مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لقد أثارت زيارة مفتي الجمهورية المصرية الدكتور على جمعة إلى القدس يوم الأربعاء الماضي 18/4/2012 جدلاً واسعاً ما بين مؤيد ومعارض، رغم أنها وكما قال بتأشيرة أردنية وليست إسرائيلية، لكن ذلك لم يمنع الأغلبية الصامتة قولاً وفعلاً عن الحق، من الخروج عن صمتهم واتهام الرجل بخيانة الأمتين العربية والإسلامية والقضية الفلسطينية بل وخيانة أمانة منصبه الديني والتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بما يعطيها الشرعية ويبارك لها سلطتها على القدس ومقدساتها، على اعتبار أنها زيارة سياسية وليست دينية فحسب.

بل وتعالت الأصوات المنادية من جلس الشعب المصري بضرورة الاعتذار وتنحي الرجل وتقديمه لاستقالته، حتى لا توصم الزيارة بالرسمية ولكي تبقى في إطار الزيارة الفردية التي لا تمثل إلا شخصه. ومن المؤسف أن تخرج مثل هذه المواقف والدعوات من مجلس الشعب المصري الذي جاء بعد الثورة التي نادت بقيم الحريات والديمقراطية والانفتاح والعدالة، فيما تشير هذه الأصوات للتعصب وكيل اتهامات التخوين والإقصاء والتعنت غير المبرر، والذي قد يعطي صورة عما ستكون عليه تبعات مثل هذه الأصوات في مجلس الشعب المصري، والتي لن يتوقف ضررها على مصر وشعبها فقط بل سيتجاوزه إلى الشأن الفلسطيني وقضاياه بطبيعة الحال، وبحكم القرب الجغرافي والسياسي المصري.

وحتى أن هذا الاختلاف لم يتوقف على مجلس الشعب المصري فحسب والذي لديه من ما يكفيه من القضايا والمشاكل الأكثر أهمية للنقاش والبحث، بل أنه أصبح موضوعاً جديدا ً بين المنقسمين الفلسطينيين، فبين مؤيدي الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي دعا في كلمته الافتتاحية في المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس الذي عقد في الدوحة الأحد 26/2/2012 إلى مثل هذه الزيارات، وما بين مؤيدي حركة حماس الذين يتفقون مع فتاوى شيوخهم الذاهبون لتحريم هذه الزيارات واعتبارها تطبيعاً مع الاحتلال واعتراف بشرعيته ودولته المزعومة.

في كل الأحوال ما أود التركيز عليه، هو حال المدينة المقدسة وما تعيشه من تحديات فرضتها سلطات الاحتلال التي تحكم قبضتها على المدينة وتسعى لتهجير أهلها وتضييق عيشهم بكل السبل، وتعمل على سلب كل مقدرات المدينة التاريخية والدينية وتهويدها بالكامل، وعزلها عن محيطها الفلسطيني والعربي.

إن المستفيد الحقيقي من مثل هذه الدعوات المنادية، بمقاطعة المدينة والتي تزين بالفتاوى الدينية التي تحرم زيارتها بحجة أن ذلك تطبيع مع المحتل، هو المحتل نفسه وليس أحد سواه، بل أن أهمية الزيارة تأتي كون مدينة القدس العربية قبل أن تكون فلسطينية ترزح تحت الاحتلال، وإلا فما البديل الذي يقدمه العرب والمسلمون لدعم المدينة المحتلة سوى، الخطابات الرنانة التي "لا تغن ولا تسمن من جوع"؟ فالقدس ليست بحاجة إلى مجرد دعم معنوي محله القلب كأضعف الإيمان والشاشات الفضائية والخطب الدينية والكتب والأشعار، القدس وأهلها بحاجة على تأييد حقيقي أي واقعي وملموس على الأرض ولا نقصد بذلك مجرد الدعم المالي الذي تصور العرب أنه يغنيهم عن تقديم أي دعم آخر أو أنه يلقي عنهم بالمسؤولية عن الدفاع عنها.

إن القدس تواجه تقصيراً عربياً رسمياً وفلسطينياً على حد سواء، وهو بحكم عاملين اثنين فإما حكماً للسيطرة الإسرائيلية على المدينة ومداخلها ومقدراتها من جهة، وإما نتيجة الإهمال واللا مبالاة من جهة، لذا فالبعيد عن المدينة لا يدرك حقيقة ما تواجهه من تهويد وأسرلة واحتلال إسرائيلي يطغى على كل جانب من جوانب الحياة هناك، وكما يٌقال "بعيد عن العين بعيد عن القلب".

إن القدس غائبة عن قلوب وعقول العرب مسلمين ومسيحيين، فلا تستكثروا بضع زيارات تجعلها حاضرة وتعكس معاناتها وصمود أهلها، فحضور العرب ولو بالزيارات يعزز صمود المقدسيين، ويشعرهم بعروبة المدينة وأنهم ليسوا وحدهم في خندق الدفاع عنها، وهذا ما تخشاه دولة الاحتلال، فلا تمنحوها ما تريده من قطيعة عربية للقدس وأهلها، الأمر الذي جعلها فريسة سهلة لتهويدها، فلتكن زيارتها متواصلة حتى تقض مضاجع الاحتلال تماماً كقصة مسمار جحا، لأن هذا يجعلها حية ماثلة في أذهان الأمة وأبنائها.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required