مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

بماذا يمكن وصف ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالأمس في خطابه أمام الكونغرس في واشنطن سوى أنه مجموعة من الأكاذيب والاختلاقات المنمقة والمزركشة والتي قُدمت في قالب ذهبي جميل لا يراد منها سوى تحسين صورة إسرائيل وتضليل الرأي العام، وتأليبه على الفلسطينيين وقيادته التي آثرت التصالح مع "الإرهابين" على المضي في عملية السلام على حد تعبير نتنياهو.

إذ دعا نتنياهو الرئيس عباس إلى تمزيق المصالحة مع حركة حماس كشرط لاعتراف إسرائيل بفلسطين، وما هذا إلا بذريعة استغلها نتنياهو للإشارة بأن الفلسطيني هو من يعيق الوصول إلى حل سلمي للصراع الدائم، فيما كان هو يتلكأ ويهرب من أي محاولات فلسطينية للتسوية خلال الأربع سنوات الماضية التي شهدت الانقسام والصراع الداخلي الفلسطيني.

إن خطاب نتنياهو ضرب الرقم القياسي في احتوائه على أكبر عدد ممكن من الأكاذيب والتزوير والتأويلات المستفزة لعظمها وشدة افترائها، فحتى الكاذب يتحرى الكذب في حدود المعقول، كما يقول المثل "الكذبة مبينة من كُبرها"، وما كان ينقص نتياهو سوى الاستعانة ببعض الخدع البصرية والمؤثرات الصوتية، رغم أن صوت تصفيق أعضاء الكونغرس -والذي كان يشبه تصفيق البرلمان السوري في اجتماعه الأخير- كان سيطغى على كل شيء.

نتنياهو يدعي أن الصراع ينتهي بالتفاوض لكنه لا يرد التفاوض ولا يريد إزالة المستوطنات ولا يريد السماح لدولة فلسطينية، بل ويحذرنا من الذهاب للأمم المتحدة وإعلان دولتنا، كما يرفض عودة اللاجئين وتقسيم القدس ويرفض العودة لحدود الرابع من حزيران عام 67، فما الذي يتوقعه منا في المقابل؟ ربما يريد منا أن نضرب له تعظيم سلام حيال كل ذلك!!.

نتنياهو قال إن إسرائيل ستحتفظ بالكتل الاستيطانية الكبرى وأن واقع المستوطنات سيتحدد من خلال المفاوضات، وتحديد الحدود يجب إن يخضع للتفاوض فالحدود ستكون مختلفة عن حدود الرابع من حزيران 67.... لكنه وعدنا بأن إسرائيل ستكون سخية بشأن حدود الدولة الفلسطينية وقال: "سنكون حازمين بشان حدودنا وإسرائيل لن تعود إلى حدود 67 .."، وهذا ما ينطبق عليه المثل القائل: "الدار دار أبونا وإجوا الغرب يطرونا".

كما أكد في خطابه على الصداقة المتينة والمتبادلة بين الطرفين "فإسرائيل ليس لديها صديق أفضل من أمريكا وأمريكا ليس لديها صديق أفضل من إسرائيل"، وقد أثبت الرئيس الأمريكي باراك أوباما بدوره ذلك أيضا ًإذ أنه لم يصبر طويلاً على "زعل" نتنياهو، بعد خطابه يوم الخميس الماضي والذي أشار فيه إلى "دولة فلسطينية على حدود ال67"، كلام لم يلق بالطبع سوى الامتعاض من قبل نتنياهو، وما هي إلا أيام ثلاثة حتى عدل أوباما عن كلامه الأحد الماضي في "إيباك" لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية ، وافترض أنه فُهم بطريقة خاطئة وأنه لم يقصد أن الدولة الفلسطينية ستكون بالضرورة على حدود الرابع من حزيران 67، وحاول تقطيب الخدش الذي أحدثته جملته تلك بمجموعة من الجمل التي بدا فيها وكأنه نطق بلسان نتنياهو نفسه، فأطرق يؤكد على يهودية إسرائيل، وإن بلاده ستقاوم المحاولات لنزع الشرعية عنها، وعبّر عن تحفظه على المصالحة الفلسطينية واضعًا الاتفاق بشأنها تحت الاختبار، وشرع يتململ في تأجيل قضيتي القدس واللاجئين.

موقف ينم عن ارتباط واضح بين الطرفين الإسرائيلي والأمريكي، ومصالح متبادلة وغير منتهية وأن صداقتهما المتينة لن يعكر صفوها أي مواقف لصالح الفلسطينيين وإن كانت لن تدخل حيز التنفيذ، وسارع الجميع من "أولاد الحلال" لرأب الصدع بين الطرفين قبل أن يتحول إلى أزمة سياسية، بينما هي لا تغدو كونها مجرد سحابة صيف ليس إلا، وأن النوايا الأمريكية الحسنة تجاه إسرائيل ستكون واضحة جلية في سعي أوباما لإحباط المساعي الفلسطينية للحصول على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في شهر أيلول القادم، وإقناع بعض الدول الأوروبية بعدم الاعتراف بالدولة، لتجد من ثم القيادة الفلسطينية نفسها تحت حصار دولي خاصة بعد المصالحة الوطنية فيكون الخيار الوحيد أمامها هو العودة إلى المفاوضات بوساطة أمريكية وبشروط إسرائيلية، وهذا ما نخشى أن تجلبه علينا تجديد نذور الصداقة الأمريكية الإسرائيلية.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required