مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

في مقالة سابقة كتبتها الشهر الماضي، وكان التساؤل التالي عنواناً لها، هل سيكون الثامن من آذار المقبل موعداً لإنصاف المرأة؟!، تعقيباً على مطالبة الحكومة الفلسطينية برئاسة د.سلام فياض الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعليق العمل بالمواد المتعلقة بالعذر المحل والمخفف في قانوني العقوبات السارية في شطري الوطن بشأن الجرائم الواقعة على خلفية ما يسمى "بشرف العائلة"، وإرجاعها إلى الأصل العام، واعتبارها جريمة قتل عادية، وهاهو الثامن من آذار يأتي هذا العام، وما زالت مطالب المرأة عالقة وعلى حالها.

ومما لا شك فيه فإن جهود المؤسسات النسوية والحقوقية لم تتوقف في سعيها نحو إحقاق العدالة الاجتماعية للمرأة، والمطالبة بحقوقها في كافة المجالات، وتمكينها في المجتمع، وإن كانت المطالب تتجلى في شكلها العام في هذا اليوم، لكن وكما هو معروف فإن أي عملية تغيير وخاصة إن تطلبت العمل على تغيير الرأي العام والصورة النمطية المجتمعية فهي بحاجة لعمل مكثف وتراكمي، وجهود مستمرة بنفس الوتيرة وذلك على فترة زمنية ليست بقصيرة، كما تتطلب أن تسير هذه الجهود في منظومة عمل متسقة، بين مختلف الجهات المعنية والداعية لنصرة المرأة وهو أمر نحن في أشد الحاجة إليه ما دام الهدف واحد، وذلك من أجل تسخير الآليات والجهود بالشكل المطلوب، بحيث لا تتبعثر النتائج وحتى تتحقق بالاتجاه المرغوب، وإلا فإن غير ذلك لن يعدو كونه مجرد ردود فعل، أو أعمال إرتجالية لا يضمها أطار موحد، أو فعاليات احتفالية في يوم المرأة، أو أي مناسبة أخرى.

فلا يمكن الاكتفاء بالمشاريع الصغيرة التي تنفذها مؤسسات المجتمع المدني التي تستهدف المرأة، أو حتى المشاريع الإنتاجية أو القروض الصغيرة، أو حتى النسب المئوية التي تشير لوجود المرأة في ميدان العمل السياسي والاقتصادي والتربوي وغيرها، فالمرأة الفلسطينية لا تزال تعاني من التمييز الاجتماعي السلبي اتجاها، ومن عدم مساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات ولم يتوقف الأمر عند هذا فحسب بل حرمها المجتمع من حقها في الحياة عندما قرر أن يطبق قانونه الخاص عليها على خلفية ما يسمى "بشرف العائلة"، حيث تشير الإحصاءات حسب ما أفادت به مؤسسات حقوقية فلسطينية أن سبع نساء قٌتلن في الأراضي الفلسطينية في الشهر الأول من العام 2010 في إطار "قضايا الشرف", وهو عدد كبير جداً إذا قورن بحصيلة العام 2009 التي بلغت 13 ضحية على مدار العام، حسب التقرير السنوي الذي أصدره منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة..

والعمل على تغيير واقع المرأة، بحاجة قبل كل شي لإيمان بعدالة هذه القضية، وأهمية تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع، والمجتمع العاقل يدرك أن ذلك لن يكون في صالح المرأة فحسب بل سيكون اللبنة الأولى لإيجاد مجتمع سليم، قادر على مواجهة مشكلاته وحلها، بالإضافة لكون هذا التغيير بحاجة لإستراتيجية عمل مكثفة في ذات الإطار، ليتم تنفيذها في كافة المجالات وعلى مختلف الأصعدة القانونية والسياسية والاجتماعية بشكل خاص، من أجل كسر الصورة النمطية والتقليدية عن دور المرأة وحقوقها، كل ذلك بالتوازي مع سن التشريعات والقوانين التي تضمن حقوق المرأة وتحقق لها الإنصاف والمساواة الاجتماعية.

فالمرأة كانت الضحية الأولى وما تزال كذلك للثقافة الذكورية السائدة، والتي تقف عائقاً في طريق سن القوانين والتشريعات، يضاف إليها توقف العمل على تغيير القوانين بسبب الانقسام الداخلي وتعطل عمل التشريعي، ناهيك عن عدم قيام المؤسسة الرسمية والمنظمات الأهلية ببلورة سياسات إستراتيجية، لتقوية المرأة، وإشراكها مجتمعياً وسياسياًً.

أما الأهم من إقرار القوانين فهو تطبيقها وإدخالها حيز التنفيذ، والأهم من إشراك المرأة في مختلف المجالات، هو جدية هذه المشاركة وإعطاؤها حجمها الحقيقي، وهو حق واجب لها، وليس تجملاً عليها، لأنها استحقت أن تُقدر، وقد أثبتت ذلك في تحمل مسؤولياتها ومواجهة التحديات الوطنية جنباً إلى جنب مع الرجل، فقد كانت وما تزال عنواناً للصبر على ظلم المحتل، ورمزاً للوفاء لوطنها وأهله، ورمزاً للإرادة في التغلب على السجن وسجانه، وعنواناً للبناء والانتماء، وهاهو العالم يخصها بيوم لتكريمها، لكن ما جديده عن هذا التكريم؟؟ -وإن كان مطلوباً-، لكنها بحاجة لأكثر من ذلك لتفك قيدها وتتحرر من أسرها.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required