مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

منذ مطلع شهر تشرين الثاني الماضي، قررت الحكومة الإسرائيلية احتجاز أموال الضرائب العائدة للسلطة الوطنية الفلسطينية، والتي تمثل ثلثي الايرادات الفلسطينية بقيمة 100 مليون دولار شهرياً. هذه الأموال تُصرف شهرياً بدفع رواتب الموظفين الحكوميين وأجهزة الأمن، والذان يعتبران من أكبر القطاعات العاملة في الأراضي الفلسطينية. جاءت هذه الخطوة كإجراء عقابي للسلطة الوطنية الفلسطينية على نيل عضوية دولة فلسطين في اليونسكو، واستمر هذا الإجراء لمعارضة إسرائيل لقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، لبحث موضوع المصالحة وحل الانقسام الداخلي.

بالأمس أصدرت الحكومة الإسرائيلية قراراً يقضي بالإفراج عن أموال الضرائب والعائدات الجمركية المحتجزة منذ شهر تقريباً. ولكن الهدف غير المعلن من هذه الخطوة النهائية لا يندرج ضمن بوادر حسن النية من قبل إسرائيل بالطبع، فهي قادرة على احتجازها لأجل غير مسمى، بل هو إدراك إسرائيل الحقيقي لعواقب استمرار احتجاز أموال السلطة وعدم الإفراج عنها.

وتتمحور هذه الأهداف الإسرائيلية حول مستويين رئيسيين، أولهما حاجة إسرائيل ورغبتها الملحة لفرض سيطرتها على الوضع السياسي والاقتصادي في المنطقة بشكل عام. فبإفراج إسرائيل عن أموال العائدات الضريبية تكون قد أثبتت للفلسطينيين وللعالم أنها المتحكمة بزمام الأمور وأن بيدها وحدها أي قرار يتعلق بالسلطة الفلسطينية وبمصير الشعب الفلسطيني.

ومن جهة أخرى، فهي تكشف للعالم وللسلطة الفلسطينية نفسها مدى عجزها المالي ومحدودية خياراتها وتبعيتها للحكومة الإسرائيلية. ولكن كان الأجدر بالإسرائيليين أن يدركوا أن احتجاز هذه الأموال سيقود العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية بل سيقود المنطقة إلى مزيد من التوتر، نظراً لكونها عائدة بشكل رئيسي على أجهزة الأمن الفلسطينية، هذه الأجهزة التي لها دور هام في حفظ الأمن والاستقرار والتهدئة، بعكس ما تفعله إسرائيل كل يوم من محاولات لتأجيج الصراع وزعزة الأمن، كإطلاق العنان لمستوطنيها في اعتداءاتهم على الفلسطينيين، وتحرك جرافاتها لهدم البيوت ومصادرة الأراضي الفلسطينية في كل مناطق الضفة الغربية.

ولعل إسرائيل أدركت ولو في وقت متأخر أن احتجاز أموال الفلسطينيين لن يعود عليها بالفائدة، فهي لا تريد للسلطة الفلسطينية أن تنهار مالياً بقدر ما تريد لها أن تكون عاجزة ومرهونة لقراراتها ومزاجيتها وتسلطها. ففي ظل تدهور الوضع الاقتصادي الفلسطيني، وتراجع مستوى المعيشة للمواطن الفلسطيني، ولمشاهد الثورات العربية التي يراها الشعب الفلسطيني يومياً على شاشات التلفاز؛ تكون إسرائيل قد أعطت شرارة لفتح جبهة جديدة عليها، وهي في غنى عنها في المرحلة الراهنة، التي تركز جهودها فيها على موضوع الملف الإيراني، وبالتالي ستكون إسرائيل بذلك من أكبر الخاسرين، وهو السبب الثاني من أسباب الإفراج عن الأموال المحتجزة، فحكومة اليمين الإسرائيلية المتطرفة أبعد ما تكون بحاجة الآن إلى صب الزيت على النار وفتح مواجهات على جبهات مختلفة.

فإسرائيل تدرك أنه ليس من مصلحتها أن تنهار السلطة الوطنية الفلسطينية، لأنها بذلك ستجد نفسها مضطرة لمواجهة مسؤولياتها تجاه المناطق الفلسطينية. فهي تريد أن تظل السلطة الفلسطينية الحالية ممسكة بزمام الأمور لكنها لا تريد لها أن تحظى بسيادة مطلقة على مختلف الأصعدة، بل تسعى لإبقائها مكبلة وتابعة، وهذا ما يبرر تخبطها وقراراتها الانتقامية التي جاءت رداً على اعتراف منظمة اليونسكو بدولة فلسطين، ومن قبل ذلك سعي القيادة الفلسطينية لنيل اعتراف أممي بالدولة الفلسطينية، وفي مقابل هذا لم تتوقف الحكومة الإسرائيلية عن إجراءاتها الاستفزازية وانتهاكاتها اليومية الواضحة بحق المواطن الفلسطيني الذي يعاني يومياً من ظلم الاحتلال.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required