مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لم تكد بضع ساعات تمر على نشر صحيفة "الجيزوساليم بوست" الاسرائيلية هذا الخبر، حتى تُرجم للعربية ونشر على وكالة الأنباء الرسمية-وفا.
الخبر يتحدث عن مبادرة وزير المعارف الإسرائيلي جدعون ساعر لإطلاق برنامج جديد لطلبة المدارس في إسرائيل اسمه "هيا نذهب للخليل" على غرار برنامج مشابه في القدس، لتشجيع الطلبة على زيارة الحرم الإبراهيمي والمستوطنات في الخليل. وبحسب الوزير فإن البرنامج يهدف للتعرف على "الجذور التاريخية اليهودية في مدينة الأجداد".

فلسطينيا، قد لا يعتبر هذا الخبر بحد ذاته ملفتا، على اعتبار أن نشر الأخبار الإسرائيلية في وسائل الإعلام الفلسطينية المختلفة ليس بغريب. فالزوايا التي تخصص لنشر الأخبار والتقارير والتحليلات المترجمة عن وسائل الإعلام الإسرائيلية تكاد تكون يومية.

لكن هذا الواقع ليس متبادلا، فأخبار الفلسطينيين لا تحتل مساحات كبيرة في وسائل الإعلام الإسرائيلية. هذا ما دفع مراسل صحيفة هآرتس لشؤون الاستيطان للتعقيب على الخبر السابق بالقول: "أريد أن يذهب الإسرائيليون إلى الخليل، أن يسألوا أين ذهب العرب؟ وأرض من هذه التي احتللنا؟ فالإسرائيليون يجهلون الكثير بما يخص الصراع."
هذا الغياب عن الصراع وبُعد شريحة كبيرة في إسرائيل عنه، لا يمكن دراسته بمعزل عن عاملين يلعبان دورا كبيرا: الجمهور، الذي يؤثر بشكل مباشر في مبيعات وسائل الإعلام وبالتالي تغطيتها، والإعلام، الذي يتمركز معظمه في تل أبيب.

في المساء، لا ينام الناس في تل أبيب، بعد ساعات في هذه المدينة الكبيرة تكاد تنسى أنك في وسط واقع يشهد احتلالا وقتلا واحتقانا وتفجيرات.
المقاهي والمطاعم مليئة بالزوار، والناس –ذات الأغلبية المنفتحة اجتماعيا في إسرائيل- يسيرون في جاداتها، أو يمارسون الهرولة. وعدا عن نصب تذكارية لرئيس الوزراء السابق اسحاق رابين أو أخرى لقتلى العمليات التفجيرية في المدينة التي كانت تسمى "تل الربيع"، لا تجد أي مظاهر لأي صراع كان.

داخل غرفة تحرير "يديعوت احرونوت" إحدى أكثر الصحف العبرية انتشارا، يجلس عشرة محررين أو أكثر بملابسهم العصرية، وأجهزتهم الحديثة، يتابعون الأخبار ويحررون ما يكتبه مراسلوهم في المناطق. أدهشني أحد المحررين عندما قال: "لا سياسية تحريرية عندي ولا يقولون لي ماذا أكتب"، لكنه استدرك: "أكاديميا، الصحافة في إسرائيل ليست تخصصا قويا، معظمنا يستفيد من الخدمة العسكرية في إذاعة الجيش للتدرب على الكتابة الصحفية."

يكفي هذا للدلالة كيف تؤثر هذه التجربة في التغطية الصحافية للأحداث، وعبر ذلك أيضا يمكن أن نفهم أيضا إصرار وسائل الإعلام الإسرائيلية على تبني رواية جيش الاحتلال في كل عملية أو حادثة، أخذا بعين الاعتبار قرب مؤسسة الجيش لدى المجتمع الإسرائيلي الذي يعتبرها حاضنة أبنائه وبناته.

طبيعة الصراع تفرض نفسها على الطرف الفلسطيني الأضعف الذي يعاني الاحتلال، فتجد العمال مضطرين للعمل في إسرائيل وتعلم لغتها. وترى الفلسطيني اليائس من الاحتلال يبحث في تحليلات السياسيين عما يمكن أن يحمل حلا أو تخفيفا لمعاناة احتلاله، يحتاجها ليفهم ماذا بعد، وما الجديد؟ بينما لا يرى الإسرائيلي سببا كافيا لذلك، فحياته مستمرة، فيما يبرر له جيشه أي سياسة تمارس ضد الفلسطينيين بأنها "أمن" و"سلام" لإسرائيل.. عندها يقرر ألاّ يفهم لأنه ببساطة لا يحتاج.

وخلافا لما اعتبره الصحفي الإسرائيلي، لن تكون زيارة الخليل، التي تأتي في إطار رحلة تاريخية إلى "أرض الأجداد"، مدعاة لتغيير أفكار الإسرائيليين بشأن الصراع أو لإثارة تعاطفهم بشأن ما تفعله حكومتهم اليمينية، فرغم وجود أقلة يسارية أو محبة للسلام، فالمستوطنون والمتطرفون، ناهيك عن اللامبالين، هم المؤثرون. هؤلاء من نحتاج لبلورة خطط للتأثير عليهم وجعل الاحتلال مؤثرا على حكومتهم ومكلفا لها.

نداء ابراهيم هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required