مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لا شك أن قرار الرئيس محمود عباس بتعطيل المادتين 340و98 من قانون العقوبات الأردني لسنة 1960 في قانون العقوبات الخاص بقتل النساء، أثلج صدورنا جميعاً سواءً كناشطات نسويات أو كمواطنين فلسطينيين يؤمنون بتكامل دور الرجل والمرأة في مجتمعنا ومساواتهما في الحقوق العادلة.

وإذ نثمن عالياً قرار الرئيس، والذي انتصر أخيراً لحقوق النساء وانتصر لمظالمهن ورغم أنه جاء متأخرا ً لمن دفعت منهن بروحها ثمناً للتخلف المجتمعي الذي نعيشه، وكانت آخرهن آية براذعية من بلدة صوريف غرب الخليل، والتي انفطرت قلوبنا على قتلها بيدي عمها و3 من أصدقائه غدرا ً وزورا ًوبهتانا ً بالذريعة البالية "شرف العائلة"، فكان هذا القرار إنصافاً لحقها وثأرا ً لروحها الطاهرة هي ومن سبقها إلى ذات المصير من الفتيات المغدورات.

السؤال الذي لطالما سألته مؤسسات المجتمع المدني وخاصة المؤسسات الحقوقية والنسوية، لماذا كنا وعلى مدار عشرات السنين السابقة مأسورين لأحكام وقوانين قديمة بالية أكل عليها الدهر وشرب ولم تعد تسمن ولا تغن من جوع، وواضعوها أنفسهم باتوا في عداد الموتى، وقد وضعت لتلاءم عهوداً وفترات زمنية غابرة قائمة لكنها تطبق علينا في زماننا هذا الذي تغيرت فيه الظروف والأحوال، فباتت تلك القوانين عاجزة وقاصرة عن تلبية حاجت ومتطلبات المرأة التي تسعى للانفكاك من بوتقة الكبت والنمطية والتملك الذكوري التي كانت ومازالت سائدة.

إن هذا التعديل هو حاجة ملحة الآن وفي هذا الوقت الذي تزداد فيه الجرائم المرتبكة بحق المرأة بحجة "الشرف" وتحت مظلة "العذر المحل والعذر المخفف"، الذي يتهاون مع القتلى فيكافئهم بالسجن لأشهر معدودات، ليخرجوا من بعدها أبطالاً مبجلين في محيطهم لتطهيرهم شرف العائلة الذي لا يغسل سوى بدماء العذارى، فكم من جريمة قتل متعمدة وعلى خلفية إجرامية طويت وجُيرت على أنها جريمة "شرف"؟.

قرار مفصلي كهذا جاء متأخراً جداً، وبعد طول انتظار وبعد أن وقفنا عاجزين أمام أرواح العشرات من الفتيات، -لكننا لا نريد أن نضيع فرحة الانتصار بالعتاب-.

جاء هذا التعديل الذي قد يضبط القتل العبثي والعشوائي الذي جاب قرانا ومدننا وطال بناتنا وأخواتنا، فهذا ما يؤل إليه المجتمع عندما تحل الفوضى محل القانون، فينحدر المجتمع نحو منزلق الرجعية والتخلف وقانون الغاب فيقتل القوي الضعيف، ويكون البقاء للرجل الذي يحميه المجتمع بعاداته وتقاليده الرثة التي تمخضت عنه مثل هذه القوانين، مجتمع بُنيت قوائمه على التمييز بين الجنسين، وتعزيز القصور الأنثوي أمام الكمال الذكوري وعلى الاستدلال بالحجج الدينية من أمثال: "النساء ناقصات عقل ودين"، وعلى اجتزاء الآية "الرجال قوامون على النساء"، لذا فهي بعقلها الناقص ودينها المنقوص فريسة سهلة للغواية والتغرير، وعلى ارتباط العيب بالفتاة التي يقع على عاتقها حمل شرف العائلة، وعلى الشاب تطهير هذا الشرف إذا ما رأى منها ما لم يعجبه وما لا يرتضيه لهذا الشرف، وبالتالي فما المجتمع وقوانينه إلا مرآة لهذه الأفكار وانعكاسا ًلها.

إن تغير عقلية المجتمع وإقناعه بأن المرأة إنسان كامل قادر على اتخاذ كافة القرارات المتعلقة بحياته، سواءً في الدراسة أو العمل أو الارتباط ما يزال بحاجة لعملية توعية متواصلة قد تحتاج في أحسن تقدير لعشرات السنين، لكن بالتوازي مع هذه العملية لابد أن يُفرض القانون الذي يحمي المرأة في كافة شؤونها إذا ما خرجت للدراسة أو العمل أو حتى عند اختيارها لشريك حياتها.

لكن هل سيقطع المرسوم الرئاسي الطريق على أولائك الذين يقتلون على خلفية ما يسمى ب"شرف العائلة"، وهل سيكون رادعاً لكل من تسول له نفسه تجريم المرأة ومحاكمتها وقتلها بغير حق؟. على كل الأحوال لا بد من المتابعة عن كثب مع كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية من أجل اتخاذ كافة الإجراءات القانونية الكافية بتنفيذ المرسوم والقرار الرئاسي، وإدخالهما حيز التنفيذ.

نتمنى أن نبدأ بهذا القانون مرحلة جديدة، ونسطر تاريخاً فاصلا ً خالياً من الدماء البريئة ونشكر الرئيس ونناشده من جديد ونناشد المجلس التشريعي للعمل على تعديل كثير من نصوص القوانين المجحفة بحق المرأة وإصدار قوانين خاصة بحماية المرأة من العنف، وكذلك المصادقة على قانون الأسرة والأحوال الشخصية، من أجل تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وحماية حق المرأة في الحياة، من أجل الوصول إلى مجتمع سليم في طريق مواجهة الاحتلال و بناء الدولة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required