مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

هذه ليست المرة الأولى التي تعترض فيها العقبات طريق تقرير غولدستون لكنها المرة الأولى التي تكون فيها العقبة هو القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون نفسه بعد أن تراجع عن ما كتبه في تقريره الشهير حول حرب إسرائيل على قطاع غزة التي بدأت في كانون الأول 2008، وبالتحديد تلك المتعلقة باستهداف المدنيين حيث طالب بإعادة النظر في نتائج التحقيق والتي أدان فيها إسرائيل، وكان بالإمكان أن يلاحق على إثرها عدد من كبار الضباط والمسؤولين أمام المحاكم الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، لكن مرة أخرى تفلت إسرائيل من العقاب.

والحقيقة أن كثير من قضايانا الحقوقية تنتهي بالمصير نفسه أمام مطرقة قرار الأمم المتحدة، فإسرائيل لا تقف أبداً مكتوفة الأيدي أمام أي شيء قد يدينها، وهي الآن ترحب بموقف غولدستون التي لعلها تراه بأنه عاد إلى رشده وصوابه، وأطرقت تطالب بسحب التقرير من هيئات الأمم المتحدة، ولسان حالها يقول: "لقد قلنا لكم ذلك، ولو أنكم أرحتم أنفسكم واختصرتم الطريق منذ البداية".

ولا يمكن وصف موقف غولدستون بأقل من كونه فضيحة أخلاقية ومهنية فقد ضحى غولدستون بمهنيته واشترى بمصداقيته رضا إسرائيل ورضا اليهود في جنوب أفريقيا الذين نبذوه على ما جاء في تقريره من إدانة سابقة لإسرائيل، التي تطالبه الآن باعتذار رسمي لجيشها "الخلوق الدمث"، وغولدستون بموقفه هذا آثر يهوديته على مهنيته.

وليس أسوء من ذلك لأن ما قاله حول أن المعلومات لم تكن كافيه غير مقبول، وإن كان كذلك فلماذا تسرع وأصدر قراره سابقاً، ثم أن تراجعه هذا هو جريمة إنسانية لا تقل في بشاعتها عن جريمة إسرائيل ذاتها في عدوانها على قطاع غزة، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، وقد أعاد لنا موقفه مشاعر الاستنكار والألم والغضب وهي المشاعر ذاتها التي اجتاحتنا لدى رؤية عشرات الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال يسقطون كل يوم وسط دمار شامل إبان العدوان على القطاع.

لا شك في إن التراجع عن ما جاء في تقرير غولدستون هو مؤامرة حكيت ضد الفلسطينيين، إلى جانب مئات المؤامرات التي حكيت وتحاك من أجل التغطية على جرم وظلم الاحتلال، وهذا هو منطق إسرائيل التي تسعى لإخفاء جرائمها والخروج من عزلتها الدولية، ناهيك عن أن هذا التراجع سيعطيها الضوء الأخضر لمواصلة عدوانها وجرائمها ضد الفلسطينيين.

لكن سؤالا ًمهما ً علينا أن نطرحه على أنفسنا، ألا وهو ماذا قدمنا نحن من أجل دعم التقرير في الأمم المتحدة؟ حسناً، أياً كان لكنه بلاشك لم يأت بمستوى الجهود الإسرائيلية الحثيثة والجاهدة من أجل إلغاء وإنكار ما جاء فيه، والدليل على ذلك هو تراجع غولدستون عن أقواله، فلا يعقل أن يتراجع من ذات نفسه، وأن يغلق عينيه عن حقيقة الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في غزة، ويمسح من ذاكرته صورها.

وإسرائيل لا تنفك تمارس ضغوطها في كل اتجاه فهي الآن تسعى لإجهاض أي تحرك سياسي لنا في الأمم المتحدة بخصوص الاعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول القادم، إذ يتعين علينا مواجهة هذا الحشد والضغوط لضمان تمرير القرار في الأمم المتحدة وعدم القبول بأن تعترضه الضغوط الإسرائيلية.

لذا حري بنا أن لا نتوقف عند نظرية المؤامرة التي اعتدنا دوماً تعليق تقاعسنا وإهمالنا عليها، ولابد أن نصنع حراكاً محاذياً للحراك والضغط الذي تمارسه إسرائيل، وأن ننتفض للدفاع عن حقوقنا وقضايانا وفضح ممارسات الاحتلال وجرائمه، ليس فقط من أجل إحقاق الحق والعدالة، بل أيضاً إكراماً لأرواح الشهداء الذين قضوا فداءً للوطن سواءً في قطاع غزة أو في أي مكان في فلسطين، فالتراجع عن تجريم إسرائيل لا ينفي ارتكابها فعلاً لتلك الجرائم بحق أكثر من 1400 فلسطيني معظمهم من المدنيين قضوا في العدوان، إضافة إلى آلاف الجرحى وتدمير عشرات آلاف البيوت وتهجير العائلات، فلابد من متابعة التقرير خاصة أنه تقرير أُممي وليس ملكا ً لغولدستون نفسه.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required