مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

إنه في القدس العربية المحتلة، غير بعيد عن حرمها المستباح على أيدي الصهاينة جنوداً ومتشددين يمينيين، متوسطاً بلدة سلوان الفلسطينية البالغ عدد سكانها 58 ألف فلسطيني، والمبتلاة ببؤر استعمارية تحاول تغيير التاريخ والجغرافيا، والأسماء أيضاً، في مسعى لتهويد المنطقة في إطار المشروع الأكبر الخاص بسرقة تاريخ القدس وهويتها .

حي وادي حلوة وغيره من أحياء وشوارع وأزقة سلوان المقدسية أمام لحظة فاصلة، تحل مع إشراق شمس الأحد المقبل عى أسوار القدس المحتلة، حين تبدأ بلدية الاحتلال نقاشاً صورياً لمخطط وضع مسبقاً لتزوير التاريخ، وتغيير الأسماء العربية لمختلف مناطق سلوان، بعدما طالب مستعمرون متطرفون غزوا البلدة ببؤرهم السرطانية البالغ عددها 17 بؤرة، والتي لا يتجاوز عدد سكانها 360 شخصاً بمن فيهم جنود الاحتلال، وضع أسماء عبرية ذات دلالات توراتية لها .

الأسماء التاريخية العربية المستهدفة حالياً في سلوان تشمل مناطق بالكاد يعرف بعض أسمائها، ومن ضمنها حي وادي حلوة وحي الصوانة وحي وادي الربابة ومحيط البستان والثوري، وفي المقابل هناك قائمة من 26 اسماً توراتياً تستعد لتزوير تاريخ البلدة، والحلول مكان أسماء مناطقها التاريخية .

مخطط مرسوم بعناية، وموضوع مسبقاً، مرفقاً بالحجج والذرائع الجاهزة التي لا يحتاج الاحتلال فعلياً إليها لتبرير جرائمه العابرة للحدود الزمانية والمكانية والديموغرافية، والهدف النهائي ثبيت الأمر الواقع، إن لم يكن بقوة السلاح والاحتلال، فبقوة الدعاية والرواية الصهيونية المخترعة التي تتحدث عن حقوق وتاريخ، بطريقة قد لا نجد مثلها في أكثر أفلام السينما الخيالية .

“إسرائيل” المتذرعة على الدوام بتعرضها ل”حرب وجودية”، والزاعمة أنها تعيش في “محيط معادٍ” لا يمكن مقارنة قدراته بما تحوز من أسلحة الدمار الشامل، نووية وغيرها، ومن القباب الحديدية وجدران الضم والتوسع والعزل، وبؤر السرطان الاستعماري التي تنخر الجسد الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، لن تتوانى عن سلب القدس المحتلة جغرافياً، وتفريغها سكانياً .

لكن الأخطر من المسعى “الإسرائيلي” الواضح والمكشوف منذ زمن، أن يصل الأمر إلى حد أن تمحى المدينة المقدسة المحتلة من الوجدان العربي والإسلامي والإنساني العالمي، أو أن تتحول قضيتها إلى قضية الحرم المقدس فقط، ما يدع المجال للاحتلال لتضييق الخناق عليه، من خلال تهويد محيطه المقدسي تاريخاً وسكاناً، مستغلاً الحديث المعمم عن القدس المحتلة .

في فلسطين المحتلة عشرات من حي وادي حلوة، قد تختلف في أسمائها، وأعداد سكانها، وما إذا كانت أحياء أو بلدات أو قرى أو حتى تجمعات بدوية أو رعوية، ومسيرة نهب الأرض، والتهجير القسري لسكانها الأصليين، والقرى المهددة بمجازر المنازل، لن تتوقف عند حد، لأن وضع الخطوط الحمر تخصص “إسرائيلي” حصري، ولأنه لا وجود فعلياً لرادع حقيقي لهذا الاحتلال الموغل في الجريمة والإرهاب وسفح الدماء .

التهويد متواصل على قدم وساق، والفلسطينيون والعرب والعالم ككل، جميعاً يتلهون بملفات كثيرة وعناوين فرعية أكثر، وقد يستمر هذا المشهد الغارق في سواد واقع التقوقع والانهزامية وإدارة الظهر لكل حق أو شرعية، حتى لحظة متأخرة، يصنع فيها تاريخ المنطقة وترسم خريطتها الجديدة بغير أيادي أبنائها، وحينها قد يستيقظ المتلهون والغافلون على صفعة جديدة، قد يعيشون دهراً ليجدوا لها اسماً، أو يشتقوا لها وصفاً جديداً يدخلونه إلى قاموس انهزاميتهم وانكسارهم .

إنها ساعة الحسم بالنسبة إلى الكيان المحتل، ولا أدل على ذلك من اشتداد الهجمة وشراستها على القدس المحتلة وما حولها، وعلى الأرض الفلسطينية، وعلى الباحثين عن قضايا يملأون بها فراغ أجنداتهم أن يلتفتوا أكثر إليها، وعلى الفلسطينيين أن يوقفوا مآسي التفتت والانقسام، وألا يحولوا انتصاراتهم هنا وهناك إلى أوراق مساومة داخلية .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required