مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لربما كان يسأل نفسه ماذا أعدت له والدته على الغداء، عندما كان عائداً من مدرسته الابتدائية في مدينة الخليل متجهاً نحو البيت، لكن قيد المحتل كان أسرع من خطواته الصغيرة، حيث انقض عليه جنود الاحتلال بالضرب والشتائم واقتادوه بوحشية السجان التي لم تستثن حتى الأطفال إلى سجن عوفر العسكري، ولم تشفع له حتى حقيبة كتبه الصغيرة على ظهره الصغير، التي تبعثر ما فيها على قارعة الطريق.

كرم دعنا أبن ال 12 ربيعاً من مدينة الخليل، كان له نصيبه من كابوس الاحتلال الجاثم على صدورنا، حيث اعتقلته سلطات الاحتلال يوم 22-9-2010، وقضى أسبوعاً داخل معتقل عوفر العسكري، بعد تعرضه للتعذيب والضرب، ومن ثم أفرج عنه بعد أسبوع بكفالة مالية قيمتها 3000 شيقل، بالإضافة على إبعاده عن بيته وفرض إقامة جبرية عليه في منزل عمّه لمدة خمسة شهور يحرم فيها الطفل من الذهاب إلى المدرسة والخروج من المنزل.

إذن هذه آخر الإبداعات الإجرامية التي تفتقت عن عقلية المحتل، والذي ما ينفك في كل يوم يبتكر أفكاراً لتعذيب الفلسطييين والنيل من إرادتهم، حتى وصل الأمر لإبعاد الأطفال عن منازلهم، وحرمانهم من دفئ عائلاتهم ومن مواصلة تعليمهم، أي من أبسط حقوقهم كأطفال.

كرم دعنا دفع ضريبة الاحتلال من طفولته المعذبة التي يقضيها في حي يعربد فيه المستوطنين طوال الوقت على مرأى ومسمع من جنود الجيش الإسرائيلي بل وبحماية منه، وهذا هو نصيبه كما هو نصيب أقرانه ال7000 طفل الذين تم اعتقالهم منذ العام 2000 ولا زال يقبع منهم في سجون الاحتلال 418 طفل تقل أعمارهم عن 18 عاماً، من بينهم 23 طفلاً لم تتجاوز أعمارهم 16 عاماً، ويقبع معظمهم في سجني 'هداريم'، و'تلموند'، والعديد من الأطفال الذين اعتقلوا وهم تحت السن القانوني اجتازوا سن الثامنة عشرة وما زالوا في الأسر حتى اليوم، حسبما أفادت وزارة الإعلام بمناسبة انطلاق فعاليات التضامن مع الأسرى في السجون الإسرائيلية، احتجاجاً على الحملة التي تشنها إدارة السجون الإسرائيلية ضدهم.

وأشارت الوزارة في تقرير لها إلى تعرض المعتقلين للتعذيب الشديد، والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية التي كفلتها المواثيق الدولية للأسرى في الحروب والصراعات، كما مورست بحقهم وبحق عائلاتهم أعمال ترقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، حيث يعيشون في السجون في ظروف نفسية قاسية ويجبرون على التوقيع على وثائق باللغة العبرية التي لا يعرفونها، ويحرمون من النوم، ومن العلاج، ومن لقاء محاميهم وعائلاتهم، ويحتجزون مع سجناء الأحداث الجنائيين الإسرائيليين، كما يحدث في سجن تلموند.

وهذا الحال ليس بجديد على أطفال مدينة الخليل، فقد سبق كرم لهذا الحسن والأمير (12، 7 سنوات) وهما شقيقان اعتقلا أثناء تواجدهما في شارع الشلالة وسط مدينة الخليل بحجة رشق الحجارة، حيث أٌفرج عن الأمير بعد 10 ساعات من اعتقاله، فيما حُول الحسن إلى معتقل عوفر، ومن ثم قرر قاضي إسرائيلي تمديد اعتقاله تمهيداً لمحاكمته.

إذن هذا للأسف حال أطفال فلسطين فبدلاً من أن يفكروا في فروضوهم المدرسية أو حتى في رحلة ترفيهية أو لعبة رياضية أمام منازلهم، باتوا يفكرون وأهلهم ما إذا كانوا سيعودون إلى المنزل ذاك اليوم أم لا، في ظل أجواء الرعب والإرهاب التي يفرضها جيش الاحتلال ومستوطنيه يومياً على السكان الفلسطينيين في كل المناطق الفلسطينية خاصة في البلدة القديمة من الخليل، من أجل انتزاع الاستقرار والأمان وكسر الإرادة والانتماء وتفريغهم من أرضهم والاستيلاء عليها وعلى منازلهم، وهو في ذلك لم يستثن أحداً بل وحتى الأطفال القصر الذين لا يحاسبون على تصرفاتهم.

فهاهي دولة الإرهاب التي تحاسب الأطفال وتحاكمهم بل وتبعدهم عن منازلهم، وهي من الهشاشة بمكان حتى أنها تستهدف الأطفال، وما هذا إلا دليل على ضعف حجتها وزور قضيتها، وانعدام إنسانيتها، وهي لا تخجل ولا تجد حرجاً بالمجاهرة بمثل هذه الجرائم.

إن ما يجري من اعتداءات يومية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي والممارسات اللا إنسانية من قبل المستوطنين لا يجب السكوت عليه، بل وعلى الجميع من مؤسسات دولية وحقوقية عربية ودولية والأمم المتحدة لحماية الأطفال التحرك والتخلي عن موقف المتفرج إزاء الهمجية التي يعامل بها أطفال فلسطين، وتوفير الحماية لهم بموجب المواثيق الدولية، وخاصة اتفاقية حماية الطفل. وحماية حقهم في العيش بكرامة وممارسة طفولتهم البريئة بعيداً عن تجارب الخوف والرعب اليومية التي يفرضها المحتل.

والسؤال آلان ماذا لو كانت الآية مقلوبة، وكان هذا هو حال أطفال إسرائيل، الجواب: لقامت الدنيا ولم تقعد، ولتهمنا بالوحشية والهمجية وغيرها، فيما يقتل الجيش الإسرائيلي أطفالنا ويعذبهم ويسجنهم ويبعدهم عن منازلهم ويحرمهم من تعليمهم ولا احد ينظر أو يكترث لحالهم، وهنا لا يمكن أن نغفل عن دور الإعلام العربي والفلسطيني في فضح جرائم الاحتلال، والتي لم ترصد العدسات منها إلا القليل.

فلماذا تمتلئ ذاكرة أطفال فلسطين بمشاهد العنف والمعاناة، بدلاً من ذكريات الطفولة واللعب والرحلات المدرسية؟، وإلى متى نقف عاجزين عن فعل أي شيء لرفع الظلم وتحقيق العدالة، فأطفالنا ليسوا ضحية احتلال ظالم فحسب بل ضحية شعوب متقاعصة عم دورها ورسالتها؟.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required