مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

عندما توفي الرئيس التركي الأسبق تورغوت أوزال في إبريل/نيسان ،1993 كان الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات يعيش الذكرى السنوية الأولى لنجاته من حادث سقوط طائرته في الصحراء الليبية التي ابتلعت آلاف الاستعماريين الإيطاليين . في هذا الوقت كان عرفات أيضاً يشرف على مفاوضات سرية كانت تجري مع “إسرائيل” في النرويج، وأسفرت لاحقاً عن توقيع اتفاق أوسلو في 13 سبتمبر/أيلول ليحوز بعد أشهر بسببها جائزة نوبل للسلام ومعه إسحاق رابين وشمعون بيريز .

اليوم سيفتح قبر عرفات في إطار تحقيق فرنسي دفع إليه التقرير الذي تضمن نتائج فحوصات أجراها مختبر سويسري وأكدت اكتشاف مادة البولونيوم المشعة في أمتعة أبي عمار .

البعض وصف هذه اللحظة ب “يوم الضرورة المؤلمة” . آخرون سبق لهم أن عارضوا فتح القبر نظراً لرمزية الزعيم التاريخي لنضال الشعب الفلسطيني، لكن هذا الجدل سينتهي اليوم عملياً بفتح القبر بإشراف فريق تحقيق قضائي فرنسي وخبراء سويسريين . قيل سابقاً إن محققين روساً سيشاركون في التحقيق، ولم يتضح في أي مرحلة ستكون هذه المشاركة .

لكن لماذا جاءت بداية المقال عن تورغوت أوزال؟ قبل يومين أعلن في تركيا أن فحوصاً أجريت لرفات الزعيم التركي أثبتت بعد تسعة عشر عاماً على وفاته، أنه مات مسموماً بأربعة أنواع من السموم أحدها البولونيوم الذي اكتشفه المختبر السويسري في أمتعة لعرفات . أما الثلاثة الأخرى فهي المبيد الحشري المعروف “دي دي تي”، وكاديميوم وأمريكيوم، وربما من قبيل الصدفة أن “كاديميوم” يتقاطع لفظياً مع “كاديما” حزب تسيبي ليفني، وما أدراك ما ليفني، و”أمريكيوم” يتقاطع مع أمريكا . عقدان من الزمن وأسرة أوزال تقول إنه مات مسموماً، ولا ندري إن كان ذلك اليقين مرتبطاً بقرائن بين أيديهم، أو انطباعات، أو لأن الرجل عمل جاهداً لأجل التفاوض لحل القضية الكردية، مثلما برز دوره في ترطيب الأجواء بين العلمانيين والإسلاميين بمباركة من الجيش في موقف غير مسبوق من رجل مزج بين السلوك العلماني والتديّن الشخصي الذي كان أحد تجلياته أداء الحج ثلاث مرات .

قضية أوزال أصبحت في عهدة القضاء المطالب بعد تأكيد وفاته مسموماً، بمعرفة من قتله بالسم ولماذا . قضية عرفات أيضاً أصبحت في عهدة القضاء، لكن في حالة الأول قضاء محلي وفي الثاني دولي، أما مستوى القوة القانونية وأبعادها في كلا الحالتين، فمتروك للحقوقيين . لكن في الجانب السياسي هناك جريمتا اغتيال لا يجوز أن تبقيا مجهولتي الإشراف والأدوات والدوافع، أولاً حتى لا يشعر المجرم، أياً كان، أن “شطارته” ستصمد إلى الأبد أو أن هناك جريمة كاملة .

لكنَّ ثمة سؤالاً مشروعاً وشديد الأهمية بالنسبة لقضية اغتيال عرفات ارتباطاً بموقفي أسرته ولجنة التحقيق الفلسطينية الخاصة بالملف حيث يلتقيان على اتهام “إسرائيل” . السؤال يقول: ماذا لو تبيّن للجنة التحقيق أنه مات مقتولاً بالسم، وهل سيفتح مساراً يتجه نحو “إسرائيل”؟

التحقيق فرنسي، والمستشفى الذي توفي عرفات فيه فرنسي، ويفترض أنه يمتلك عيّنات وفحوصات شاملة للزعيم الفلسطيني، فهل سيزود قضاة التحقيق بها؟ ولماذا تحفّظ عليها أصلاً وأخفاها تحت عنوان “المرض الغامض”؟ لا ندري إن كان هذا المسار القضائي مستقلاً على نحو مطلق وحقيقي أم سيشوبه التسييس ويلوى زمامه باتجاهات أخرى .

إذا أخذ التحقيق مجراه الطبيعي الحر، ستكون النتائج في خدمة العدالة، وقد تمتد العدوى لتكشف ألغازاً أخرى أفضت فيها جرائم اغتيال إلى اتهامات عشوائية أو موجّهة وأشعلت فتناً . وفلسطينياً ستنتج دلالات سياسية مهمة جداً .

مهما يكن من أمر، فإن الراحل عرفات، مع كل رمزيته، كان قائداً ككل القيادات التي تأتي وتذهب، وإن استشهد مسموماً، لكن من حق الفلسطينيين أن يتمنوا نجاة قضيتهم من الصفقات المسمومة .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required