مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

على الرغم من فشل المرأة في اختراق اللجنة المركزية وهي الهيئة القيادية الأولى في حركة فتح، إلا أن ذلك لم يكن إلا حافزاً ودافعاً، لأن تحقق نصراً حقيقياً بدخولها إلى عضوية اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير، حيث حصلت د. حنان عشراوي على مقعد في اللجنة التنفيذية للمنظمة، ما يجعلها أول سيدة فلسطينية تصبح عضواً في قيادة منظمة التحرير في سابقة هي الأولى في تاريخ المنظمة.

وذلك بعد أن عقد المجلس الوطني الفلسطيني دورته الخاصة في رام الله، بهدف استكمال نصاب اللجنة التنفيذية بعد وفاة ستة من أعضائها، ما افقدها النصاب القانوني، بعد 30 يوماً من وفاة د.سمير غوشة الأمين العام لجبهة النضال الشعبي وعضو اللجنة التنفيذية.

الانتخاب الديمقراطي ضمن عملية تنافسية حرة، كان هو الطريق لفوز المرأة بجدارتها وكفاءتها، بل وهو الطريقة المثلى لتثبت المرأة أنها هي من تصنع نجاحها، دون الحاجة لتعيين أو توافق أو كوته، وهو ما يجب أن يكون في ظل إحراز المرأة الفلسطينية المضطرد لمزيد من التقدم والتطور فيما يتعلق بمشاركتها في العديد من الهيئات الوطنية والمحلية والتشريعية والتنفيذية.

حصلت د.عشراوي على 182 صوتا ًبدعم من كل القيادات النسوية الحاضرة في انتخابات اللجنة التنفيذية للمنظمة، في صورة واضحة وداحضة للاتهام التقليدي الذكوري، بأن المرأة هي من تفشل المرأة، كما أكدت د.حنان عشراوي.

وهذه الصورة الرائعة التي عكستها المرأة بعملها وجدها لدعم وجود المرأة في منظمة التحرير، إنما هي الصورة الحقيقة التي تنشدها كل القوى والقيادات النسوية، لإدراكها تماماً أهمية ما سيحققه وجود المرأة في مثل هذه المواقع إيجاباً على الحركة النسوية بشكل عام، وعلى وضع المرأة في الحراك السياسي بشكل خاص.

منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية فإن تمثيل المرأة في المجلس الوطني الفلسطيني يأتي عبر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وبموجب تركيبة المجلس الوطني المبنية أساساً على مفهوم الكوتات والحصص فإن نسبة تمثيل المرأة فيه كانت دائما محددة مسبقاً، وإن هذا التمثيل بهذه الصورة الشكلية لا يعني مشاركتها في الهيئات القيادية للمنظمة، وعليه فإن مسؤولية البت في القرارات المصيرية سواء بالنسبة للقضايا المجتمعية الفلسطينية وخاصة ما يتعلق بحقوق المرأة أو القضية الوطنية بأكملها بقي متداولاً في يد قيادة الثورة الذكورية.

وإن أي محاولة لفهم أو تحليل مسيرة حركة التحرر الوطني دون النظر إلى الدور الجدري والنوعي الذي قامت به المرأة الفلسطينية ومازالت تقوم به عبر مراحل النضال الوطني المختلفة، هي محاولة لرؤية نصف الحقيقة فقط وهو إقصاء تعسفي للمرأة ودورها الاجتماعي والنضالي، وبالتالي فهي تعكس صورة غير مكتملة.

ويعتبر نجاح د.عشراوي نجاحاً للمرأة الفلسطينية، وهو نجاحٌ يبشر بدنو الوقت الذي تحصد فيه المرأة نتيجة عملها الثوري والنضالي والوطني على مر السنين الماضية، والتي شكلت الانتفاضتين الشعبيتين منعطفاً مهماً في نوعية ومضمون مشاركتها في العمل الوطني، وذلك عبر العديد من التنظيمات والأطر النسوية المجتمعية التي تشكلت على امتداد سنوات الاحتلال، والتي انشغلت خلالها بأولوية مواجهة الاحتلال ومقاومته على حساب تحررها من القمع الذكوري في مجتمعها.

وإن هذا النجاح على أهميته ما هو إلا خطوة في طريق الألف ميل نحو رفع الظلم الواقع على المرأة، وتهميش دورها والذي جاء نتيجة مجموعة من المحددات والعوامل المجتمعية التي تداخلت لتشكل منظومة قمعية تحجم دور المرأة في كافة المحافل المجتمعية والأصعدة الوطنية، وبالتالي فهذا النصر هو انتفاض على كل المحاولات لتحجيم دور المرأة الفلسطينية، وهذا مدعاة لأن يُنظر إلى المرأة على أنها عامل مكمل للرجل في الصورة السياسية، وأن تأخذ دورها إلى جانبه بعد أن كانت داعمة له في كل المحافل الوطنية، ومن هنا ينبغي المضي قدما ًنحو القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وعدم الاكتفاء بهذا الإنجاز فحسب.

وهذا الفوز إنما هو حق مكتسب وليس هبة أو عطاء من أحد، أنجزته المرأة بكفاءتها وقدرتها، وهو واحد من حقوقها المشروعة الذي حصلت عليه بجدارة للتمتع بحقوقها السياسية، وممارستها جنباً إلى جنب مع الرجل، وهذا ما كفلته القوانين والأعراف الدولية بخصوص الحقوق السياسية للمرأة والتي نصت على أن "للنساء أهلية تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة المنشأ بمقتضى التشريع الوطني، بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز".

الآن وبعد أن اكتمل أعضاء اللجنة التنفيذية، تتجه الأنظار للتحضير لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني، لبحث قضايا انتظرت طويلاً، يُضاف إليها مستجدات على الساحة الفلسطينية وما يحيط بها، وهنا تأتي مسؤولية اللجنة التنفيذية الجديدة بالتحضير لعقد انتخابات للمجلس الوطني، وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير، وهي ضرورة وطنية ملحة في المرحلة الحالية.

ومن المهم جداً أن يأتي هذا النجاح بدعم من كافة القوى والفصائل المجتمعية بشكل عام، وبدعم من الرجل بشكل خاص، والحقيقة أن حرية المرأة الفلسطينية واستردادها حقوقها كاملة لن يأتي إلا بالمثابرة والعمل الجاد، والتعاضد بين كافة الأوساط القيادية النسوية والذكورية المؤمنة بأهمية تحقيق هذا الحلم وما سيترتب على جعله واقعاً.

وعلى الرغم من ذلك لا يجب أن يوحي هذا الإنجاز بتحقيق المساواة العادلة، في وقت تعاني فيه المرأة من كافة أشكال التمييز والقمع من البنية الأبوية السلطوية، في المجتمع الفلسطيني بشكل عام وبالتحديد في قطاع غزة، والذي توجت فيه هذه السلطة بمزيج من القرارات التي تنتهك حرية المرأة وكرامتها ابتداءً من استخدامها كأداة لتحقيق أهداف سياسية أيديولوجية، وانتهاء بفرض الحجاب عليها.

والواقع أن تحقيق تحرر المرأة من القمع الأبوي المتراكم على مر الأجيال تحتاج لوقت طويل تتغير خلاله العقلية المجتمعية، من خلال خطوات حثيثة ومتراكمة في هذا الاتجاه، ويتطلب نضال متزامن على عدة جهات، والتعامل معه على أنه حاجة ملحة على أولويات العمل الوطني وهي جزء من التركيبة الفسيفسائية لمشروع التحرر الوطني.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required