مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
مما لا شك فيه أن الشباب هم عماد المجتمع ونسيجه الحيوي القادر على العطاء الدائم.وبدون دعم مهارات وإمكانات هذه الشريحة، والمشاركة في تحديد إحتياجاتها والتخطيط ومن ثم التنفيذ لواقعها ومستقبلها، فإن مردوداً سلبياً سيحدث لبنى وهياكل المجتمع كافة نتيجة لفقدان هذا الإهتمام.

ورب سائل يطرح سؤالاً :لماذا يستوجب الأمر الإهتمام بالشباب، ومنحهم أولوية في خطط ومشاريع المؤسسات العامة والخاصة؟ وما هو الدور الذي يُنتظر من هذه الفئة على المستوى الفلسطيني؟ وكيف لهذه الشريحة أن تخرج أو (تنعتق) من عباءة القهر الإسرائيلي والفقر المعيشي،حتى تأخذ دورها المعهود،وتساهم في مرتكزات التحرر والبناء والتنمية المستدامة؟.

هذه الأسئلة وغيرها، سَيعُمل على إجابتها، في إطار السؤال المحوري:لماذا الإهتمام بالشباب؟، تحقيقاً لهدفٍ مرجو، يتمثل في الوقوف على حيثيات ومسارات(خريطة الشباب) في فلسطين، وبالتالي تلمس واقعهم المعاش بموضوعية، حتى يتم وضع الأسس السليمة، والخطط الرشيدة لمستقبل شبابي، عناصره:الإرادة،الإنتماء،السرعة،التميز،الأمل والبناء.

إن الإهتمام بهذه الشريحة الشبابية، مؤداه:

*الثقل الرئيس لقطاع الشباب في المجتمع الفلسطيني،حيث يشكل نسبة (20%) من مجموع سكان الضفة والقطاع،وفي حال اعتبرنا الفئة العمرية ما دون سن خمسة عشرة سنة كإمكانية مستقبلية كامنة للشباب،فإن هذه النسبة سترتفع إلى (47%)،وهو ما يعني نصف المجتمع الفلسطيني تقريباً هم في سن الشباب،أو على وشك الدخول فيه في المدى الزمني المنظور.وهذه النسبة العالية تستوجب بدون شك إفراد مساحات متزايدة من الاهتمام بهذا القطاع،من قبل مؤسسات المجتمع المدني المهنية بالشباب،وكذلك من قبل صانع القرار وواضع السياسات والمشرع،لكي تحظى هذه الشريحة بمكانة لائقة في خططهم الراهنة والمستقبلية.

*الخصوصية التي يعيشها الشباب الفلسطيني،والناشئة من الاستثنائية الفلسطينية عبر وقوع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي،بحيث كان هذا القطاع الأكثر تأثرا دون سواه بسياسات الاحتلال التعسفية،كونه شكل المادة الرئيسية ورأس الحربة في عملية المقاومة سواء بشكل فردي،أو من خلال الأُطر الحزبية أوالإتحادات الطلابية وغيرها.

ومما يبرهن على المساحة الواسعة لانخراط الشباب الفلسطيني في هذه المهمة الوطنية ،وهي مقاومة الاحتلال ،الإحصاءات التي أشارت إلى أن الشباب شكل (31%) من شهداء انتفاضة العام 1987،و(58%) من المعتقلين الإداريين،و(68%) من الجرحى،في حين بلغ عدد الشهداء من الفئة العمرية (18ـ29) سنة (1288) شهيدا منذ بداية الانتفاضة الحالية في 29 أيلول 2000،ولغاية أوائل نيسان 2004،وذلك من أصل (2432)شهيداً خلال نفس الفترة.

*وهناك اعتبار آخر في إعطاء فئة الشباب الأولوية الواجبة،له علاقة بتردي الأوضاع الاقتصادية،وتفشي البطالة في صفوفهم،سيما خريجي الجامعات.وإذا أضفنا سنوياً زهاء 23 ألف خريج ،يتاح لقرابة الخمسة آلاف منهم فقط فرصة للعمل،إلى فئة الشباب من العمال العاطلين عن العمل،لأصبحنا أمام وضع مأساوي ،يستلزم التحرك العاجل والجاد لمواجهة أزمة البطالة المستشرية في هذا القطاع،والتي من شأنها في حال استمراريتها على هذا النحو بتر إرادة الشباب في تحقيق نهضة مجتمعية تنموية،وتراجع دورهم في التغيير السياسي والثقافي في خريطة المشهد الفلسطيني.

*وإضافة إلى الاعتبارات الثلاثة آنفة الذكر،هناك إعتبار رابع لهذا الاهتمام،ينطلق من واقع المشاركة الشبابية في اتخاذ القرار وصناعته،حيث تشير المعطيات إن الشباب،كقطاع إجتماعي رئيسي حيوي وفاعل بالمعنى الجماهيري،لا يحظى بالتمثيل المناسب إرتباطاً بدوره الوطني،ودوره الاجتماعي والتنموي أيضاً،سواء على مستوى الأحزاب السياسية أم على المستوى السياسي الرسمي.

فعلى مستوى الأحزاب فإن ثبات وإنغلاق النخب القيادية فيها،وعدم تقيدها بالأنظمة الداخلية،مع عدم دورية انعقاد المؤتمرات العامة للأحزاب،وتباعدها زمنياً شكل حاجزاً مانعاً حال،ولا يزال،دون تقدم الشباب في المراكز القيادية المناسبة،وأخذهم لدورهم الهام في تفعيل الأحزاب من جهة،وتنشيط مجتمعهم في مختلف مناشط الحياة من جهة ثانية.

وعلى المستوى الرسمي،فالملاحظ إن المشاركة الشبابية في المؤسسات التمثيلية الفلسطينية تاريخياً كان ضعيفاً ،ولم يتغير الوضع السابق بعد مجيء السلطة الفلسطينية،والملفت إن القوانين والتشريعات الفلسطينية التي اشترطت سناً معيناً لإشغال منصب الرئيس أو عضو التشريعي أو رئيس المجلس البلدي ،شكلت عقبة جدية أمام مشاركة الشباب،لان بعضها يشترط 35 سنة فأكثر،وهو ما يعني إن المشاركة قد تصبح ممكنة بعد تخطي مرحلة الشباب،الأمر الذي يستدعي تعديل هذه القوانين،والتشريعات،وسن قانون خاص بالشباب،كمقدمة لتطوير مشاركة الشباب في الحياة العامة والسياسية بشكل فعال.

قد يطول الحديث كثيراً عن الشباب الفلسطيني من حيث الاهتمام بهم،وأولوياتهم،ولكن في مطلق الأحوال، فإن الأمر الجوهري الذي نريد أن ننهي هذه المقالة به،يتعلق بأخذ موضوع الشباب على محمل الجد من قبل صانع القرار والمهتمين بمشاركة الشباب،ووضع الإستراتيجيات الكفيلة بتلبية إحتياجاتهم وأولوياتهم كمقدمة لإدماجهم فعلياً.كما أن على الشباب مسؤولية في مغادرة حالة المراوحة والإنتظار وذلك بأخذ زمام المبادرة والإنطلاق نحو بناء الإطار الشبابي القادر على إستيعاب كافة الشباب،ومن مختلف الأطياف والتوجهات،إمتثالاً لمقولة:"أهل مكة أدرى بشعابها".

أخيراً؛ إذا تحقق كل ذلك ولو بنسب معقولة فإن المعيقات الواردة بمتن الأسئلة المطروحة في مستهل المقالة سيتم تذليلها، إنطلاقاً من خدمة قطاع الشباب الذي بتراجعه سيبقى المجتمع مترنحاً في عنق زجاجة مملوءة بالتناقضات والسكون.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required