مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

مع كتابة هذه السطور أنهى الأسير الفلسطيني ابن القدس المحتلة سامر العيساوي أكثر من 252 يوماً متتالياً من معركة الأمعاء الخاوية التي فتحها على قهر سجانيه وجرائمهم، وضد اعتقاله الذي لا تقره شرعة ولا قانون، لا يؤازره في معركته الفردية إلا عدد قليل من ذوي الأسرى، ورفاقه الأسرى الحاليون أو المحررون منهم، وعند نقطة بات الرجوع عنها أمراً مستحيلاً على أقل تقدير، فالأسير المضرب يدرك أنه أمام أحد خيارين، إما أن يقهر الاحتلال، وإما أن يمضي شهيداً .

أكثر من ثمانية أشهر من الجوع الطوعي، المدعوم بالإرادة التي لا يهزها ضغط، ولا تلين أمام شدة، والأسرى على الموعد، إذ يعلنون إضراباً تضامنياً هو “أضعف الإيمان”، بين حين وآخر، نصرة لأخيهم المناضل الذي ترك للأسف وحيداً .

لم يتوقع أحد هذه المعركة الطويلة، بعدما تركت تجارب سابقة علامات من نور في مسيرة النضال السلمي هذه، فمن قبل العيساوي، أضرب أسرى كثر بطريقة فردية أيضاً انتصاراً لكرامتهم وكرامة رفاقهم أسرى الحرب في سجون الاحتلال، لكن سامر حطّم كل الأرقام، والاحتلال في المقابل تجاوز كل الخطوط الحمر، ولم يدع مجالاً لمشكك في أنه يسعى إلى اغتيال الأسير المضرب، من خلال الإهمال المتعمد، والإصرار على تركه يموت بطريقة بطيئة جداً .

لعل كون الرجل من القدس المحتلة أرعب العدو الذي يرى في المدينة “عاصمة موحدة” لكيانه الغاشم العنصري، ولعل فكرة أو هاجس التفكير في فك قيد العيساوي، أرّق كثيراً مجرمي الحرب الصهاينة، فكيف يمكنهم الرضوخ لأسير مضرب ومن القدس؟ وكيف يمكنهم أن يغلفوا هذه الهزيمة المعنوية إن اضطروا إلى مثل تلك الخطوة؟

إنه ابن القدس الفلسطيني، الذي قاوم الاحتلال ويواصل مقاومة سياساته القائمة على جرائم نهب الأرض واقتلاع أصحابها الأصليين منها، وتهويد مدينة يتلخص في أزقتها وكنائسها ومساجدها، ومبانيها العتيقة تاريخ العالم، إنه المرابط في وجه سيل الاعتداءات والتنكيل والملاحقة، وهو الثابت في عصر يسود فيه المتغيرون والمتلونون وأصحاب الأجندات الشخصية، فكيف لمثل هذا الكيان أن يقبل بالانكسار أمام صموده الأسطوري .

يوم الأرض الذي يحييه الفلسطينيون في الثلاثين من آذار/مارس من كل عام، مر على سامر العيساوي ليضاف رقماً إلى عدد أيام إضرابه الذي بلغ حينها 252 يوماً، لم يكن كغيره من الأيام، بل كان كما هو تذكرة بجرائم الاحتلال بحق فلسطينيي الأرض المحتلة العام ،1948 تذكيراً وتنبيهاً أيضاً للفلسطينيين أنفسهم، وتحذيراً من خطورة ما وصلت إليه حالهم من تشظٍ وانقسام على الذات، ودعوة لمواجهة مفتوحة مع الاحتلال على الأرض الفلسطينية وفي المحافل الدولية، بدلاً من ملاحقة سراب تسوية نعاها كبار ساسة الكيان .

ما للعاجز إلا انتهاج سياسة “أضعف الإيمان”، لكن سامر الأسير الموارى خلف قضبان الزنازين، رفض العجز ولو على حساب حياته، وأبى إلا أن يضرب أروع الأمثلة في الكرامة الفلسطينية، والنضال المشروع ضد المحتل وسياساته، وعلى الفلسطينيين قوى سياسية وشعبية ورسمية أن يرفعوا عن أنفسهم رداء العجز سريعاً، وإلا لن يتبقى ما يمكن إنقاذه .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required