مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

عيون تترقب وقلوب تنتظر لقاء الأحباء ونجاح حبر على ورق وتحوله لحقيقة وصفقة أخرى يكتبها تاريخ الشعب الفلسطيني. يتحضر أهالي الأسرى في جميع أرجاء الوطن لاستقبال 1027 أسير وأسيرة سيتم الإفراج عنهم في صفقة تبادل مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. هذه الصفقة والتي أطلقت عليها حماس "صفقة الوفاء للأحرار"، أبرمتها حركة حماس مع إسرائيل وتم الإعلان عنها الأسبوع الماضي، حيث من المقترض أن تتم على مرحلتين، أولها يوم الثلاثاء القادم. وبالرغم من وصف هذه الصفقة بالشاملة، إلا أن هناك بعض التحفظات التي تحفها. فمع أنها لاقت استحسان وترحيب القيادة والشعب الفلسطيني والعالم العربي والمجتمع الدولي، لكنها في المقابل لاقت الكثير من الانتقادات وخصوصاً من أبناء الشعب الفلسطيني.

فلم تكتمل فرحة الفلسطينيين بصفقة تبادل الأسرى حين ظهرت قائمة أسماء الأسرى المدرجين في الصفقة. فالعائلة التي لها أسيران في السجون الإسرائيلية، سيخرج أخ والثاني لا. أما العائلة التي قضى إبنها 28 عاماً في الأسر فاسمه غير مدرج ضمن الأسماء المبشّرة بالإفراج أيضاً. وهنا بات البعض يطرح السؤال: هل هناك عدل في هذه الصفقة؟ فبالرغم من تعهد القائمين عليها بأن جميع أسرى المحكومات العالية كالمؤبدات سيعودون لأحضان عائلاتهم، ومن أن هذه الصفقة ستشمل أكبر القيادات الفلسطينية من كل الفصائل؛ إلا أنها ها هي تفاجئ الجميع وتتخطى أسماء هؤلاء الأشخاص ممن تنطبق عليهم شروط الوعود وتتناساهم الأقلام، كمروان البرغوثي وأحمد سعدات وحسن سلامة وعبدالله البرغوثي وعيسى عبد ربه وغيرهم الكثير.

والأدهى من ذلك، أن هذه الصفقة قد تزامنت مع إضراب الأسرى في سجون الاحتلال، والذي يستمر اليوم الإثنين لليوم 21. فالكثير من أبناء الشعب اعتقدوا بأن هذه الصفقة جاءت كحل لأزمة الأسرى في السجون ورداً على مطالبهم وإضرابهم عن الطعام، وبالتالي خف وهج التضامن الشعبي مع الأسرى المضربين في السجون وتراجعت الهبة الشعبية التي انطلقت لإغاثتهم. وهناك بات الأسرى يعانون لوحدهم من جديد، بصحتهم المتدهورة وأوضاعهم المأساوية المتردية. فصفقة التبادل الأخيرة لم تضع أوضاع الأسرى الباقين في السجون في حسبانها، هؤلاء الأسرى الذين يدفعون حياتهم ثمناً لقضيتهم ولا يزالون يضحون بوجودهم من أجل نبل هدفهم. هؤلاء الأسرى لا يزالوا يستحقون من شعبهم الإلتفاتة والوقفة التي زادتهم في داخل السجون ثباتاً وإصراراً على تحقيق ما عزموا الخطى على تحقيقه.

ومع حرص القائمين على الصفقة أن تتم بدون إبعاد أي أسير، إلا أنها في الحقيقة تتضمن إبعاد 40 أسير، جزء منهم لغزة وجزء لتركيا. ومن هنا انتقد البعض تكرار حركة حماس لمأساة "مبعدي كنيسة المهد"، هم الذين أمنوا شر الاحتلال، لكن ابتلعهم جوف الغربة وأضحوا أسراها، بعيدين عن أمهاتهم وزوجاتهم وأبناهم ووطنهم. والآن سيتم إبعاد هؤلاء أل 40 أسيراً، الذين سينالون فقط حرية الجسد وسيبقون بعيدين عن مدنهم وعائلاتهم، أسرى الغربة. هذا الأسير المحرر المبعد المقدسي سيُرسل لغزة، فأهله ممنوعون من زيارته وهو ممنوع من المغادرة. وذلك الأسير الذي سيُبعد لتركيا، ليبدأ حياته من الصفر، يتعلم لغة أجنبية ويبحث عن عمل يعتاش به في غربته. هذا كله بالرغم من عدم شعور كل الأسرى المحررين بالأمن والأمان، بحيث أن الصفقة لم تضمن حسبما أفادته التقارير على أي ضمان لعدم استهداف إسرائيل للأسرى المحررين في الداخل أو الخارج.

ها هي صفقة أخرى يكتبها التاريخ على أعتاب فلسطين. فكل الأسرى يتشاطرون العذاب والألم والحرمان نفسه، وبالطبع فإن الإفراج عن أسير فلسطيني واحد هو انتصار للقضية الفلسطينية، ورغم كل ما تقدم فلا أحد ينكر أن هذه الصفقة تعد من أهم إنجازات الوقت الراهن.

أمهات وآباء ينتظرون أبنائهم الأسرى، وأولاد ينتظرون آبائهم، الكل ينتظر وينظر لشمس الحرية، وكثير آخرون ما زالوا ينتظرون وبذلك تظل الآمال معلقة على مستقبل أفضل وصفقات متكررة أخرى لحين الإفراج عن جميع أسرى الشعب الفلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي. والآن تعود يا شاليط لحضن أمك، في الحين الذي يفتقد فيه الآلاف من الأسرى أحضان وعيون أمهاتهم. منذ لحظة خطفك يا شاليط، أقامت دولتك إسرائيل الدنيا ولم تُقعِدها، فما أكبر تأثيرك على حكومتك أيها الشاب، في الوقت الذي تدمع فيه عيون 7000 أسير فلسطيني أمضوا شبابهم وكبرهم في سجون تلك "الدولة" التي لا تنفك تزيد حياتهم بؤساً عليهم وعلى عائلاتهم، وحتى ذلك لنا مع الحرية فجر قريب.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required