مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

ابتعدت أنظار الفلسطينيين عن المسلسلات التركية والعربية ليلة أمس، ووجهوا أبصارهم نحو مسلسل آخر ألمح البعض عن محاولات لجعله تونسيا. ما فهم بأنه محاولة لتـوْنـَسة القضية الفلسطينية ظهر عبر تقديم بضعة وثائق من أصل 1600 وثيقة حصلت عليها الجزيرة حول عمليات التفاوض الفلسطيني- الاسرائيلي، في إطار درامي تخويني بشكل جعل المشاهد يشعر أن القناة القطرية هي الأحرص على فلسطين وشعبها والقضية.

توظيف تقنيات ضخمة من مسرح وألوان وصور وموسيقى وحضور قوي للمذيعين جمال ريان وخديجة بن قنة في تسريب متسلسل يمتد عبر أربع حلقات، أعطى الانطباع للبعض بأن الجزيرة تنفذ حملة إعلامية تهدف من ورائها لشعبية واسعة تؤهلها للترشح لانتخابات تكون فيها حبيبة الشعب العربي.

وليس بغريب أن تبحث قناة الجزيرة التي يقول أفراد من عقر دارها إنها مع "نبض الشارع" عن شعبية واسعة، وهذا ما بدا واضحا عبر عدم اكتفاء القناة بنقل الوثائق كسبق صحفي إخباري، بل بتوظيف سياسي ظهر جليا عبر طرق عدة أبرزها استحضار رئيس تحرير صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن عبد الباري عطوان إلى قطر ليعلق على تلك الوثائق، وسواء ما جاء به كان صحيحا أم لا فتوجُه عطوان السياسي ليس مخفيا، وما جاء به في نشرة حصاد الجزيرة لم يكن بعيدا عما قاله طيلة السنين الماضية عبر الشاشة ذاتها.

هذا ناهيك عن توقيت عرض الوثائق التي تخزنها القناة منذ أشهر بحجة الدراسة، فيما يستعد مجلس الأمن للتصويت على قرار لإدانة الاستيطان الشهر القادم.

وبغض النظر عن النوايا أو نظرية المؤامرة وبعيدا عن مشاعر الغضب أو التهويل، فإن كثيرا من الوثائق التي جاءت بها قناة الجزيرة لم تكن جديدة أو مثيرة للدهشة بالقدر التي صُورت عليه. فكثيرون توقعوا أن تنطوي المفاوضات على تقديم تنازلات ما، ألم يكن هذا سبب رفضها من قبل العديد؟ أولم يكن متوقعا أن تفضي مفاوضات نحن الأطرف الأضعف فيها تقديم أكثر من ذلك؟

وبعيدا عن الاتهامات الإعلامية والشكل الفضائحي التي طرحت خلاله الوثائق، فإن نظرة عقلانية إلى تلك الوثائق تؤكد ما جاءت به تحليلات كثيرة سابقة عن ضعف الموقف التفاوضي الفلسطيني، النابع من الضعف الفلسطيني الداخلي، والصمت العربي. ما جاءت به الوثائق يظهر ما وصل إليه الحال الفلسطيني من إحباط ويأس عند السياسيين قبل الشعب.

وكون القضية حساسة عربيا وفلسطينيا، تفاعل الجمهور معها بطريقة عاطفية، بمنطق الأبيض أو الأسود، الخائن أو الوطني. ولثقل موضوع القدس-القضية التي بدأت بها الجزيرة سلسلة كشفها للوثائق- لم يكن وقْعُ أخبار كموافقة مفاوضين فلسطينيين سرا على قبول ضم إسرائيل لجميع المستوطنات التي بنيت بصورة غير قانونية في القدس الشرقية المحتلة ما عدا تلك المقامة على جبل أبو غنيم، أو استعداد الفلسطينيين لتقديم تنازلات في الحرم الشريف وحييْ الأرمن والشيخ جراح، طيباً البتة.

هذا الرد الجماهيري على الوثائق والذي جاء عبر التعليقات أو “Facebook” ومواقع التدوين اليوم، أرسل وبوضوح لأعلى الهرم السياسي الفلسطيني ما مفاده بأن الشعب الفلسطيني و العربي ليس مستعدا لتقديم أي تنازلات، حتى وإن أدرك أن حالة الضعف وصلت إلى أكثر مما هي عليه الآن.

التسريبات تطرح على القيادة الفلسطينية أسئلة هامة، فلماذا سمحت للجزيرة أو غيرها من الوسائل الإعلامية باستغلال موقف كهذا؟ وما هي جاهزيتها لمواجهة اللعبة الإعلامية؟ ومواجهة شعبها بضعفها التكتيكي والتفاوضي؟ فالفجوة الكبيرة بين الشعب وقيادته، وتغييبه عن الأخبار ومواطن صنع القرار كان السبب في إعطاء وسائل الإعلام المادة الدسمة في استغلال العاصفة التي بدأتها الجزيرة.

وعبر القناة ذاتها عبر رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات عن استعداده لنشر كل وثائق المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، ألم تتأخر في ذلك؟ فقد سبقتك الجزيرة!

يتضح الآن أكثر من أي وقت سبق أن اللعبة هي إعلامية خالصة، وأن الخطاب هو سيد الموقف وذلك عبر استخدام تقنيات التضخيم أحيانا والحجب أحيانا أخرى، المؤسف أنه وفي أثناء تلك اللعبة، يخسر الكل وتربح اسرائيل.

نداء ابراهيم هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required