، ستعرف أسرة كوري إلى أين الاتجاه .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required