مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لا أظن أبداً أن أي فلسطيني مهما كان غله وحقده على دولة الاحتلال الإسرائيلي بسبب اعتداءات هذا الاحتلال واستمرار عدوانه، يمكنه أن يبارك قتل أطفال لا حول لهم ولا قوة، ليس فقط لأنه عمل يتنافى مع القيم الإنسانية والأخلاقية، وليس فقط لأنهم أبرياء ولم يختاروا أن يكونوا أبناء مستوطنين اغتصبوا أرض غيرهم واستوطنوها، بل لأن عملا كهذا ليس من الوطنية في شيء، ولا يمت بصلة لمعتقداتنا وتقاليدنا وأخلاقنا ولا حتى لدياناتنا السماوية.

حملة الانتقام التي يشنها المستوطنون على الفلسطينيين ما زالت مستمرة منذ السبت الماضي الذي شهد مقتل أفراد العائلة اليهودية في مستوطنة "ايتمار" جنوب شرق نابلس، فقد عربد هؤلاء على المواطنين الفلسطينيين في الطرق الرئيسة وأحرقوا ممتلكاتهم وسياراتهم، ودبوا الذعر والرعب في قلوب الجميع.

إن إلصاق مثل هذا العمل الفظيع بالفلسطينيين، وتصويرهم على أنهم "سفاحون وقتلة" أو "حيوانات" كما وصفتهم صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، ما هو إلا ذريعة ومبرر لمزيد من أعمال العنف والعربدة الوحشية التي يمارسها المستوطنون بحق الفلسطينيين وأبنائهم، والتي لم تتوقف يوماً وهم الذين يعيشون على رؤوس التلال والجبال ويبتلعون أرضنا ويقتلون أبناءنا ويهاجمون ويعتدون تحت حماية جيش الاحتلال بل ومباركته، في وقت لا يجرؤ أحد منهم على التطرق لمثل هذه الاعتداءات، التي تمر مرور الكرام على مرأى المجتمع الدولي.

نقول هذا في وقت استبعدت فيه مصادر إخبارية اليوم على لسان مسئول أمني إسرائيلي أن يكون فلسطينيين وراء العملية، ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن ذلك المسئول قوله إن هناك احتمالات كبيرة بأن تكون خلية محلية نفذت الهجوم بدافع الانتقام منوها إلى دخول فلسطينيين إلى المستوطنة المحصنة بالكامل والمحاطة بأسلاك كهربائية وبوابات الكترونية وبكاميرات مراقبة، فهل يعقل دخولهما دون أن يراهما ويرصدهما أحد؟ بينما يستبعد الفعل الإجرامي الإسرائيلي؟ أم أن تعطل جهاز الإنذار في المستوطنة تلك الليلة كان محض صدفة بحته فحسب؟

لكننا وفي كل الأحوال لا نملك سوى الالتصاق بإنسانيتنا، كما لا يمكننا إلا أن نصف ما حدث بالمأساة؟.... هل كان أطفال إيتمار ضحايا؟؟ نعم، وكذا أطفال فلسطين، وهل تجرد قاتلهما من إنسانيته؟ نعم. لكن من يتحمل المسؤولية عن مثل هذه هذه الأعمال؟ لا أحد باستثناء حكومة نتياهو اليمينية المتطرفة التي لا تعطي بالاً لأحد ولا تدرك أن عدوانها المستمر على الأرض والبشر والشجر سيكون له رد فعل معاكس يماثله في البشاعة والتطرف، وعلى نتيياهو وحده أن يفكر في الكيفية التي يمكنه من خلالها وقف دائرة العنف هذه، وعليه أن يدرك أن ذلك لن يتحقق بإضفاء توقيعه على المزيد من المشاريع الاستيطانية الجديدة، التي تشكل خطراً على الفلسطينيين وعلى ساكنيها سواء.

إن ما تزرعه حكومة نتيناهو من عنف بحق الفلسطينيين تحصده عنفاً يطال مواطنيها، فالعنف لا يولد إلا عنفاً، والأبرياء كما دائماً يدفعون الثمن، مع قناعتنا التامة أن ما ارتكب القتل في "ايتمار" تلك المستوطنة القابعة على أرضنا الفلسطينية لا يمكن أن يكون فلسطينيا، وهو ليس كذلك طالما لم يثبت المحتل صحة ادعاءاته.

إن إسرائيل التي تصور نفسها اليوم كضحية للعنف الفلسطيني كما تدعي لم تتوان يوما ًعن قتل الأطفال وذويهم، فأنى لنا أن ننسى أطفال غزة الذين شكلوا أكثر الضحايا في عدوان إسرائيل على غزة كانون أول 2008، أنى لنا أن صورة تلك الطفلة التي لم يظهر سوى رأسها بين أنقاض المنزل المدمر.

أطفال غزة قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية وبقرار حكومي ودون محاكمة أو مساءلة لقاتليهم، أما أطفال إيتمار فقاتلهم غير معروف، وإن كان فلسطينيا فهو عمل فردي يتحمل وحده مسئوليته، وفي كل الأحوال فإن قتل الأطفال فلسطينيين كانوا أم إسرائيليين هو جريمة إنسانية وغير مقبولة.

إن ما نخشاه الآن هي تلك الصورة التي ستحاول إسرائيل وإعلامها ومؤسساتها إلصاقها بالفلسطينيين وترويجها في العالم على أننا قتلة الأطفال الأبرياء، وهي الصورة التي لطالما حاولت تصويرنا بها، خاصة بعدما ذُكر عن تعليمات ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي لمندوب إسرائيل في الأمم المتحدة بالتوجه بشكوى لمجلس الأمن ضد الفلسطينيين رغم أن الفاعل مازال مجهولاً، لكن حين يتعلق الأمر بالفلسطيني فهو مدان حتى تثبت براءته!!.

آلآء كراجة هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required