مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

ما هي إلا أيام معدودة تفصلنا عن شهر رمضان الفضيل، وكل ما يحمله الموظف الحكومي في جعبته لمواجهة الغلاء الذي يتزامن مع بدء هذا الشهر، هو نصف راتبه الذي انتهى قبل انتصاف الشهر، حتى لم يتبق منه شيء يسمح له بأن يعيش هذا الشهر هذا العام بكل طقوسه ومأكولاته والتزاماته الخاصة به بكرامة أو حتى بحفظ ماء الوجه أمام أطفاله وعائلته، فحين يقول "أنا موظف"، يُقال له: "الشغل مش عيب"!

وما زال الارتفاع السلبي يطغى على كل شيء، ارتفاع في درجات الحرارة، يشبهه ارتفاع حاد في أسعار كل السلع الأساسية من خضار وفاكهة ولحوم ومستلزمات تشبع جشع التجار وتطفئ انتهازيتهم، وأزمة مالية لا تخفى على أحد تعاني منها السلطة وتستجدي الأشقاء العرب لتخفيف وطئتها...لكن دون جدوى فيبقى الحال على ما هو عليه ويبقى نصف الراتب أو حتى صفر الراتب هو الكابوس الملازم لأذهان الموظفين الذين عليهم هم وحدهم أن يواجهوا أو يقبلوا دون مواجهة أنصاف الحلول.

300 مليون دولار ما يطلبه الفلسطينيون لحل الأزمة، لكنه رقم عجز العرب مجتمعون عن تقديمه، رغم ملايين الدولارات التي تنفق سنويا على النزوات الشخصية وصفقات الأسلحة التي استخدمت أخيراً لكن للأسف ضد أبناء الشعب العربي المنتفض على الظلم والقهر والاستبداد، رغم أن السعودية قدمت بالأمس للأردن مليار دولار لسد العجز في ميزانيتها!

لكن مثل هذه المواقف تثير الكثير من التساؤلات عن الأجندات الخاصة التي تحكم الدول العربية، التي "انتخت" لدعم الفلسطينيين "ودقت على صدرها" كما يقول العرب، لكن عندما جد الجد نكثت وعدها ولم تفي بالتزاماتها تجاه القضية الفلسطينية وشعبها الذي عليه أن يدفع ضريبة طوقه للحرية من قيد الاحتلال الإسرائيلي، فخرجت الكثير من التصريحات التي تأييد القيادة الفلسطينية بالذهاب إلى الأمم المتحدة من أجل انتزاع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكنها لم تعدو كونها مجرد تصريحات فحسب، فهاهم يتنصلون من تبعات هذه الخطوة ولا يتحملوا معنا تبعاتها الأولية في وقف المساعدات الدولية، لكن بالطبع لكل دولة سياستها الخاصة والتي لم تأتي الموازنة الفلسطينية كما هو واضح على رأس أولوياتها.

خيبة أمل كبيرة بكبر "العشم" أي الطمع بالكرم والمروءة التي اتصف بها العرب لإغاثة الملهوف والمضطر بل وحتى الوفاء بالعهد، لكن أياً منها لم يحتل بنداً في مخرجات مجلس الجامعة العربية التي لم تخل كعادتها من الجمل الإنشائية والكلام الذي "لا يودي ولا يجبيب"، وكان الأجدر أن يتعلم العرب من الاتحاد الأوروبي في تعامله مع أزمة ديون اليونان، حين احتوى الأزمة ولم يقف على الحياد، ولم يقف متفرجاً رافعاً يداه وكأن الأمر لا يعنيه، كما حال العرب الذين يقول لسان حالهم للفلسطيني "لا ناقة لنا ولا بعير في شأنك" و"اذهب أنت وربك فقاتلا".

فلماذا هذا التراجع في المواقف العربية، بعد المؤتمرات التي كانت شاهداً على دعم بملايين الدولارات والتي لم يصل منها لخزينة السلطة إلا الفتات وعلى فترات متباعدة، فيما تواجه القيادة الفلسطينية تحديها الأكبر في قرارها بالذهاب لمجلس الأمن من أجل دولة فلسطينية "مستقلة"، دولة قبل أن تقوم دفع موظفوها نصف رواتبهم ثمنا ً لها، وهذه البداية فحسب. لكن السؤال هل يعقل أن تكون القيادة الفلسطينية قد أقدمت على هذه الخطوة دون دراسة تبعاتها، وهل على الموظف وحدة أن يدفع ثمن هذا الاستحقاق؟ وأين الخطط الإستراتيجية لمواجهة السيناريوهات المتوقعة كافة، والكفيلة بتعزيز صمود المواطنين أو بالأخص الموظفين وإبقائهم إلى جانب القيادة في هذا الموقف لا استنزافهم وقضم حقوقهم، بما يفقدهم الإيمان بهذا الخيار ومدى جدوى التضحيات التي سيضطرون لتقديمها من أجله حتى قبل حتى البدء فيه؟.

إن هذه المبالغ التي تفتقرها السلطة وتدعي الدول العربية عجزها عن تقديمها، هي واجب وطني وعربي وقومي وديني تجاه الأرض المقدسة وتجاه أبناء الشعب الفلسطيني الذي يعاني ما يعانيه من احتلال غاصب وظالم ومعتد، وفوق هذا لا يستطيع الموظف الحكومي وهو الضحية الأساسية العيش بكرامة براتبه الذي لا يوازي الغلاء المعيشي المتفشي، ولا جنون الأسعار فكيف له العيش بنصفه في زمن الجشع الذي لا يرحم، وفي وقت يعلو معه المثل القائل ليكون نمط حياة، أو نصف حل كما هي أنصاف الحلول دائماً في حياتنا: "اللي معه..معه..واللي معوش ما يلزموش".

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required