مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لم يبق سوى أيام قليلة على مضي عامٍ، كانت القدس خلاله عاصمة للثقافة العربية، عامٌ لم تزدد القدس فيه سوى تهويداً وتهجيراً، وتطهيراً عرقياً تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلي، ففي الوقت الذي يحتفل فيه الفلسطينيون وضيوفهم العرب باختتام فعاليات القدس عاصمة للثقافة العربية لعام 2009، تفترش عائلتي الغاوي والكرد الأرض الباردة وتلتحف السماء الماطرة، بعد طردهما من منزليهما، من قبل المستوطنين وبحماية الجيش الإسرائيلي، وبالأمس فقط، هاجم مستوطنون متطرفون منزل عائلة عطية التي تسكن قرب منازل الغاوي التي تم الاستيلاء عليها في حي الشيخ جراح وسط مدينة القدس المحتلة، ما أسفر عن إصابة الطفلان عماد ومحمد عطية والصحفي المصور نادر بيبرس.

ورداً على ما أكده الرئيس محمود عباس، على أن القدس هي العاصمة الأبدية للفلسطينيين وستبقى كذلك إلى الأبد، وسط انفعال جماهيري لكل من جاؤوا لحضور الحفل الختامي لانتهاء فعاليات القدس عاصمة للثقافة العربية، في جامعة النجاح، جاءت مشاركة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تهجير المقدسيين، وتحويل منطقة سلوان إلى منطقة سياحية يهودية، فقد عين نتنياهو اليوم منسقاً بين الحكومة وبلدية القدس والداخلية الإسرائيلية لتسريع هدم ما يزيد عن 7 آلاف منزل فلسطيني في القدس الشرقية بحجة أنها "غير قانونية".

ما يهدد بتهجير أكثر من 50 ألف مقدسي في حال نفذت البلدية والحكومة الإسرائيلية خلال السنوات الخمس المقبلة مخططها ما يعني خمس سكان المدنية .

فيا لهذه المفارقة العجيبة، حينما تكون مدينتنا عاصمة للثقافة العربية، وهي لم تتجلى فيها أبسط قيم الكرامة العربية والإنسانية، وهذا يعيدنا للهدف الذي من أجله اختيرت القدس عاصمة للثقافة العربية لعام 2009، لكي يسلط الضوء على ما يجري فيها من إذلال واضطهاد لكل ما هو عربي وفلسطيني، لم يدخر منه الإسرائيليون شيئاً طيلة العام، وسط ضعف العرب وقلة حيلتهم، حين اكتفوا باعتبارها عاصمة لثقافتهم فحسب.

فهل كان جهدنا بالمستوى المطلوب؟، وهل نقل ما عاشته القدس ويعيشوه أهلها يومياً من معاناة على مختلف الأصعدة؟، وهل عكست هم الطلبة المقدسيين في مدارسهم المتداعية، أو المواطنين المهجرين من منازلهم المصادرة، هل عكست صورة المتعبدين في الصوامع، إلى جانب أعقاب الرشاشات الإسرائيلية؟.

أم أنها اقتصرت على سرد القصص التاريخية والثقافية للمدينة، أو ما تبقى منها!.

إذا لم يحظ التعليم ولا الاقتصاد ولا المواطن المقدسي بالاستفادة من فعاليات القدس عاصمة الثقافة ولو معنوياً -وإن كان ليس هو المطلوب-، فمن هو الأحق بأن يحظى بها!!

هل حقاً أملنا بأن تُوقف هذه الاحتفالية الزحف الاستيطاني على مدينة القدس، الذي قضم جوانبها، ولم يذر منها شيئاً؟. ربما حاول المسؤولون استثمار هذه الاحتفالية لتحريك البعد القانوني لقضية القدس كأولوية لرفع المعاناة عن المقدسيين، وإثارة موضوع القدس على مختلف الأصعدة السياسية التاريخية والدينية والإنسانية، في ظل المحاولات المتواصلة لطمس هويتها الثقافية والحضارية، والوطنية، وهم إن فعلوا مشكورون على جهودهم، لكن السؤال الآن، هل كنا بحاجة لإعلان القدس عاصمة للثقافة العربية حتى نعطي القدس حقها، وإلى ماذا ستؤول حال المدينة، بعد انتهاء هذا التسليط الإعلامي العربي عليها؟.

وإذا كان كل ما جرى في القدس هذا العام من تهويد وهدم لمنازل المقدسيين، ومصادرة لهوياتهم والتضييق عليهم، وانتهاكات للحرم القدسي واعتراض للمصليين، رغم التغطية الإعلامية والفعاليات الجماهيرية التي تزامنت مع كونها عاصمة للثقافة العربية لعام 2009، فما الذي تخبؤه السلطات الإسرائيلية بعد للأعوام القادمة، بعد زوال هذه الهالة العربية حول القدس، -وهذا ما يجب علينا أن نستعد له-.

ولا يسعنا القول سوى أن القدس الآن كانت عاصمة للثقافة العربية لعام 2009، لكنها كانت عروس العروبة الأبية، وعلينا أن نقف جمعياً مسؤولين ومواطنين، فلسطينيين وعرب، حتى تظل كذلك، قبل أن يأتي يوماً نبحث عن حضارتها وهويتها فلا نجدها.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required