مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

اعترضت سياسية أثناء نقاش بين قادة سياسيين، وقالت: "لم نعد ندري ما أصبح حال العرب اليوم، السودان أصبح سودانين وتونس ما زالت في فوضى ومصر الله أعلم"، فرد عليها أحد السياسيين: على الأقل نحن نتحضر لإعلان موعد جديد للانتخابات البلدية المؤجلة، وإقرار القضاء بإبطال قرار التأجيل دل على سيادة القضاء وحكمه.

إحدى أغاني الفنان الفلسطيني باسل زايد تقول ساخرة "بكرة إعلان الدولة.. راحت على اللي ما استنى (انتظر)، راح وما لحق هالدولة"، انطلقت من قصر رام الله الثقافي. وشاشة تلفزيون فلسطين كانت مسرح عرض مسلسل "وطن عَ وتر" الذي انتقد الساسة والقيادة (وما وفر حد)، حتى إن أفراد المسلسل قدموا إحدى عروضهم أمام الرئيس محمود عباس وعدد من أفراد منظمة التحرير والقيادات السياسية، وأثناء العرض سألت إحدى أبطال المسلسل: "أين القدس"، فرد زميلها: "اسألي الطخيخة أين القدس.. فجميعهم هنا في هذا الإحتفال!"

هذه القصص وغيرها من كتاب عرفوا بمعارضتهم للسلطة أو انتقاداتهم لحكومتها كانت تصل للجمهور، لذا غالبا ما ينظر لحرية التعبير في فلسطين وخاصة في الضفة الغربية بأنها ايجابية تفوق مثيلاتها في الدول العربية، على الأقل هذا ما تبدو عليه الصورة.

لكن ما يجري في الشارع الفلسطيني مؤخرا لا يبدو وأنه ينساق مع هذه السياسة، فالفلسطينيون الذي ارتفعت نسبة مشاهدتهم للقنوات الإخبارية متابعين ثورة المصريين، ونجاح التونسيين في إسقاط نظام حكمهم شعروا بضرورة التضامن مع الشعوب العربية في نضالها للحرية خاصة وأن تلك الشعوب طالما دعمت الفلسطينيين في محاولاتهم الانعتاق من الاحتلال. حاول الشبان عبر صفحات“Facebook”،التي يعود لها الفضل في توفير مساحة للتجمع أسهمت في رفد الثورات الحاصلة، تنظيم مسيرات سلمية مؤيدة للشعوب التي ثارت لإخلال حُكَامها بالعقد الاجتماعي المفترض أن يكون موقّعا بينهما.

معنويا وعاطفيا، تضامن الفلسطينيون التوّاقون للحرية مع نظرائهم العرب الذين طالما راهن الكثيرون على خمولهم، وطالب عدد منهم الشرطة والجهات المسؤولة في رام الله قبل 48 ساعة من الموعد المقرر -كما القانون- بتنظيم مسيرات في الضفة متضامنة مع الشعب التونسي، حتى يقال لهم بعدها: هذه التجمعات ممنوعة. وفي الحالتين التونسية السابقة أو المصرية الراهنة، نقل شبان فلسطينيون عبر صفحات الانترنت أخباراً وصوراً ومقاطع فيديو تبين تفريق الشرطة لتجمعاتهم بعدما حضروا لمكان المسيرات رافضين قرار المنع.

مسيرات الجماهير المنددة بالوثائق التي سربتها قناة الجزيرة الأسبوع الماضي توسطت الثورتين العربيتين. مُنعت المسيرات المؤيدة لتلك الاثنتين في الضفة فيما سُمح للناس أن تعبر عن رأيها في وثائق الجزيرة وتأييدها الرئيس محمود عباس ونهجه السياسي.

ارتبكت القيادة الفلسطينية، كيف لا؟ وبالنسبة لها كان النظام المصري حليفا استراتيجيا بينما احتضن النظام التونسي الفلسطينيين عقب خروجهم من بيروت. هاتف الرئيس عباس نظيره مبارك المهدد بالخلع مؤكدا حرصه على النظام. إذاً قرر الرئيس أن يظل (على الشط) باللغة المحكية، أي أن يبعد عن الشر و"يغنيله" ولا يدخل في متاهات سابقة تتم الإشارة إليها في تلك المواقف، فإرث وقوف الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى جانب نظيره العراقي صدام حسين بعد غزو الأخير الكويت - وهي حاضنة الكثير من الفلسطينيين على أرضها-، لا يزال يلوح أمام القيادة الفلسطينية مذكّرا بثقله ومولّدا شعور الخشية من تكراره.

لكن ذلك لا يمكنه أن يكون سببا كافيا لمنع الشباب من التضامن مع محاولات نظرائهم تغيير ظروفهم للأفضل، هذا إذا أخذنا بالاعتبار أن عدد المشاركين في تلك المسيرات لم يكن ذلك الرقم الكبير، هم فقط شباب يهدفون لتحية كل طالب للحرية.

كما أنه من غير المتوقع أن يثور الفلسطينيون على نظامهم السياسي أو احتلالهم عبر ثورة شعبية كبيرة، لعدة أسباب أهمها عدم انحدار الوضع الاقتصادي إلى درجة فقد فيها الخبز وارتفعت البطالة كما الحالات العربية، وثانيها فقدان كثير من الفلسطينيين الأمل في أن تعيد لهم الثورات العربية أرضهم المسلوبة، وهم المتعبون من انتفاضتين لم تحققا الحلم المنشود بالاستقلال والتحرر من الاحتلال.

إذا ليست الخشية من تهديد النظام الفلسطيني القائم هي سبب منع مسيرات تأييد طالبي الحرية كما يحاول البعض التسويق، بل حسابات سياسية ترجو أن تخرج القيادة الفلسطينية منها محافظة ًعلى صورتها العربية والإقليمية وبأقل الخسائر الممكنة.

لكن وفي ظل تعددية الآراء التي يعيشها الشارع الفلسطيني، فلا يعقل أن يكون الشعب حاملاً آراء قياداته السياسية بحذافيرها، ولا أن يكون مطلوبا منه أن يسمّع مواقفها غيبا. فهؤلاء لا يمثلون سياسة الدولة أو حكومتها، فضلا عما يمكن أن يمثّله منعهم من تهديد لحرية التعبير والتجمع.

نداء ابراهيم هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required