مفتاح
2024 . الأحد 21 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

إن ما لفت نظري و دفعني  لكتابة هذه الدراسة هو مشاهدتي لندوة أعدها تلفزيون الجزيرة بتاريخ 26/1/2006 و ذلك عند سؤال مراسل الجزيرة لمدير مركز أبحاث جامعة النجاح عن استطلاعات الرأي و رد فعل الجمهور الساخر على هذا السؤال و بنظره يشوبها التشكيك و عدم المصداقية، إذ يبدو أن بعضهم كانوا يتربصون لهذه المراكز و يتمنون لها الفشل، و هذا لا يعني أنه لا يوجد جمهور واع ٍ و يقدر مراكز استطلاعات الرأي و قيادات مثقفة تثق بنتائج هذه الاستطلاعات التي تقوم بها تلك المراكز و ما يبذلونه من جهد و تعب لبناء مجتمع ديمقراطي فلسطيني. و من أجل هذا فأنني أرى لزاماً علىّ كمستطلع للرأي العام الفلسطيني الإدلاء بدلوي لمناقشة هذا الموضوع بصدق و أمانة.

أن عملية قياس الرأي العام الفلسطيني لمعرفة أرائه و اتجاهاته حول الانتخابات تتيح له التعبير الحر عما يجول في خاطره، و تعطيه الفرصة لإبراز تأييده للمرشحين و الأحزاب، و كذلك تساعد السياسيين على تقدير أوضاعهم في الشارع الفلسطيني، و فهم ما يحفز الناخبين و ما يرضيهم و ما يغضبهم، إضافة إلى تغذيتهم بالمعلومات حول مدى تقبل الناخبين لبرامجهم و الحصول على معلومات عن الناخبين الذين يحتمل أن يصبحوا مؤيدين لهم، و إن لم يكونوا مؤيدين لهم فعلاً.

و نحن في الأراضي الفلسطينية محظوظون بوجود عدد من مراكز استطلاعات الرأي و نكاد نمتاز على كل الدول الأخرى بوجود مثل هذه المراكز التي قل أن تجد لها دوراً مهماً في تشكيل الحياة السياسية في تلك الدول، إلا أننا كمراكز لاستطلاع الرأي لعبنا و ما زلنا نلعب دوراً مهما في الحياة العامة في الأراضي الفلسطينية دون أن يكون هناك تدخل في شؤونا الداخلية منذ تأسيسنا لا من السلطة الفلسطينية و لا من المعارضة، و هذا دليل واضح على أن الديمقراطية بكافة أشكالها ليس مجرد كلام و أنما هي ممارسة أيضاً و هذا ما برز في الانتخابات التشريعية التي كانت قبل بضعة أيام.

 و أود أن أشير بداية أن معظم النتائج التي توصلت إليها مراكز الأبحاث قبل انتخابات المجلس التشريعي بتاريخ 25/1/2006 كانت نتائجها متقاربة فقد تراوحت نسبة فتح ما بين (39.6%) لغاية (42%) أي تقع ضمن هامش الخطأ، أم نسبة حركة حماس فقد تراوحت ما بين (29%) إلى (35%) أي ضمن هامش الخطأ أيضاً. أي أنه لا يوجد اختلاف جوهري يذكر بين تلك المراكز.

ونظراً لأنني مؤسس المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي في بيت ساحور (PCPO) و المسؤول عنه أريد أن أتحدث عن أخر استطلاع للرأي رقم 149 الذي أجريناه خلال الفترة (18 – 21) كانون الثاني 2006 وتم نشره بتاريخ 23/1/2006 أي قبل الانتخابات التشريعية بـ ِ 5 أيام و قد شمل على عينة عشوائية حجمها (2389) شخصاً و يمثلون نماذج سكانية من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية و قطاع غزة فوق سن 18 عاماً و تم إجراء كافة المقابلات في هذا الاستطلاع داخل البيوت التي تم اختيارها عشوائياً في المناطق وفقاً لمنهجية علمية متبعة في المركز. و هامش الخطأ كان  (±2.0%) عند مستوى ثقة (95%). و هذا يعني أن خطأ في العينة مقداره زائد أو ناقص 2 نقطة مئوية. أم مستوى الثقة (95%) تعني أن (2.5%) من الحالات هي أعلى من المعدل بكثير، و أن (2.5%) هي أدنى من المعدل بكثير، و تمثل ال (95) بالمئة الباقية النتائج ضمن خطأ اختيار العينات. أما النتائج الباقية أي الخمسة بالمئة التي تبتعد كثيراً عن المعدل فتمثل الاحتمال الوحيد لتكون نتائج الاستطلاع خارج هامش الخطأ، و ربما كانت هذه الأخطاء لصالح حركة حماس. و بالرجوع إلى استطلاع رقم 149 الذي هدف إلى قياس الرأي حول انتخابات القوائم النسيبة فقط أي قائمة الوطن و ليس لنظام الدوائر الفردي و مقارنة بالنتائج الفعلية للانتخابات نلاحظ أن معظم القوائم حصلت على نسب متشابهة و تقع ضمن هامش الخطأ و الثقة باستثناء قائمة حماس فقد كانت النتائج كما يلي:

 

استطلاع رقم 149 PCPO

النتائج الحقيقية

أسم القائمة

% المئوية

عدد المقاعد

% المئوية

عدد المقاعد

1. قائمة البديل (الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين،

حزب الشعب، فدا)

7.2

4

3.0

2

2. قائمة المبادرة الوطنية (فلسطين المستقلة)،

7.7

5

3.0

2

3. قائمة الشهيد أبو علي مصطفى (الجبهة الشعبية

لتحرير فلسطين)

4.9

3

4.5

3

4. قائمة الشهيد أبو العباس (جبهة التحرير الفلسطينية)

0.8

----

----

----

5. قائمة الحرية و العدالة الاجتماعية (جبهة النضال الشعبي)

0.8

----

----

----

6. قائمة التغير و الإصلاح (حركة حماس)

28.8

19

43.9

29

7. قائمة الائتلاف الوطني للعدالة و الديمقراطية "وعد" (مستقلة)

0.8

---

----

----

8. قائمة الطريق الثالث (مستقلة) (سلام فياض و

حنان عشراوي)

4.7

3

3.0

2

9. قائمة الحرية و الاستقلال (الجبهة العربية الفلسطينية)

0.7

----

----

----

10. قائمة العدالة الفلسطينية (مستقلة)

0.8

----

----

----

11. قائمة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)

39.6

26

42.4

28

12. لم أقرر بعد

3.3

2

----

----

 و من تحليلنا للنتائج الفعلية و الاستطلاع يتبين لنا أن هناك تفاوتاً ناشئاً ما بين نتائج الاستطلاع رقم (149) و الانتصار الساحق لحركة حماس في الانتخابات الفعلية التي أجريت يوم الأربعاء الماضي بتاريخ 25/1/2006 و يمكن إرجاع ذلك لاحتمالات عدة منها:

 1. عدم إفصاح الناخبين بصدق عن نيتهم لمن يودون التصويت له عندما سئلوا عن ذلك في الاستطلاع قبل الانتخابات و في استطلاع المخرج، و يعود ذلك إلى أن المستقلين المترددين الذين قرروا التصويت لحركة حماس و الحردنين من الفصائل و بخاصة من حركة فتح خافوا على وضعهم الاجتماعي و الاقتصادي للتعبير عن ذلك، تقول الإعلامية خيرية رضوان يحيى على الموقع الإلكتروني دنيا الوطن " بأنه كان هناك بعض الإشاعات التي بثت بين أبناء الشعب ليقال، إن من ينتخب حماس لن يأخذ راتبه، أو لن يكون في المكان كذا أو الموقع كذا، ولا يفوتنا أن هناك البعض ممتعض من الجانب الذي يمثل انتماءه الحقيقي ورغبته" فينتخب ما لا ينتمي له" ولا يصرح، كل هذه الأمور وغيرها الكثير تؤثر على مصداقية المستَطلَع، والذي بدوره يضلل الباحث الميداني، فتكون النتائج خاطئة".

و لتأكيد على ذلك أود أن أقتبس ما قالته الصحفية ساره الديب مراسلة وكالة اسوشيتدبرس في مقال تحت عنوان " استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني و مجلس الوزراء " بتاريخ 26/1/2006 أشارت إلى أن بعض الناخبين كانوا يخافون الاعتراف بصراحة ً للقائمين على الاستطلاعات بأنهم قد صوتوا لحماس". أما السبب الأخر فيمكن إرجاعه إلى العادات و التقاليد في المجتمع الفلسطيني و خاصة ً ما يتعلق بالمجاملة بين الناخب و المرشحين و الرغبة في أرضاء الجميع. أي أن تعاملنا كمركز لاستطلاع الرأي مع نسبة كل قائمة  وفق المعطيات التي تم جمعها عشوائياً من الميدان، ولم يكن بإمكاننا التكهن وإنما أتت نتائجنا وفق معطيات الجمهور الذي اختار عدم الإفصاح عن نواياه الحقيقة.

2. أن تغيير الناخبين أرائهم في أخر لحظة يرجع إلى عوامل عدة منها أن نسبة كبير حوالي (77%) من المنتخبين هما أساساً من المستقلين المترددين  أو أنصار لتنظيمات، و ليسوا منتمين للأحزاب السياسية، و بالتالي فليس عندهم مشكلة في التغيير في اللحظة الأخيرة إذا توفرت عوامل غير عادية مثل عوامل إقناع أحد أفراد العائلة أو العشيرة الذين ينتمي أحدهم  لهذا الحزب أو ذاك، ناهيك عن وجود نسبة (8%) من المجتمع الفلسطيني من الأميين الذين يتأثرون برأي أفراد العائلة و بخاصة في لحظة التصويت، إضافة إلى التأثير على رأي بعض النساء من قبل رب العائلة يوم الانتخابات. و هذا يختلف عن استطلاعات الرأي لأن رب العائلة لا يتدخل في تعبئة الاستمارة، لأن الباحث يمنعه من ذلك فتكون تعبئة الاستمارة تحت أشرافه و وفقاً لأسس الاختيار العشوائي. تقول بادية ربيع على الموقع الإلكتروني كنعان:" شاركت المرأة بكثافة في انتخابات مجلس الحكم الذاتي، وكانت مدفوعة بقناعة في دورها أو بإقناع من الرجل أو بضغطه...الخ. و كانت النتيجة انتصارا لحماس فاق التوقعات لدرجة دفعت البعض للجوء إلى نظرية المؤامرة لتفسير الأمر (مثلا: إن حماس طلبت من عناصرها أن لا يقولوا في الاستطلاعات بأنهم سيصوتون لحماس كي تعتقد فتح أنها في المقدمة وبالتالي تُجري الانتخابات!!!) ".

 3. عزم الناخبين على الإدلاء بأصواتهم ضد فتح لصالح حماس بدلاً من التصويت لأحزاب أخرى صغيرة اعتقاداً منهم بأن هذه الأحزاب أو التجمعات الحزبية الصغيرة غير قادرة على أحداث تغيير جوهري في التمثيل الانتخابي، و هذا ما حصل مع قائمة البديل و القائمة المستقلة و قائمة الطريق الثالث فمعظم استطلاعات الرأي أشارت إلى أن القائمة المستقلة تأتي بالمرتبة الثالثة بعد فتح و حماس، و لكن بسبب شعور المواطن المستقل المتردد، الذي قام بدعم تلك القوائم، بعدم قدرتها على منافسة حركة فتح قام بتغيير مواقفه و اختار قائمة حماس.

 4. عدم التزام جمهور الناخبين المؤيدين للتيارات المختلفة بقوائمهم و مرشحيهم و التصويت بطريقة عشوائية فقائمة فلسطين المستقلة حصلت على (2009) صوتاً في محافظة بيت لحم أما مرشحوها فقد حصل الأول منهم على (3556) صوتاً و الثاني على (907) صوتاً. أما قائمة البديل فقد حصلت على (3200) صوتاً في محافظة بيت لحم. و حصل مرشحوها المستقلون على (4219) صوتاً و (2145) صوتاً. و السؤال الذي يبرز هنا هو كيف يمكن تفسير ذلك و كيف يمكن تطبيقه على نتائج استطلاعات الرأي؟

 5. أما القوائم المستقلة كقائمة فلسطين المستقلة و الطريق الثالث فهي قوائم حديثة العهد تشكلت من شخصيات ذات ميول سياسية مختلفة لا تملك إستراتيجية ثابتة تجذب الناخب الفلسطيني و هذا أدى بدوره إلى عزوف الناخب عنها و التوجه إلى حركة حماس.

 6. أما بالنسبة لقائمة البديل فنلاحظ أنها استطاعت أن تقنع أكثر من (7%) من الجمهور الفلسطيني بمصداقيتها و لكن لعدم رسوخ قدم التجمع قبل الانتخابات و تشكك الناخب بقدرتها على الاستمرار قد أسهم في تراجع الناخبين عن منحها أصواتهم في اللحظة الأخيرة لصالح الأقوى.

 7. أما بالنسبة لقائمتي حركة فتح و الشهيد أبو علي مصطفى فقد جاءت نتائجها مطابقة لما أظهره استطلاع رقم 149، و ذلك بسبب عدم قدرتهما على التأثير على جذب جمهور المستقلين للاقتراع لصالحهما، و حصلتا فقط على تأييد منتسبيهما و أنصارهما المخلصين. إضافة إلى ذلك لا بد من الإشارة إلى أن الانقسامات الداخلية في حركة فتح قد أضعفت حركة فتح و أعطت الفرصة لحركة حماس للاستفادة من ذلك، فعلى سبيل المثال حصلت قائمة فتح في محافظة بيت لحم على (21,285) صوتاً أي نسبة (44%) من أجمالي المقترعين مقابل (14,967) صوتاً لحركة حماس بنسبة (31,9%) من أجمالي المقترعين، أي أنه تزايد عدد أصوات حركة فتح بمقدار (6,318) صوتاً عن حركة حماس أي حوالي (12.1%). و حصل مرشحي قائمة فتح المسلمون بالتوالي على (14,490) و (13,946) صوتاً أي بمعدل (14,227) صوتاً لمرشحي حركة فتح مقابل حصول مرشحي حركة حماس على (17,274) ، (15,923)، أي بمعدل (16,518) صوتاً لمرشحي حركة حماس و بمقارنة معدل أصوات مرشحي فتح مع أجمالي عدد أصوات فتح على القائمة النسبية نلاحظ أنه يقل بمقدار (7,058) صوتاً عن القائمة. و السؤال الذي يبرز هنا أين ذهبت هذه الأصوات؟ فهل ذهبت الأصوات للمستقلين أو لحركة حماس؟ و كيف حصلت حركة حماس على (2307) صوتاً زيادة عن منتخبي قائمة حماس (17,274 عدد أصوات مرشح حماس و الفائز الأول – 14,967 صوتاً عدد أصوات قائمة حماس = 2307)؟ و ما تفسير حصول أمين سر حركة فتح في محافظة بيت لحم و المرشح عن المقعد المسيحي على (8,667) صوتاً و المرشح المسيحي الأخر على (8,368) من أصل (21,285) صوتاً!! فإذا لم يلتزم مصوتو حركة فتح بكتلتهم فكيف سيصوتون في استطلاعات الرأي !!! و لماذا تحمل استطلاعات الرأي أكثر من طاقاتها في ظل عدم التزام جمهور المنتخبين لقوائمهم و مرشحيهم؟؟

 8. يبدو أن هنالك التباساً في فهم الجمهور للنظام الانتخابي في فلسطين حيث أن 66 مقعداً تم التصويت عليها بنظام الدوائر الانتخابية " الفردية " و النصف الأخر بنظام التمثيل النسبي أي التصويت لقائمة واحدة. و عند قراءة نتائج النظامين نلاحظ مدى الاختلاف في التصويت بين القوائم المختلفة فعلى سبيل المثال حصلت قائمة فتح على (42.4%) من المقاعد في نظام التمثيل النسبي مقابل (25.8%) في نظام الدوائر مقابل حصلت حماس على (43.9%) في نظام التمثيل النسبي مقابل (68.2%) في نظام الدوائر. و حصلت قائمة فتح على (34.1%) من مجموع المقاعد البالغة 132 مقعداً في حين حصلت قائمة حماس على (56.1%) منها. (أنظر الجدول رقم 2) نستنتج من ذلك كله أن نتائج التصويت الفعلي تدل على عدم وجود رؤيا حقيقية لناخب حول الأحزاب الفلسطينية و أجندتها السياسية و الاقتصادية، و التصويت كان يتم بشكل عشوائي لإرضاء الجميع، فعلى سيبل المثال أعتقد بعض الناس أنهم يرضون حركة حماس و المستقلين بالدوائر و يصوتون لفتح بالقوائم من مبدأ أنهم حياديون و لا يرغبون بالتحزب لأي طرف من الأطراف.

 أضاف إلى ذلك نلاحظ أن شخصية المرشح عند الدوائر بغض النظر عن برنامجه السياسي كان لها تأثير كبير على صوت الناخب فمرشحو حركة حماس استطاعوا أن يحصلوا على نسبته (68.2%) مقابل (25.8%) لحركة فتح. فالجمهور الفلسطيني أعطى حركة حماس التأييد الأكبر لقناعتهم بأنهم الأجدر على تمثيلهم و إجراء الإصلاحات في الوضع الداخلي. و يضاف إلى هذه العوامل نزول عدد من مرشحي فتح كمستقلين مما أدى إلى تشتت صوت الناخبين مقابل أن حركة حماس رشحت في كل دائرة عدداً محدوداً من المرشحين ليتناسب مع أعداد المقاعد. فلو تم جمع الأصوات لمرشحي حركة فتح في الدوائر و المستقلين من حركة فتح سنلاحظ أن هذه النسب ستتغير إيجابياً لصالح حركة فتح، يقول الدكتور محمد الدجاني على الموقع الإلكتروني بالمنتدى الاقتصادي الفلسطيني " " في الواقع كانت استطلاعات الرأي صحيحة فيما يتعلق بالنسب المئوية التي أعطتها لفتح،  أي أنها ستفوز بثلثين وحماس بثلث واحد فقط.  وهذا ما حدث تماما. فإذا أخذت الأصوات التي أعطيت لفتح،  شاملة أصوات المرشحين الذين خرجوا عن فتح وأعلنوا أنهم مرشحين مستقلين،  ستجد بأن فتح أحرزت فعلا ثلثي الأصوات. إذن الأمر كان فعلا سوء إدارة في الانتخابات.  ثم لو نظرت إلى الأصوات في القدس،  فقد انسحب خمسة مرشحين بسبب عدم الأهلية،  فأسماؤهم كانت على أوراق الاقتراع وحصل كل واحد منهم على ألف صوت.  فلو لم تكن أسماؤهم على أوراق الاقتراع لفاز على الأقل مرشحين (2) من فتح. ولو لم يرشح أعضاء سابقون من فتح أنفسهم للانتخابات كمرشحين مستقلين، لفاز عدد أكبر من مرشحي حركة فتح ".

 و بناء على هذه المعطيات و الحقائق كيف يمكن أن تطابق نتائج عينات استطلاعات الرأي مع نتائج الانتخابات؟ هل المشكلة الحقيقية في استطلاعات الرأي أم هي قضية الانتماء لهذه الأحزاب و الحركات السياسية؟ حقيقة هناك حاجة للإجابة على مثل هذا التساؤل.

 

الانتخابات التشريعية الثانية 2006

التوزيع النهائي لمقاعد المجلس التشريعي

 

 

 

صفة الترشيح

عدد المقاعد في انتخابات القوائم

% المئوية

عدد المقاعد في انتخابات الدوائر

% المئوية

مجموع المقاعد

% المئوية

1

قائمة التغيير و الإصلاح

29

43.9

45

68.2

74

56.1

2

قائمة حركة فتح

28

42.4

17

25.8

45

34.1

3

قائمة الشهيد أبو على مصطفى

3

4.6

0

0

3

2.3

4

قائمة الطريق الثالث

2

3.0

0

0

2

1.5

5

قائمة البديل (ائتلاف الجبهة الديمقراطية، و حزب الشعب، و فدا و مستقلين)

2

3.0

0

0

2

1.5

6

قائمة فلسطين المستقلة مصطفى البرغوثي و المستقلون

2

3.0

0

0

2

1.5

7

مستقلون

0

0

4

6.0

4

3.0

 

المجموع

66

100

66

100

132

100

 

9. أما بالنسبة للقوائم الأخرى كقائمة الشهيد أبو العباس (جبهة التحرير الفلسطينية)، و قائمة الحرية و العدالة الاجتماعية (جبهة النضال الشعبي)، و قائمة الائتلاف الوطني للعدالة و الديمقراطية "وعد" (مستقلة)، و قائمة الحرية و الاستقلال (الجبهة العربية الفلسطينية)، و قائمة العدالة الفلسطينية (مستقلة) فكانت نتائج الانتخابات متفقة مع ما أظهرته نتائج الاستطلاع بعدم حصولهم على نسبة الحسم بسبب جهل الجمهور ببعضها و عدم وجود قاعدة جماهيرية أو حزبية لهم.

 10. كثرة عدد المرشحين المستقلين على الدوائر أربك جمهور الناخبين و بالتالي أصبحت عملية اختيار مرشحيهم صعبة جداً و هذا ما أنعكس على تشتت الأصوات بين هؤلاء المرشحين، فعلى سبيل المثال فإن أعلى مرشح في محافظة بيت لحم قد حصل على (17,274) صوتاً و حصل أقل مرشح فيها على (230) صوتاً، و بالتالي فأن القدرة على التنبؤ في مثل هذه الأحوال تعتبر صعبة للغاية لمراكز الأبحاث.

 11. تشير أدبيات استطلاعات الرأي أن الناخب هو ناخب متردد يصوت عادة لصالح المرشح المتحدي و حيث أن المرشح شاغل المنصب يكون عادة معروفاً بشكل أفضل من منافسه، فأن هذا يفترض أن الناخب المتردد في اختيار مرشح يعرفه حق المعرفة سوف ينتهي بأن يصوت ضد ذلك المرشح رغبة في التغيير، فالناخب المتردد المستقل هو  بطاقة غير مسيطر عليها في عدد من الانتخابات و هذا ما حصل مع حركة فتح و حماس حيث أن كتلة المترددين في الانتخابات أعطت معظم أصواتها لحماس و ليس لفتح و وصلت نسبتهم في الاستطلاع إلى حوالي (4%).

 12. أما بخصوص اختلاف نتائج استطلاعات الرأي فيمكن تفسير ذلك أن الجمهور الفلسطيني لم يكونوا سعداء بأي من المرشحين و القوائم و لا بالخيار الذي فرض عليهم أو بالحالة العامة في البلاد. وقد أنعكس هذا الاستياء بانعدام استقرار نتائج الاستطلاعات المتعلقة و خاصة في موضوع انتخابات الدوائر. و قد فشل الكثيرون من المستطلعين في تأكيد ذلك بالقدر المطلوب.

 13. هناك عدد من المستطلعين وصلت نسبتهم إلى حوالي (10%) من أصل حجم العينة الكلية (2667) فرداً أخبروا الباحثين أنهم لن يذهبوا إلى مراكز الاقتراع لتصويت، و قد اعتبرناهم خارج أطار العينة ولم نأخذهم في الاعتبار عند نشر النتائج، و يبدو أنهم غيروا رأيهم و قرروا المشاركة بالانتخابات و التصويت لصالح حركة حماس في أخر لحظة.

 14. لقد أصبح لاستطلاعات الرأي دور مهم متصاعد في الأعلام، و أخذ تأثيرها على معرفة الجمهور و مواقفه يزداد أيضاً، و قد أستطاع الفلسطينيون اليوم أن يقارنوا بسهولة بين أرائهم الخاصة و أراء الأغلبية من المقيمين حولهم، و ازدادت ثقة الجمهور الفلسطيني باستطلاعات الرأي إذا أن نسبة كبيرة تزيد عن (60%) يثقون باستطلاعات الرأي، و هذا لا يعني أن هذه الاستطلاعات غير معصومة عن الخطأ حتى لو كان جزئياً لأنها استطلاع لرأي عينة ممثلة و ليس استفتاءاً للجمهور، فهناك عدد من استطلاعات الرأي الصحيحة يقابلها بعض الاستطلاعات الخاطئة و هناك عدد من استطلاعات الرأي التي أخطأت محلياً و عالمياً و أخرى كانت دقيقة. .. فعلى سبيل المثال يقول السيد وارين ميتوفسكي من مؤسسة "ميتوفسكي العالمية " في نيويورك / الولايات المتحدة الأمريكية في رسالة موجهة إلينا بتاريخ 30 /1/2006 :"  " ليس من المحتمل أن يكون لاستطلاعين خروج (Exit Polls) نفس المشكلة في اختيار العينة،  ولكن من الأرجح أن يكون هناك فرقا في الاستجابة للمشاركة في الاستطلاع ما بين ناخبي حركة حماس وحركة فتح. لقد اتضح بأن ناخبي فتح أكثر تعاونا مع الباحثين الميدانيين من ناخبي حماس.  وهذا ما يحدث عندما لا يتقيد الباحثون بتعليمات اختيار العينة على الوجه الصحيح". وأضاف قائلاً: "لقد كانت لدينا نفس المشكلة في عام 2004 في استطلاعات الخروج في الولايات المتحدة الأمريكية.  وهذا ما يحدث عندما لا يتقيد الباحثون – كما قلت – بتعليمات الاختيار العشوائي لعينة الناخبين الخارجين من مراكز الاقتراع،  بل يختارون أشخاصا للمقابلة حسب تقديراتهم الشخصية،  أي أشخاصا يتوقعون على الأرجح أن يلبوا طلبهم في إجراء المقابلة معهم،  أي بمعنى أشخاصا مثلهم. "

  و أود في هذه المناسبة الإشارة إلى أننا أجرينا استطلاعاً لصالح حركة فتح في محافظة بيت لحم ليلة 25/1/2006 أي قبل البدء بالتصويت بساعات تبين لنا أن قائمة التغيير و الإصلاح ستفوز بمقعدين و حركة فتح ستفوز بالمقعدين الآخرين عن الكوتة المسيحية وجاءت نسب الاستطلاع متقاربة جداً مع النتائج الحقيقية حيث أشار الاستطلاع أن هناك تنافساً شديداً بين أحد مرشحي قائمة التغيير و الإصلاح مع مرشح حركة فتح و هذا ما حصل بالفعل. كذلك الحال تم تكليفنا في انتخابات بلدية بيت آمر في الصيف الماضي بعمل استطلاع لقائمة الإصلاح و التغيير و قد حصلت القوائم بعد أسبوعين على النتائج نفسها التي جاءت في الاستطلاع علماً أنه الاستطلاع الوحيد الذي قمنا بأعداده لصالح البلديات. 

 15. الإمكانيات التنبؤية المحدودة للاستطلاع من حيث حجم العينة العشوائية. أنني أعتقد أن استطلاعات الرأي هي منهج علمي و تسير وفق خطوات علمية و الأخطاء التي يمكن أن تحدث أخطاء احتمالية و غير مقصودة و إذا حدث خطأ في التمثيل فهذا يرجع إلى سوء حظ المركز و الباحث، لأن عمل استطلاعات الرأي هو قضية أخلاقية و مبدئية و مسؤولية و أمانة يتحملها مُعدو استطلاعات الرأي و جمهور المستطلعين، فعملية قياس الرأي في الأراضي الفلسطينية مسؤولية و انتماء وطني و لا يمكن أن نتعامل معها من منظور فئوي أو مصلحي لأننا أبناء قضية واحدة و مصيرنا مشترك، و أن الأحزاب و الفصائل الفلسطينية يختلفون بالرأي و يلتقون بالمصير و كذلك الحال بالنسبة للباحثين و المشرفين و مديري المراكز فدورهم مهم و حيوي في نقل رأي الجمهور الفلسطيني بأمانة و صدق و أخلاق و شفافية و منهجية. و من هنا فأن السؤال الذي أطرحه على الجمهور هل قضية استطلاع الرأي مشكلة المراكز أم هو تغيير مواقف الناخبين؟ 

 

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required