مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

ضمن مسلسل التهويد الذي تنتهجه إسرائيل لطمس المعالم العربية في المناطق الفلسطينية وإظهارها على أنها إسرائيلية جاء قرار وزير المواصلات الإسرائيلي من حزب الليكود يسرائيل كاتس، بتهويد لافتات الطرق وشطب الأسماء العربية عنها واستبدالها بأسماء عبرية، كما وصادق مؤخراً على استبدال الأسماء العربية للقرى والمدن العربية في أراضي 48 بالأسماء كما تلفظ بها بالعبرية، جاء هذا القرار كحلقة جديدة من حلقات التهويد والسرقة التاريخية الممنهجة التي تمارسها إسرائيل يومياً.

وبموجب القرار، لن يكتب اسم القدس العربي بعد الآن بل سيستخدم بدلاً منه اسم "يروشالايم" بالعبرية، وعلى اللوحات سيكتب بالانكليزية اسم "يروشالايم" للقدس و"ناتزرات" للناصرة كبرى المدن العربية في اسرائيل و"يافو" ليافا و"تسفات" لمدينة صفد في الجليل.

وستتغير حسب القرار الأسماء العربية والإنكليزية على لافتات الطرق، واللافتات التي تحمل أسماء المدن والقرى بكنيتها العبرية "المزعومة" أو بلفظها العبري. وستظهر على سبيل المثال القدس على اللافتات باسم "يروشلايم" بالعربية والناصرة "نتسرات"، وعكا "عكو" وصفد "تسفات" وشفاعمرو "شفارعام"، وما إلى ذلك.

وهنا جاء تعليل الوزير كاتس قراره بأن "من يريد تغيير أورشليم اليهودية إلى القدس الفلسطينية من خلال لافتة، ذلك لن يحدث في الحكومة الحالية وليس خلال فترتي...". بدوره أنتقد وزير الأقليات، أفيشاي برفرمان، قرار كاتس قائلاً أن الأولوية يجب أن تكون وضع لافتات بأسماء الشوارع في البلدات العربية، التي ما زالت في العام 2009 من دون لافتات وأسماء للشوارع. لكن مثل هذا القرار لا يثير استغراب أي فلسطيني مدركٌ للعقلية الإسرائيلية القائمة على النهوض على أكتاف الآخرين، وتسمية الأمور بغير مسمياتها ونسبها إليهم ولتاريخهم المزعوم. فحملات السرقة والتهويد لكل ما هو فلسطيني باتت جلية وواضحة وضوح شمس النهار، أمام أعين العالم أجمع ومن قبله أمام أعيننا التي لم تعد ترى ترى أمامها سوى سفائف الأمور من انقسام وفرقة وفتنة، فاتحين بذلك أبواب بيتنا الفلسطيني لتسرح فيه الأيدي الإسرائيلية العابثة كما يحلو لها دون رقيب أو حسيب، حتى نضحى نحن الغرباء وهم أصحاب الدار، تماماً كما هو المثل الشعبي:"الدار دار أبونا وإجوا الغرب وطرونا".

وإسرائيل لم تتدخر يوماً جهداً في سرقة كل جوانب التراث والثقافة الفلسطينية من الدبكة والحطة الفلسطينية التي رسمتها بنجمة دواود ولونتها بلوني علمها الأبيض والأزرق، ناهيك عن الحمص والفلافل الذي روجته باعتباره طعاماً شعبياً يهودياً.

وحيث أن هذا القرار لم يكن إلا واحدا ًمن مخططات استيراتيجية عديدة لتهويد التاريخ وسرقة الأرض، دون إدراك منا لماهية خطورة هذا الوضع، جاءت في تبعات ذلك ردود فعل الأعضاء العرب في الكنيست، اللذين هاجموا قرار كاتس معتبرينه محاولة لتزوير التاريخ والجغرافيا. وقال النائب جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي، إنه "مهما فعل كاتس وأمثاله ستظل اللغة العربية والأسماء العربية تجلجل في كل أنحاء فلسطين ما دمنا أحياء. مضيفاً:"كنا خلال عقود وما زلنا في صراع مرير على الأسماء العربية الفلسطينية لكل جبل وسهل وواد ومدينة وقرية. ولنا الغلبة في النهاية لأننا الأصل والجذور".

إن هوية الوطن وأسمائه وشواهده، أقوى من كل العقلية العنصرية التي تتملك وزير المواصلات وحكومته التي تتعالى فيها الأصوات العنصرية إذ أن حقيقة التاريخ لا يمكن تزييفها بلافتات شوارع. وهذا ما أكده النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وأضاف "أن السياسة العنصرية المتمثلة بإهمال اللافتات باللغة العربية، وحتى الإشارة إلى وجود بلدات أو الطرق المؤدية لها، قائمة منذ عشرات السنوات وهي متجذرة في المؤسسة ذات الشأن ولم تكن عفوية، وقبل سنوات شهدنا تصعيداً شبيهاً، إذ أن اللافتات العربية نحو مدينة عكا باتت "عكو" واللد "لود" ويافا "يافو" وبئر السبع "بئير شيفع"، هذه المدن الفلسطينية التاريخية التي باتت ذات أغلبية يهودية، واليوم يريد كاتس هذا أن يسري الأمر حتى على البلدات التي كل مواطنيها عرب".

وهذه النهج الذي لم يكن يوماً جديداً على دولة إسرائيل التي فرضت على كل العرب فيها قسم الولاء للدولة اليهودية، وهنا يطرح السؤال نفسه أما آن الآوان لوقفة فلسطينية وعربية جدية تجاه هذا الزحف العبري الذي غير معالم المدن وعلى رأسها مدينة القدس التي باتت غريبة على أهلها، فغُيب تاريخها عنهم، في محاولة لسلخهم عنها، وشطب اسمها من خريطتهم التاريخية، أما آن الأوان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من إرثنا وهويتنا الثقافية، كل ذلك مرهون بمدى إدراكنا وتقديمنا للمصلحة الوطنية العليا أولاً، في مواجهة أخطر الحملات الإسرائيلية لمحو لغتنا العربية وتهديد عروبتنا ووجودنا.

وعلى الرغم من ذلك كله فإن هوية الأرض العربية والفلسطينية لن يغيرها اسم على لافتة طريق، فلا يضر الغبار الذهب إذا ما غطاه، لكن على الفلسطينين في المقابل أن يرفعوا رؤسهم من الرمل وأن لا يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا الصراع التاريخي.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required