مفتاح
2024 . الثلاثاء 23 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


كعادتها منذ قدومها إلى نابلس قبل حوالي شهر، أفاقت ناشطة السلام البريطانية إيفا جاسيويز من نومها باكراً، صباح الأحد 22 أيلول، وتوجهت وثلاثة من رفاقها من نشطاء حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني صوب البلدة القديمة، بعد أن قرروا تخصيص نهارهم هذا لتوفير الحماية لتلاميذ المدارس الذين سيكسرون حظر التجول، ويتوجهون إلى مدارسهم بعد انقطاع دام ثلاثة أسابيع.

وكعادته كل صباح، ظهر الطفل بهاء البحش (13 عاماً) أمام هذا الفريق من نشطاء السلام الدوليين يسألهم عن ما يمكنه أن يقدمه لهم في هذا اليوم.

"ظهر بهاء أمامنا بوجهه المألوف، الجميل الذي يشع فرحاً وذكاء ورغبة في خدمة الغير"، قالت إيفا البالغة من العمر (24 عاماً)، التي تركت عملها الصحافي في بريطانيا، وجاءت ضمن فريق من النشطاء للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بعد أن هزتها من الأعماق مشاهد القمع الوحشي التي يتعرض لها على أيدي جيش الاحتلال.

ومضت تقول بصوت متهدج من شدة الحزن: "نحن نعرف بهاء منذ قدومنا إلى هنا، كان دائماً معنا، يدلنا على البيوت المهددة بالهدم، وعلى المواقع التي يحتجز الجنود فيها مواطنين فلسطينيين، وعلى مواقع تواجد الجيش، حيث نسارع، وهو معنا، إلى هناك، من أجل توفير ما يمكننا توفيره من حماية لهؤلاء الناس"، قالت إيفا.

"شاهدنا في الشارع (كروم عاشور) دبابات وناقلات جند، فوقفنا نرقب ماذا سيفعلون، ووقف بهاء بيننا، وفجأة توقفت ناقلة جنود، وظهر منها جندي، وأشهر سلاحه، وصوبه نحونا".

"وحتى هنا بدا المشهد عادياً مألوفاً، فلطالما شاهدنا جنوداً يصوبون سلاحهم على فلسطينيين، لكن هذه أول مرة نشهد فيها عملية قتل بدم بارد مثل هذه"، استدركت تقول.

"سمعنا صوت رصاصة، ولم نفكر في أنها أصابت أحداً، فأخذ كل منا يسأل الآخر، هل أنت بخير، هل أنت بخير".

"وما هي سوى لحظات حتى سقط نظري على بهاء، ملقى على الأرض، والدماء تتدفق من صدره، فأخذنا بالصراخ، وجاء رجل فلسطيني، وأخذ يضغط على صدره ليوقف الدماء، وإذا بالدماء تنساب من فمه، وقد سارعت حنين، وهي متطوعة فلسطينية في لجان الإغاثة الطبية ترافقنا باستمرار، للاتصال بسيارة إسعاف لنقله إلى المستشفى".

وقبل وصوله إلى المستشفى كان بهاء الجميل، والذكي، والخدوم، والبريء، كما تصفه أيفا، قد فارق الحياة.

تبكي ايفا، ويبكي زملاءها، وبينهم فتاة فرنسية من أصل مغربي، أصيبت بحالة انهيار عصبي بعد أن شهدت بأم عينيها عملية إعدام طفل جميل وبريء.

"لماذا قتلوه"؟، نسأل إيفا، فتجيب وقد تملكتها الحيرة: "حقيقة لا أعرف، فلم يكن هناك أي مظهر للعنف، لم يكن رشق حجارة، ولا إطلاق نار، ولا أي شيء قد يستدعي أي عنف".

تنفتح حيرة إيفا على سلسلة طويلة من الأسئلة والافتراضات: "فهل قتلوه لكي يوجهوا لنا رسالة مفادها أن وجودنا هنا في خطر؟ وأن علينا المغادرة؟ أم قتلوه كي يدمروا علاقتنا مع المجتمع المحلي موجهين له رسالة مفادها أن وجود الفلسطيني مع ناشط أجنبي سيشكل خطورة على حياته؟ أم قتلوه ليجعلوا من موته رسالة لتلاميذ المدارس مفادها أن توجههم إلى مدارسهم سيجلب لهم المصير ذاته؟

وتجيب إيفا بشيء من اليقين: "ربما قتلوه من أجل كل هذا"؟

لكن ناشطة السلام البريطانية هذه ترفض الرسائل الملطخة بدماء الأطفال الأبرياء، الجميلين، وتقول: "لن نغادر، سنبقى هنا، قتل بهاء لا يدفعنا للمغادرة بل للبقاء من أجل العمل على حماية غيره من الأطفال الفلسطينيين".

وبعد أن أفاقوا من صدمتهم، وشاركوا أسرة الشهيد وأهالي نابلس تشييع جثمان الطفل بهاء، قرر نشطاء السلام الأربعة هؤلاء فعل شيء أخر غير العمل في الميدان لتوفير الحماية للفلسطينيين، وهو ملاحقة قاتل بهاء في المحاكم الدولية.

وتقول إيفا: "من حسن الحظ أن أحد زملائنا التقط صورة للجندي القاتل وهو يصوب سلاحه نحو بهاء، وقد شرعنا في كتابة شهادتنا لتقديمها مرفقة بالصورة إلى محكمة جرائم الحرب الدولية".

وبلغت حماسة أحد أعضاء الفريق وهو شاب بريطاني يدعى آل حد القول بأنه يحرص على حفظ شهادته لتقديمها إلى الجهات القضائية المختصة لدرجة أنه يتحفظ على روايتها لأي شخص.

وتشكل شهادة فريق النشطاء الأجانب هذه لطمة لقيادة الجيش الإسرائيلي التي قالت في بيان لها: "بأن بهاء قتل في انفجار عبوة كان يحملها".

ويعكس ما جاء في بيان الجيش الذي وزع على وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في البلاد درجة الكذب والتزوير التي وصلت إليها هذه المؤسسة في محاولتها إخفاء الجرائم التي يرتكبها جنودها على الأرض، بحق البشر.

ويقيم في نابلس 25 من نشطاء حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني جميعهم من الولايات المتحدة وأوروبا.

ويقول الدكتور غسان حمدان رئيس لجان الإغاثة الطبية في نابلس بأن هؤلاء النشطاء يعدون برنامجاً يومياً لعملهم ونشاطهم الذي يتركز على الحواجز العسكرية وفي البيوت المهددة بالهدم ومواقع المواجهات.

"وحديثاً أعد هؤلاء النشطاء برنامجاً للعمل على حماية تلاميذ المدارس الذين يتوجهون لمدارسهم رغم حظر التجول، حيث يرافقون ما أمكنهم من مجموعات التلاميذ ويتواجدون في شارع المدارس الرئيس في أوقات توجه التلاميذ إلى مدارسهم وأوقات مغادرتهم لها"، قال الدكتور حمدان.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required