دولة الدكتور محمد اشتية المحترم
تحية طيبة وبعد،
الموضوع: مشروع قرار مجلس الوزراء رقم (--) لسنة 2022م نظام ترخيص المؤسسات الإعلامية تتابع المؤسسات الحقوقية والإعلامية ونقابة الصحفيين والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" والائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) بقلق واستهجان شديد مشروع نظام ترخيص المؤسسات الإعلامية ، وترى هذه المؤسسات أن هذا النظام يأتي في سياق موجة التشريعات التي أصدرتها السلطة التنفيذية مؤخراً وتستهدف بالأساس إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني نحو منح المزيد من الهيمنة للسلطة التنفيذية على مفاصل الحكم والانقضاض على المؤسسات التي تحمي القيم الديمقراطية وتضمن تطبيق مبادئ الحكم الصالح في إدارة الدولة الفلسطينية، وفقا لما أكدت عليها وثيقة الاستقلال في العام 1988 والمبادئ الدستورية الواردة في القانون الأساسي الفلسطيني المعدل للعام 2003. وتتساءل المؤسسات الحقوقية والاعلامية عن المستفيد وصاحب المصلحة من إصدار هكذا تشريعات تسيء لسمعة الدولة الفلسطينية العتيدة ومشروعها الوطني وتجعلها في مكانة دولية متردية فيما يتعلق باحترام حقوق الأنسان وقيم الحرية والديمقراطية ويفقدها بالتالي الدعم والتعاطف الدولي في حقها في تقرير المصير في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي الغاشم. كما يفقدها من جانب آخر ثقة المواطن الفلسطيني وحلمه بدولة فلسطينية عصرية تحترم حقوفه وحرياته الأساسية وتضعف بذلك رغبته وطموحه للنضال من اجل حرية واستقلال هذه الدولة باعتباره المشروع الوطني في هذه المرحلة. وترى هذه المؤسسات أن ضمان حرية وسائل الإعلام وتعددها واستقلاليتها، يأتي ضمن احترام وحماية هذا الحق الذي هو أساساً للحكم الصالح، وسيادة القانون، وتعزيزاً لمبدأ الشفافية والمساءلة، والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية العامة. وانطلاقا من ذلك فقد تم الاطلاع على مشروع قرار مجلس الوزراء رقم (--) لسنة 2022م نظام ترخيص المؤسسات الإعلامية"، الذي استند إلى أحكام القانون الأساسي المعدل للعام 2003 وتعديلاته، ولا سيما أحكام المادة (27) منه، وإلى أحكام القانون رقم (9) لسنة 1995، بشأن المطبوعات والنشر، وإلى قانون الاتصالات السلكية واللاسلكية رقم 3 لسنة 1996، وإلى قرار مجلس الوزراء رقم (18) لسنة 2018، بشأن ترخيص المحطات الإذاعية والتلفزيونية الأرضية والفضائية وشركات خدمات البث الفضائي ومكاتب المحطات الفضائية والإنتاج الإعلامي. وبعد اطلاع المؤسسات الموقعة أدناه على مشروع النظام وما تضمنه من اختلالات جوهرية لحرية العمل الإعلامي (مرفق المذكرة القانونية حول ملاحظات المؤسسات المجتمعية)، فإننا نطالب دولتكم بعدم إقرار المشروع النظام المذكور، وعدم الاستمرار في عملية اقراره، والبدء في نقاشات مع أصحاب المصلحة ومؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والإعلامية للوصول إلى سلة تشريعات ناظمة للعمل الإعلامي تنسجم مع قيم الدولة الفلسطينية المرسومة في وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي المعدل، وتراعي القيم الديمقراطية وتحترم التزامات دولة فلسطين الدولية، وتساهم في الوقت ذاته في بناء الدولة الفلسطينية المنشودة تحقيقا للصالح العام. وفي هذا السياق نطالبكم أيضا بإلغاء اتفاقية منح رخصة إنشاء وتشغيل محطة اذاعية راديوية التي تحاول وزارة الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات فرض توقيعها على الوسائل الاعلامية.
المذكرة القانونية أولاً: يفتقد المشروع للسند القانوني، فعلى الرغم من الإشارة في ديباجة النظام إلى كل من قانون المطبوعات والنشر رقم 9 لسنة 1995 وقانون الاتصالات السلكية واللاسلكية رقم 3 لسنة 1996، إلا أنّ النظام يضع أحكاما لم يرد فيها أيّة احالات أو تفويض تشريعي في هذين التشريعين، الأمر الذي يتعارض مع مبدأ هرمية التشريع وأصول الصياغة التشريعية التي تؤكد على عدم جواز معالجة التشريعات الثانوية الصادرة عن السلطة التنفيذية لأحكام قانونية لم تفوض من قبل السلطة التشريعية بمعالجتها. ثانياً: يتعارض المشروع مع أحكام المادة (27) من القانون الأساسي التي أكدت على حرية وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وحرية الطباعة والنشر والتوزيع والبث، وحرية العاملين فيها، وحظرت الرقابة على وسائل الإعلام، بحيث لا يجوز إنذارها أو وقفها أو مصادرتها أو إلغاؤها أو فرض قيود عليها إلا وفقاً للقانون وبموجب حكم قضائي ، كما أكدت ذات المادة على أن أية رقابة على مصادر تمويل الصحف وسائل الإعلام لا تتم إلا وفقا للقانون الذي يصدر عن ممثلي الشعب، وليس لنظام يصدر عن الحكومة تعهد فيه الرقابة المالية إلى وزارة الداخلية وفقا لما ورد في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من مسودة القرار ويتم منحها صلاحيات واسعة جدا في هذا الجانب تتجاوز عدد من الاحكام الواردة في التشريعات الفلسطينية النافذة كقانون الشركات وقانون المصارف. ثالثاً: استخدم المشروع صياغات وعبارات مرنة وفضفاضة تمنح صلاحيات تقديرية واسعة للجنة الثلاثية المُشكلة من وزارة الإعلام، ووزارة الاتصالات، ووزارة الداخلية، ويحد الدور والصلاحيات الممنوحة لهذه اللجنة، من دور القضاء لاحقا، ويمكّن الجهات الرسمية من فرض القيود على العمل الإعلامي، ومعاقبة المؤسسات الإعلامية بصورة مزاجية وانتقائية، ومن أبرز هذه العبارات ما ورد من محظورات على المؤسسات الإعلامية والشروط الواجب توافرها في المحتوى الإعلامي الذي تبثه، كـالعبارات التالية: "المحافظة على النظام العام والأمن العام ومقتضيات المصلحة العامة"، "عدم بث أيّ محتوى غير اخلاقي أو يتنافى مع قيم ومبادئ المجتمع الفلسطيني"، "احترام الهوية والتاريخ الفلسطيني وعدم بث أيّ مادة إعلامية من شأنها المساس بالهوية الفلسطينية أو المساس بالرواية الفلسطينية". رابعاً: يمنح المشروع اللجنة الثلاثية المشكلة من وزارة الإعلام والاتصالات ووزارة الداخلية صلاحيات واسعة ومركزية جدًا تتعارض مع مبدأ الحريات الإعلامية، وضرورة عدم وضع قيود وضوابط عليها إلا بما يتفق مع المعايير والضوابط المتعارف عليها دوليا، مثال ذلك؛ تحديد شروط واجب توافرها في العاملين في المؤسسات الإعلامية والمواقع الالكترونية والتي تتضمن في معظم المستويات شرط الحصول على الموافقة الأمنية، ضرورة الموافقة المسبقة على البث المشترك بين عدة محطات اعلامية وضرورة الحصول على الموافقة المسبقة من وزارة الإعلام على تغيير مدير أو رئيس تحرير المؤسسة الإعلامية، إلزام جميع المؤسسات التي ترخص بموجب أحكام النظام تزويد وزارة الإعلام بعقود عمل كتابية لكل من المدير أو رئيس التحرير وكافة العاملين الإعلاميين في المؤسسة وذلك كشرط من شروط الترخيص. خامساً: لم يعرف المشروع مفهوم عبارة "عدم الممانعة" الصادرة عن وزارة الداخلية، رغم ايرادها ( 13) مرة، فكان من المفترض، ووفق أصول الصياغة التشريعية السليمة، أن يتم تعريفها في المادة الأولى (تعاريف)، لأن واقع الحال يشي بأن المقصود بعبارة "عدم الممانعة" هو السلامة الأمنية او ما يعرف بحسن السلوك، الذي يصدر عن الأجهزة الأمنية وتحديداً جهازي الأمن الوقائي والمخابرات، والتي تؤكد الشهادات والوقائع بأن منحها يعتمد بشكل كبير على خلفية الانتماء السياسي الأمر الذي يخالف مبدأ المساواة وعدم التمييز التي نصت عليه المادة (9) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل، ويمثل مدخلاً وشكلاً من أشكال الفساد السياسي في التعامل مع المؤسسات الإعلامية. سادساً: لم يتم مشاورة او اشراك الاجسام الممثلة لذوي المصلحة ومؤسسة حقوق الانسان لدى اعداد هذا المشروع، فغي خلافا لما نصت عليه قواعد الصياغة التشريعية التي تم إقرارها من قبل مجلس الوزراء التي تشترط ان يتم اتباع منهج مشاركة الاجسام التمثيلية والفئات المجتمعية لدى اعداد القوانين الخاصة بها، وان يتم عقد مشاورات مجتمعية بهدف الوصول الى تمثيل كافة المصالح بهذه التشريعات. انطلاقا مما ورد أعلاه، فإننا نرى أن إقرار هذا القرار يتعارض مع وثيقة الاستقلال الفلسطينية وأحكام القانون الأساسي الفلسطيني، ومع ما تضمنته الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان التي انضمت إليها دولة فلسطين دون تحفظ، ويساهم في الوقت ذاته في تقييد عمل المؤسسات الإعلامية والحد من حرية التعبير، الأمر الذي يؤثر سلباً على السلم الأهلي ورفع حالة الاحتقان الداخلي. لذلك فإننا نطالب دولتكم بعدم إقرار مشروع النظام المذكور، وإحالة مسألة تنظيم العمل الإعلامي إلى نقابة الصحفيين وباقي الأجسام التمثيلية للعمل الإعلامي ومؤسسات حقوق الانسان، في سياق مشاورات وطنية بهدف الوصول الى أفضل الصيغ والنماذج التي تعزز حرية التعبير والحريات الإعلامية. كما نطالب دولتكم في هذا السياق الافراج عن التشريعات التي تعزز قيم الشفافية والديمقراطية والحريات الإعلامية؛ كمشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات ومشروع قانون المجلس الأعلى للإعلام، والإسراع في عملية إقرارها. للاطلاع على ورقة الموقف بصيغة PDF
اقرأ المزيد...
بقلم: منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة
تاريخ النشر: 2024/3/7
بقلم: منتدى النوع الاجتماعي في الحكم المحلي
تاريخ النشر: 2023/9/26
بقلم: مؤسسات المجتمع المدني
تاريخ النشر: 2023/8/26
|