مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

رؤية خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» لضرورات العمل الوطني الفلسطيني، تبدّت صائبة وعقلانية ومسؤولة. ليس ذلك بسبب ما أظهره الرجل، من تفهمٍ لموجبات المصالحة وحسب؛ وإنما لكونه يتحدث عن الأهمية القصوى لبناء استراتيجية عمل وطني ملزمة لكل الأطراف، لكي لا نظل على حالنا المُزري، حيث يحاربنا العدو باستراتيجية واحدة، فيما نحن حائرون ومشتتون بين استراتيجيات عدة متلاطمة. وأحسب أن الأخ مشعل، يستجيب لأحاسيس الخيّرين الوطنيين وغير المأزومين، من الساحة الفلسطينية بكل أطيافها، وهذا عين الذي انتظرناه منه، وهو مُقدّر له ومُثابٌ عليه. أما النافخون في الكير، من المتوترين المهووسين؛ فهم مرئيون للجميع بسخامهم، لذا تظل مرفوضة أصواتهم ولا قيمة لها. وللأخ مشعل مواقف بخصوص تقييم تجربة الحكم الحمساوي في غزة، أفصح عنها بالقدر المُتاح وفق اعتبارات حركة متكتمة بطبعها على حيثيات نقاشها الداخلي. وكان ما أفصح عنه كافياً، ومؤشراً على أن الرجل يؤسس لمنطق جديد، في عمل القوى الإسلامية في ساح العمل الوطني الفلسطيني وربما في كل ساح. ولعل ما صدر من هجاء يستهدف مشعل شخصياً، وبعضه وصل الى مستوى البذاءات؛ يُحسب للرجل ويؤكد على صوابية وجهته. ففي حلقة أخيرة من برنامج «الاتجاه المعاكس» على شاشة «الجزيرة» أظهر «الشبّيح» الأسدي، الذي شارك في الحلقة، حَنَقاً كبيراً على مشعل وتناول سيرته بسفاهة تضاهي حز رقاب أطفال شعبنا العربي السوري، بأيدي رفاق الشبيح التلفزيوني. فقد كانت كل كلمة جارحة، تلفّظ بها المذكور؛ حجة لمشعل وليست حجة عليه، وتؤكد على أن هؤلاء الذين استباحوا وتناولوا بالجريمة والسفاهة، كل مكونات الشعب السوري، ومعه الفلسطينيون؛ إنما هم يائسون يرسلون آخر غيومهم السوداء، الى سماوات العرب والمسلمين، وأن هؤلاء، لا يستحقون سوى مزبلة الإرشيف لا مزبلة التاريخ. فهم دون مستوى هذه المزبلة الأخيرة!

* * *

القلة المتمسكة من «حماس» بموقفها الرافض لوحدة العمل الفلسطيني والمصالحة؛ ليست سوى أنفار من السُذج العائمين على شبر ماء، أو المأزومين بهواجس وحسابات متعلقة بأدوار شخصية. لا نريد أن نقول أكثر ولا أن نتغالظ في التوصيف. وهؤلاء ـ للأسف ـ ينامون ويقومون على أوهام إيرانية شبيهة بالعارض النفسي، علماً بأن إيران، دون أوهام، ليست عدوتنا ولن تكون. ومثلما قال مشعل إننا نختلف معها في موضوع ثورة الشعب السوري الشقيق. صحيح إن نقطة الخلاف من الجانب الإيراني فادحة ومؤسفة للغاية، قياساً على آثارها شديدة الإيذاء لشعب سوريا؛ لكن الصحيح أيضاً أن إيران ما تزال تخاصم المشروع الصهيوني التوسعي في فلسطين، وتتبنى لغة مناوئة للاحتلال مهما كانت دوافعها. فلكل قوة إقليمية مقاصدها، وهذا طبيعي. لكن عندما يكون الهجاء لإيران، مرسلاً من الأميركيين والمحتلين، فلن نكون إلا مدافعين عن موقف إيران، ضد سياسة أميركا وإسرائيل. ففي خضم العدوان الإجرامي على غزة، اضطر كاتب هذه السطور، الى دحض محاولة الإعلام، ربط المقاومة بإيران، وشيطنة النظام الإيراني، وجعله من بين أهم أسباب الحرب. سبع محطات تلفزة من بينها CNN ونحو ثمانية صحف، كان سؤالها الثاني أو الثالث، يتعلق بما قيل عن تزويد إيران لحركة «حماس» بالصواريخ وضلوعها في الحرب. كان الجواب إن فلسطين ترفض المحاولات الأميركية الإسرائيلية لتحويل الأنظار عن فلسطين والتركيز على إيران. فهذا البلد يبعد عنا آلاف الأميال. ونرفض الاختزال المشوّه للمقاومة، وكأنها انعكاس لظاهرة إيرانية. وندين التعامي عن القضية وعن المظلمة المديدة التي يعاني منها شعبنا، وهي التي تستحث المقاومة. ونرفض التركيز على الدور الإيراني وليس على جنايات الاحتلال وجرائمه المتواصلة!

في موضع السجال مع الآخرين الذين يناصبوننا العداء، يكون الموقف مثلما عبّر عنه مشعل. أما جعل إيران والعلاقة معها، العامل الحاسم، بالسلب أو الإيجاب، على صعيد وحدة ووئام القوى السياسية الفلسطينية، فهذا أمر ينم عن سذاجة أو ادعاء أو مزاودة فارغة، ولا يصدر عن الطبيعيين أو العقلاء. فإيران نفسها، تتوخى التسوية مع الأميركيين بكل المحددات المعروفة في سياسة الأميركيين واشتراطاتهم المتعلق بـ «أمن إسرائيل»!

مشعل، أدرك أن من بين أهم المقاصد الصهيونية، من العدوان الأخير، كان تأطير كيانية فلسطينية ميكروسكوبية لغزة وحدها، موصولة بمصر، منفصلة عن سائر الأراضي المحتلة في العام 67. وقد تنبه الرجل لهذا المقصد، لذا أعرب في خضم العدوان، عن نية التوجه الى وحدة الكيانية والورقة الفلسطينية السياسية والكفاحية، وحدد شروطاً موضوعية محقة، ينبغي أن يشترطها كل فلسطيني على نفسه، لا سيما ونحن نجابه عدواً لا يريدنا أن نقاوم ولا أن نسالم على قاعدة الحد الممكن من العدالة. وبهذا المنحى، أظهر الرجل الكثير من العقلانية ومن التحلي بالمسؤولية. لذا نحن مقتنعون بضرورة الذهاب الى مصالحة، على قاعدة الحق في المقاومة من حيث المبدأ، وسعياً الى المفاضلة بين الخيارات، في سياق سياسة وطنية لا ترتهن لمن ينكرون الحق الفلسطيني، ولكي لا يضيع الممكن بذريعة المستحيل في ظل الاختلال الهائل، في موازين القوى لغير صالحنا، وكذلك في خضم هذه المعادلات الضاغطة علينا بقوة، والساعية لتمكين الاحتلال من التهام ما تبقى من الأرض!

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required