مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

الشق الفلسطيني من سر اغتيال الشهيد الرمز ياسر عرفات، ليس في القبر. هذا ان انطلقنا من حقيقة أن الرجل قضى مسموماً، وأن لا موجب للتعاطي مع هذه الحقيقة باعتبارها فرضيّة، لكي يتعيّن أن نفتح قبره لكي نتقصاها!

أما الشق الفلسطيني من سر الاغتيال، فهو يتعلق بما في مقدورنا أن جرّهم لكي يمثلوا أمام العدالة وينالوا جزاءهم مهما كانوا. ويقتضينا المنطق، أن نرجّح رأي د. ناصر القدوة، الذي عبّر باسم العائلة، عن عدم الرغبة في فتح الضريح. ويقيني ان ضالعين في الجريمة، ما زالوا ناشطين بيننا، لا سيما أن بعض الخيوط التي ظهرت، ومن بينها اختفاء شهود، ما يستوجب تحقيقاً تتيحه القيادة السياسية للجنة المختصة التي يرأسها أخونا توفيق الطيراوي. وهنا لا بد من تحقيقات يُجريها مختصون، تتناول المترددين على الرئيس الشهيد في ساعات تحددها اللجنة قبل وبعد وقوع التسميم، وتتناول كذلك المحيطين بالزعيم الفلسطيني والعاملين معه في الادارة والخدمات والمرافقة. أما كون المحتلين، هم مركز انطلاق عملية الاغتيال، وأنهم المعنيون به؛ فهذه حقيقة لا يزيدها وضوحاً، تحديد نوع السم أو قوة الجرعة. بل ان هذه الطريقة، تجعلنا كمن يفتح خارطة كبيرة لسوريا مثلاً لكي يفتش عن موقع الحسكة، فيبدأ من ريف درعا. فالحسكة بالنسبة لنا معلومة المكان، ورأس أفعى الجريمة، هو حكومة اسرائيل. ومثلما ان للصفاقة فوائدها أحياناً؛ كانت صفاقة الاستقواء العسكري للمحتلين الأوغاد، جعلتهم يعلنون بوضوح، عن نواياهم حيال الزعيم الفلسطيني، قبل الاغتيال. فقد صرحوا أن على عرفات أن يغيب، وأن أيامه معدودة، وأنه بات غير ذي صلة. وعلى هذا الصعيد، هناك عشرات الاشارات، منها ما هو عبارة عن تصريحات اعلامية، ومنها ما هو اشارات ترقى الى مستوى القرائن، جاءت من خلال اتصالات.

هناك أيضاً، جريمة تفرعت عن الجريمة. وهي تغييب الخطة التفصيلية والجادة التي كان يُفترض وضعها، لعملية التحقيق، بحيث تتسع دائرة ملاحقة الشبهات والقرائن، لكي تشمل الاقليم العربي كله، وتتناول مجموعة الاتصالات العربية التي سبقت عملية التسميم، وتضع الاشكاليات التي نشأت في تلك الفترة، كفرضيات للتقصي. فأبو عمار مثلاً، كان في موضع اللوم من قبل بعض زعماء الجوار، وحمّله الرئيس المصري السابق مبارك مثلاً المسؤولية عن انهيار العملية السلمية وانفجار «العنف» وهذه حقيقة يعرفها كثيرون ممن حضروا مع «الختيار» اجتماعات مع مبارك، وكان ذلك الرجل في الأيام الأخيرة، يلوّح بـ «رفع الغطاء» عن ياسر عرفات ان لم يستجب للأجندة الأمنية الرامية الى استعادة الهدوء. لهذا كان الشهيد ياسر عرفات، يحاول استرضاء الرئيس المصري، بتكرار وصفه في مواقف تنقلها وسائل الاعلام، بـ «الرئيس المبارك». وكان بشار الأسد، يؤلب عمه مبارك على «الختيار». وفي احدى الوقائع، نقل اليه فحوى أحاديث ثرثر بها زائرون لدمشق، من جماعتنا، كانوا ينافقون النظام السوري؛ نقلوا على لسان أبي عمار قوله انه يراوغ مبارك و«يلعب» عليه. وكان الضالعون في الأمر، سواء بالتحريض أو بالضلوع الفعلي في الجريمة، حريصين جميعاً على المشاركة في الحلقة الثانية من تشييع الشهيد الرمز، اذ خفّ بشار الاسد، الى القاهرة، لحضور الجنازة المصرية، وشارك مع الحاضرين ومعظمهم ضنّوا على الشهيد بمكالمة هاتفية أثناء حصاره، بل ان بشار، أطول المشيعين، كان قد أمر تابعه الياس الهراوي، رئيس لبنان آنذاك، بأن يمنع ظهور الرئيس المحاصر، أمام قمة بيروت العربية، عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»!

كان واضحاً أنهم شيّعوا الرمز الثوري العربي، بتلك الحفاوة المرتبكة، مدفوعين بأحاسيس شتى، هي خليط من مشاعر المُريبين ومقاصد المخادعين!

* * *

في هذا المكان، من صحيفتنا الباسلة «الحياة الجديدة» نشرت في يوم 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2005 أي قبل سبع سنوات وشهر، السطور التالية، بعنوان «أبو عمار بعد عام على التسميم: ضرورة التحقيق على كل الخطوط» وكان النص كالتالي:

(ان أفضل تكريم للرئيس الشهيد ياسر عرفات، مع اقتراب ذكرى رحيله الأولى، وبعد أن انقضى عام، على بدء مفاعيل السم، اثر عشاء أو دواء يوم 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2004 هو أن تبدأ عملية تحقيق فلسطينية، وأخرى دولية نطلبها رسمياً، لكي نعرف من هم المجهولون حتى الآن، الذين ساعدوا القتلة المعلومين. فمن خلال استعادتنا لأرشيف الأخبار، نكون بصدد مجرمين أعلنوا صراحة عن اقتراب موعد الجريمة، وقالوا ان أيام الرجل معدودة، وبالتالي ان كل ما نريده، على الأقل لكي نحترم أنفسنا، هو التأطير القانوني الدولي والسياسي، لفرضية التسميم، لكي لا نكون مستسلمين بجُبن، لمؤامرة التصفية، أو مضروبين على قفانا، نتلهى عن اليقين وعن الحقائق الدامغة، بالنميمة، ولكي يصبح للادانة مفاعيلها السياسية والدولية. ونقول بصراحة للساكتين على هذا الموضوع، ان سكوتهم لن يُحسب لهم، حتى عند القتلة وعند مؤيدي القتل، وانما يُحسب عليهم، لأن من يتهاون في مسألة قتل الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، فتغلبه مشاعره المضادة للراحل الكبير، الذي كانت له أخطاؤه التي صارحناه فيها في حياته كتابة وشفاهة؛ يكون قد حكم على نفسه بالتفاهة، ويكون الآخرون، قد اعتبروه مستهتراً بالمنعطفات التاريخية لشعبه، ويكون شخصاً بلا وفاء، طالما أنه استهان بجريمة، طالت الرجل الذي كان يمنح كل الأدوار، فيخطئ ويُصيب. ولن يكون رأسمال الساكتين على الجريمة، من الفلسطينيين، وهم المتحايلون على الوقت والمراهنون على النسيان، الا مجرد قصاصة ورق، يقول الأميركيون لهم فيها: غوروا من الساحة، فيغورون!

التحقيقان الفلسطيني والدولي في جريمة تسميم أبي عمار، ينبغي أن يكونا على خطوط عدة: الخط الطبي والسريري البحت، الخط الأمني والتهديدات، الخط السياسي وحيثيات إقليمية ودولية، الخط المالي والاداري، لكي يعرف الشعب الفلسطيني، وتعرف القيادة الفلسطينية، من هو الاسخريوطي المعاصر، أو من هم الاسخريوطيون الجدد، الذين استلهموا تجربة الاسخريوطي الأول، الذي باع المسيح عند أول كوع، وكان الغدر من حيث لا يحتسب المسيح. فمن يخن مرة، يخن ألف مرة. ومن يخن ياسر عرفات صاحب الفضل عليه، يخن اللاحقين ممن لا فضل لهم عليه).

وفي خاتمة تلك المقالة، كتبت فقرة حول الخط المالي والاداري، قدّرت أنها ستفيد، وكان ذلك قُبيل الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الزعيم الرمز ياسر عرفات. كنا نتطلع الى تحقيق على كل الخطوط، ودعونا من هذا المنبر، الى تأطير سياسي ودولي للجريمة، وهذا ما نحاول أن نفعله اليوم بعد ثماني سنوات من الرحيل!

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required