مفتاح
2024 . الخميس 18 ، نيسان
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
حين يُذكر اسم الإذاعية المقدسية العريقة، "فاطمة موسى البديري"، يذكر بارتباطه بالريادة في مجال العمل الإذاعي المهني، حين بدأت المرأة تقرأ نشرة الأخبار، بعد أن اقتصرت قراءاتها قبل ذلك، على المقالات المتنوعة المتفرِّقة، مما جعلها أول مذيعة أخبار في "إذاعة فلسطين"، كما يرتبط اسمها بالريادة الاجتماعية، حيث تمردت على العادات والتقاليد الاجتماعية، التي تمنع النساء من العمل في مجالات لم يألفها المجتمع، مثل العمل الإذاعي.

ارتبطت الثقافة بالسياسة إلى حد بعيد، منذ النكبة الأولى عام 1948؛ حيث شكَّلت الثقافة تعبيراً وانعكاساً، لهموم الشعب الفلسطيني وآلامه، بعد تهجيره عن وطنه.

مارست النساء الكتابة الإبداعية، والكتابة الصحفية، والفن التشكيلي. وألَّفت الكتب، ومارست العمل الإذاعي، وانتظمت في لجان ثقافية، عبر النوادي، والجمعيات النسائية. عملت بعض النساء في الإذاعة، بشكل متقطِّع، وعملت القليلات منهن في الإذاعة بشكل مهني.

وتعطينا شهادة الرائدة "فاطمة موسى البديري" - ضمن مشروع التأريخ الشفوي للمساهمة السياسية للمرأة الفلسطينية منذ الثلاثينيات-، صورة واضحة لعمل المرأة الإذاعي المهني، في نهاية الأربعينيات، وبداية الخمسينيات:

"ما كان فيه مذيعات أخبار. فأنا كنت أسمع مذيعات مصر، كانت "تماضر توفيق"، واحدة اسمها "صفية المهندس"، هذول بدوا يمكن قبلي بشهر أو شي، فسمعت أنا الإعلان، كانت الإذاعة الفلسطينية من الإذاعات المشهورة وقتها، الحقيقة يعني، بعد مصر بشوية، حتى مرات كانت تفوق مصر. فقدّمت أنا قدمت هيك على ورقة إشي، يعني مش متأملة فيها، فاستدعوني، وقدمت امتحان. نجحت. رأساً يعني نجحت. ودخلت الإذاعة الفلسطينية، كان فيها ثلاث أقسام: قسم عربي، قسم انجليزي وقسم عبري. كنا كل ناس مستقلين بقسمهم. كل ناس إلهم رئيس للقسم وموظفينه، منفصلين عن الثانيين؛ فدخلت، صرت أقرا أخبار".

وتتحدّث الرائدة من خلال شهادتها، عن بعض النساء اللواتي عملن في الإذاعة الفلسطينية، بشكل غير منتظم. وتصدر حكمها على نوعية عملهن، بأنهن لسن مذيعات، بالمعنى الذي تفهمه لعمل المذيعة المتخصص؛ الأمر الذي يؤرِّخ لبداية الوعي بأهمية العمل المهني:

"مش مذيعات بالمعنى الصحيح بيقدموا فترة. كانت "نزهة الخالدي"، وفيه واحدة للأطفال كانت اسمها: "هنرييت سكسك"، تقدم للأطفال، وناس يشتركوا في برامج المرأة، نسيت شو إسمهم! كانوا يكتبوا، فيه عدد من الناس كانوا يشتركوا من بعيد لبعيد".

ورغم قصر المدة التي عملت خلالها الراوية (46-47)؛ إلاّ أنها استطاعت أن تعمل كمساعدة، لبرنامج المرأة والبرامج الأدبية، وبرنامج للأطفال، بالإضافة إلى قراءتها لنشرة الأخبار: "برامج المرأة والبرامج الأدبية، كان هو مشرف عليها (زوجها عصام حماد)، وأنا مساعدة. ما طوّلتش فيها؛ لأنه السبعة وأربعين قامت القيامة بالآخر، وتركوا الإنجليز وروَّحوا".

وتعمل الراوية بعد استقرارها في الشام، عام 1949، في الإذاعة، لمدة ثلاث سنوات، كمذيعة للأخبار، وتذكر أنها وزوجها الإذاعي عصام حماد، قد أسسا إذاعة الشام. ومن اللافت للنظر أن الراوية تتحدث عن دورها بتواضع شديد، بينما تتحدث عن دور زوجها بإعجاب وتقدير شديد:

"(إذاعة) الشام، إحنا تقريباً أسسناها. هو أسسها (عصام حماد). ما كانتش، كانت بسيطة كثير وقتها؛ فاشتغل فيها منيح. يعني مش ب هالقوة، ولا هاالاتساع، ولا شي. كانوا يقدموا أحاديث وكانت إذاعة القدس كثير أقوى منها. أقوى منها في الوصول إلى الناس وأقوى منها في البرامج. كانت أقوى من إذاعة مصر الإذاعة الفلسطينية. هذا بيدل قدّيش كانت متقدمة! بعدين عملوا لها منافسة. إذاعة الشرق الأدنى اسمها. قعدنا ثلاث سنين في الشام.

بعدين رجعنا على رام الله. رجع هو على الإذاعة. أنا ما رجعتش على الإذاعة. أنا رجعت على التربية والتعليم؛ لأنه أنا أصلاً مهنتي تربية وتعليم. بعدين الإذاعة طلبتني، قالت: تقرئي أخبار مرة واحدة في النهار. يعني مش موظفة إذاعة. فكنت أروح أقرأ نشرة الأخبار. لحدّ السبعة وخمسين، ضلينا على هالحال".

وتعود الرائدة وزوجها إلى الشام مرة أخرى، دون أن يتاح لها أو لزوجها العمل، بعد أن أصبحا لاجئين، وبعد سنة سافرا إلى ألمانيا، وعملا في الإذاعة هناك مدة سبع سنوات، حيث استمر عمل الرائدة في قراءة الأخبار وكتابة التعليقات:

"اسمها كانت: إذاعة برلين العربية، إذاعة ألمانيا الشرقية، فقعدنا، تربوا الأولاد هناك، فيش عرب بالمرة. الأولاد راح ينسوا العربي لوما نحن نحكي عربي بالدار. آه. أخبار وتعليقات.

أكتب، وهو كمان تعليقات وأخبار. قعدنا سبع سنين. رجعنا على رام الله. يعني صدر عفو عام عن المحكومين اللي كان جوزي منهم. رجعنا على رام الله قعدنا سنتين. يعني جينا على رام الله سنة الخمسة وستين من ألمانيا. قعدنا للسبعة وستين، وبعدين هاجرنا على هون (الأردن)".

اقتحمت فاطمة موسى البديري، مع بعض النساء الرياديات - في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات-، بعض المجالات التي ظلت طويلاً حكراً على الرجال، وكان العمل الإذاعي واحداً من أهم هذه المجالات.

ومن خلال شهادة الرائدة، تتبيَّن النظرة المجتمعية لعمل المرأة في الإذاعة، كما يتبيَّن تمرد بعض النساء الرياديات على قيود المجتمع. تتحدَّث فاطمة موسى البديري، عن أثر النظرة المجتمعية عليها بعد أن احترفت العمل في الإذاعة:

"ردة الفعل كانت فظيعة حطّموا لي أعصابي الناس. الناس تركوا القنبلة الذرية شيت اليابان، وصاروا يحكوا عليّ، فهي كيف؟ وبعدين لأنه أبوي قاضي، كان قاضي شرع وشيخ ويدرس في الجامع، فاستكبروها كثير، إنه كيف أروح وكيف أقعد مع الرجال وأشتغل في الأخبار وأطلع مذيعة مع المذيعين؟! كلهم مذيعين كانوا، من جملتهم جوزي. ما هو كان مذيع وأنا كنت مساعده إله".

"هنا القدس"، عبارة طالما ردَّدتها الرائدة، أثناء عملها في الإذاعة الفلسطينية قبل عام 1948،

وعبارة طالما حلمت أن ترددها ثانية، يوم استقلال فلسطين، قبل أن تقضي في عمان أوائل حزيران 2009.

"هنا القدس"، عبارة سوف ترددها حفيدات فاطمة موسى البديري، من القدس، من مبنى الإذاعة الفلسطينية، يوم تتحرر القدس، عاصمة دولة فلسطين.

faihaab@gmail.com www.faihaab.org

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required