مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
يفشل النظام العربي مرة أخرى في امتحان الرد الأمني و السياسي و الثقافي على التحديات و الأخطار، و يقبل هذا النظام فعلياً ان يكون حلبة للصراع الدولي، منذ ان طرحت المسألة الشرقية على مؤسسات الغرب الاستعماري قبل مئة و خمسين سنة و حتى الآن، و لم يجد الغرب حلاً لما سمي في حينه "المسألة اليهودية" سوى على حساب تلك المسألة الشرقية ، و ما زلنا حتى يومنا هذا نعاني من ذلك، فالاحتلال و التقسيم و التفكيك و الاستلاب و النهب و الانظمة الشوهاء و العوراء و العاجزة و الجماهير المبهورة أو المقهورة و اختلال العلاقة بين المحكوم و الحاكم و غياب التنمية و انتشار الفقر و البطالة و الجريمة و الاكتظاظ و تأخر أو انعدام الخدمات و غياب الحريات، كل ذلك كان نتيجة لما جرى و تم ترتيبه قبل مئة عام تقريباً، و ما زلنا حتى يومنا هذا، حلبة للصراع الدولي و سببا لرفاهية الغرب و استمرار قوته، و سوقاً استهلاكية لبضائعه، و مختبراً رخيصاً لاسلحته و ابتكاراته، و ممراً لسفنه و طائراته، و حطباً لمغامراته و مصالحه، و عبيداً لرغباته و شهواته، و حراساً على مصالحه و آبار النفط و جبال الحديد و الفوسفات، و قراءاً غير نجباء لفلسفاته و أفكاره، فلا جدل و لا اشتباك و لا اضافات فكرية، و ما زلنا مستهلكين لأغانيه و أطعمته و سياراته، مصفقين لمشاهيره و فنانيه، مبهورين بدقته و دابه و قوته، و خلال ذلك كله، قامت اسرائيل، وفرضت واقعا و وقائع كثيرة، و قامت حروب عديدة بين الأشقاء و الأخوة، و تنافس كثير منهم في خدمة اجندات اخرى، و تناحر بعضهم على أطماع ليست له و على افكار غربية و مستوردة، و اقتتل البعض الآخر خدمة للشخص أو الحلف او التيار، فكان أن تآكل النظام و سقطت شرعيته، و كان أن فشل النظام في الردّ على أسئلة جمهوره المتعدد و المتنوع، و كان ان اكتشف هذا النظام أنه أضعف من الرد و المجابهة و المواجهة، فكان ان تفكك و انهار، و ها نحن ندخل عصر الدويلات الصغيرة الرخوة و الهشة، دويلات تقوم على أوهام النقاء العرقي أو المذهبي أو الطائفي، دويلات ليس لها من شرعيات سوى دعم الغرب لها أو تسويغه لشرعيتها، و هي دويلات جديدة تختلف عن تلك التي قامت على اثر اتفاق سايكس بيكو، فهي دويلات بلا شعارات سوى شعارات القبلية او الطائفية، و هي دويلات بلا مضامين كبيرة أو رؤى عابرة للحدود و القلوب،بل هي مضامين مصلحية و آنية، دويلات شكلت على عجل و في ارتجال كبير،كردّ فعل على التهديد أو الشعور بالخطر أو بسبب التمويل او المخطط الاستراتيجي الكبير.

ان فشل الدولة القطرية في مشروعها الوطني أولاً، ثم القومي ثانياً، بما يعني فشل الطبقة و النخبة و الفكر في ان واحد،يدفع بها الى هذا المصير الذي نراه الآن، و ما هذا الصراع العنيف الذي نراه الان بين الاسلام السياسي و العلمانية التي تدعي الحداثة و الانسانية و الحرية و حقوق الانسان، سوى بداية التحول التاريخي الكبير الذي تشهده المجتمعات العربية، و ربما ليس من خطأ أن نقول ان هذا الفكر العلماني و التجربة العلمانية قد وصلت الى طريق مسدود حقيقي، فقد فشلت في التحرير و التعمير و التنمية و حتى فشلت في حقوق الانسان و معايير الحداثة و خطاب الليبرالية.

و في هذه الفترة بالذات نواجه نحن الفلسطينين أزمة مالية و سياسية خانقة، اذ تبدي اسرائيل نوايا حقيقية في وأد حل الدولتين العتيد، و هي ماضية في استيطان يهدد المستقبل الفلسطيني كله، و هي غير معنية اطلاقاً في بدء محادثات سلام لها سقف و مرجعية و نتائج، و هي معنية بادارة احتلال بأقل ما يمكن من الخسائر و الاضرار، و هي على استعداد لتحمل الضغط الأوروبي و الامريكي لفترة معينة من الوقت، و هي تشعر أنها غير مهددة و لا مضطرة للدخول في جهود سلمية تؤدي بها الى انهاء هذا الاحتلال أو حتى التراجع عن اي سنتمتر من الأرض الفلسطينية،و يرافق ذلك كله، ضغط هائل على الشعب الفلسطيني رئيساً و قيادة و شعباً، من خلال تجفيف مصادر التمويل و من خلال التلويح بالتصفية الكلية للرموز و القيادات، و ليس من الصدفة أن تتحدث اسرائيل بالذات عن انتفاضة ثالثة و كانها تستجدي ذلك الفعل من اجل اكمال مخططها الذي تعد له بكثير من الدقة و الصبر، اذ لم يبق امام اسرائيل بعد كل ذلك سوى اللغة الوحيدة التي تجيدها، الا و هي لغة القوة و لا شيء غيرها.

في هذه الظروف، نحن الان نطلب شبكات أمان عربية متعددة، و ليست الشبكة المالية اهمها رغم الحاحها الشديد، فنحن نريد شبكة امان مالية عربية على ان لا تكون مقايضة لموقف سياسي نتورط فيه بمفاوضات عبثية اخرى، و لا ان تكون شبكة امان مشروطه، أو ابتزازيه، او مقطوعه، أو ممنوعة،لزمان أو لظرف او لموقف أو لتنازل او لتطويع او لدمج أو لكل ذلك. ان هذا البطء القاتل و المميت لطبيعة الدعم العربي يطرح الف سؤال حول تلك الشبكة و كيف تعطى و لمن و متى و لماذا. لقد سارع النظام الغربي و ما يزال الى الاشتراك او التورط في حروب و نزاعات متعددة في المنطقة و خارجها خدمة لأهداف لا تصب في مصلحة الموطن العربي، اما فيما يخص الشأن الفلسطيني فإننا لا نستغرب لماذا هذا التلكؤ و تلك المماطلة، بل نحن نكاد نقترب من الاتهام الواضح و الصريح. ان شبكة الامان المالية العربية على اهميتها و الحاحها، لا تقل اهمية عن شبكة امان أمنية و سياسية و دبلوماسية. لأن الصمود الفلسطيني و الدولة الفلسطينية من بعده هي ضمانة حقيقية لامن المنطقة بأكملها.

شبكة الامان العربية التي نطلبها هي الا يتحول الموقف العربي الرسمي من ممالأة الآخرين الى لوم الفلسطينين و الطلب منهم ان يتواضعوا في مطالبهم.. و هذه طامة كبرى نرجو الا نصل اليها ذات يوم!!

نحن نطلب هذه الشبكات العربية لان الأيام القادمة حبلى بكثير من الاحتمالات التي تتلخص في انتفاضة ثالثة أو حل للسلطة أو هجوم على ايران أو هجوم من ايران، أو انهيار النظام السوري او حرب اقليمية او دولية حولها او بسببها أو هجوم على جنوب لبنان أو هجوم منه أو اشتعال جبهة غزة مرة اخرى، ان كل هذه الاحتمالات و هي قريبة الحدوث أكثر مما نعتقد،تتطلب حماية عربية لنا، حماية حقيقية و ليست مجرد تصفية حسابات أو تعزيز مواقف أو نجاة بالرؤوس أو الكراسي أو خدمة لهذا الطرف أو ذاك.

قد يقول قائل كيف نطلب شبكات امان متعددة من نظام رسمي يغرق في مشاكله، و منقسم على نفسه، و يعالج جروحه القديمة و الجديدة، أقول رداً على ذلك،اننا نطلب هذه الشبكات ممن هم الأقرب مصلحة و ضرراً و وجداناً، نطلب هذه الشبكات ممن يعتقدون بحق ان انهيار الفلسطينيين أو استسلامهم هو بمثابة هزيمة كبرى لا تعوض. ما نطلبه من شبكات امان عربية تتناسب طردياً مع القرب و تتناسب عكسياً مع الاجندة. و ليس هناك ما هو اوضح من ذلك.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required