المستوطنات -عقبة امام التطور والازدهار
بقلم: الهيئة العامة للاستعلامات/ مركز الإعلام الوطني الفلسطيني
2002/11/19

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=100


اكدت الهيئة العامة للاستعلامات في مدينة غزة ان المستوطنات الاسرائيلية في محافظة خانيونس تعتبر عقبة امام التطور والازدهار بالمحافظة نظراً لما تلحقه من اضرار في البيئة الفلسطينية الى جانب ما تتركه من آثاراً مدمرة طالت جميع مجالات الحياة الفلسطينية سياسياً واقتصادياً وبيئياً، مشيرة ان عدد المستوطنات في المحافظة يبلغ 9 مستوطنات وتحتل مساحة 14390 دونم من اراضيها أي ما نسبته 27% من مساحة المحافظة.

جاء ذلك في التقرير الصادر عن مركز المعلومات الوطني بالهيئة العامة حول المستوطنات الاسرائيلية في محافظة خانيونس، عددها، مساحة الأرض المقامة عليها، الآثار الناجمة عنها، والاعتداءات الاستيطانية في المحافظة خلال الفترة الممتدة من 1994-2002 وموقف القانون الدولي والأمم المتحدة من الاستيطان الاسرائيلي وأثر الاستيطان على عملية السلام.

واشار التقرير انه بعد عام 67 استمرت سياسة الاستيطان في جميع المناطق المحتلة حيث صعدت اسرائيل أثر احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة من نشاطاتها الاستيطانية الهادفة إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ومصادرتها لإقامة المستوطنات وإسكان المستوطنين فيها وشق الطرق الالتفافية التي تقطع أواصر الربط الجغرافي بين المدن والقرى الفلسطينية إلى مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، مشيراً ان سلطات الاحتلال صادرت مئات الآلاف من الدونمات من الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة وأقامت عليها عشرات المستوطنات ولم تتوقف عن سياستها الخاصة بالاستيطان ومصادرة الأراضي حتى بعد توقيع اتفاقية التسوية المرحلية بدءاً بإعلان المبادئ في أوسلو عام 1993وحتى اللحظة.

واوضح ان البيانات الصادرة أخيراً من مصادر اسرائيلية وفلسطينية ودولية تشير أن المستوطنات في الضفة وغزة ازدادت بوتيرة سريعة بعد تولي حكومة الليكود بزعامة ارئيل شارون سدة الحكم في اسرائيل حيث أنشئت 50 بؤرة استيطانية جديدة إضافة الى المستوطنات القائمة فعلاً وشقت مزيداً من الطرق الالتفافية لخدمة المستوطنات مما يعني مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وذلك من أجل خلق كثافة سكانية يهودية للحيلولة دون إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلاً في تلك الأراضي .

ونوه التقرير الى ازدياد حجم النشاط الاستيطاني منذ توقيع اتفاقية اوسلو وانفضح زيف التوجه الى السلام بالحفاظ على الميزانية العسكرية وميزانية الاسكان على رأس قائمة النفقات الرسمية في اسرائيل وتقديم المعونات المالية وأشكال الدعم المعنوي الى اليهود لإغرائهم بالانتقال الى المستوطنات والاقامة فيها .

وقال التقرير انه من المفارقات العجيبة أن يستشري الاستيطان في عهد السلام وتتواصل عملية الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ومصادرتها، فمنذ اتفاق اعلان المبادئ بين الفلسطينيين واسرائيل وحتى عام 99 تم مصادرة 400 ألف دونم منها 170 ألف دونم تم مصادرتها منذ توقيع مذكرة واي ريفر، وبتاريخ 23/10/1998 وخلال نفس الفترة تم هدم 578 منزلاً فلسطينياً وقطع 83 ألف شجرة مثمرة وشق 34 طريقاً التفافياً بلغ مجموع أطوالها 180 كم من أجل ربط المستوطنات بعضها ببعض وتحويل المناطق الفلسطينية الى جزر معزولة.

واكد ان حكومة شارون جاءت لتزيد من عملية التوسع الاستيطاني الذي يعتبر من أخطر أشكال التدمير للأراضي الفلسطينية من خلال الامتيازات الضخمة والإعانات المالية وكافة أشكال الدعم المادي والمعنوي وتقديم الميزانيات الضخمة التي فاقت كل الأعوام السابقة، حيث قامت تلك الحكومة بتخصيص ميزانية عام 2002 لتتضمن ارتفاع بنسبة 1 2%عن الأعوام السابقة لدعم الاستيطان إذ سيتم تحويل مبلغ 5,965 مليون شيكل الى دائرة أراضي اسرائيل التي ستخصصها لتمويل مصادرة الأراضي في جبل أبو غنيم، إضافة الى 338 مليون شيكل لشق الشوارع الاستيطانية، وتخصيص مبلغ 25 مليون شيكل لدعم التعليم المجاني مع اعفاءات المستوطنات من ضريبة الدخل بقيمة 7% وهو الأمر الذي يشجع المستوطنين في المضي قدماً في سياسة التوسع العدواني الاستيطاني المرفوض دولياً وعربياً وفلسطينياً، مع التأكيد على البند الوارد في تقرير ميتشل بوقف أو تجميد الاستيطان بما فيه النمو والتكاثر الطبيعي الذي تدعيه اسرائيل في كل الأوقات وليس له أساس على أرض الواقع .
واشار التقرير انه منذ الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزة شرعت الحكومات الاسرائيلية المختلفة بوضع مخططات معينة حسب مقتضيات الظرف السياسي في المنطقة لما لها من أهمية استراتيجية نظراً لقربها من الحدود المصرية بالاضافة الى مراقبة الجزء الجنوبي من ساحل البحر المتوسط والسيطرة والتحكم بموارد المياه خاصة في منطقة المواصي، مبيناً ان الحكومات الاسرائيلية وضعت مخططات استيطانية مدروسة ومبرمجة بهدف تقطيع أوصال المدن الفلسطينية وجعلها جيوباً معزولة بعضها عن بعض يسهل السيطرة عليها وبالفعل أنشأت 19 مستوطنة في أنحاء مختلفة من القطاع وعلى فترات متلاحقة وحسب الظروف والمقتضيات السياسية.

واوضح ان مساحة القطاع الاجمالية تبلغ 365 كيلو متر مربع وتقدر مساحة المستوطنات في القطاع بحوالي 46 ألف دونم حالياً حيث تستقطع ما نسبته 12.6% من مساحة القطاع إذا ما تم احتساب المناطق الصفراء التي يملكها الفلسطينيون وتخضع للسيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الاسرائيلية، أما عدد المستوطنين الذين يقطنون هذه المستوطنات قبل انتفاضة الأقصى فيصل الى 6 آلاف مستوطن وانخفض عددهم بنسبة كبيرة الآن.

وذكر التقرير ان عدد المستوطنات في مدينة خانيونس يصل الى 9 مستوطنات وتشكل مساحتها حالياً ما نسبته 27% من مساحة المدينة البالغة 52 كيلو متر مربع وتبلغ مساحة المستوطنات في خانيونس 14390 دونم ويقطنها حوالي 4289 مستوطن، والمستوطنات هي: (مستوطنة قطيف –نيتسر حزاني-جاني طال -جاديد -جان أور- نفيه دقاليم -كفار يام -ياكال -تل قطيف). واكد ان عملية مصادرة الاراضي في قطاع غزة من مالكيها الفلسطينيين أدت إلى تصعيد حالة الاكتظاظ السكاني في القطاع وزيادة حالة الفقر للمزارعين حيث أفقدتهم تلك المصادرة المصدر الرئيس لقوت العيش وهو الأرض كما أفقدت الأراضي الفلسطينية قيمتها كأرض زراعية منتجة من الممكن أن تساهم في دعم الاقتصاد الوطني الضعيف أصلاً، وبلغت مساحة الارض المستخدمة للإنتاج الزراعي في المستوطنات بقطاع غزة حتى عام 2000 حوالي 2190 دونم.

واشار التقرير الى أثر المستوطنات الاسرائيلية على محافظة خانيونس والتي تركت آثاراً مدمرة طالت جميع مناحي الحياة الفلسطينية سياسياً واقتصادياً وبيئياً تتمثل في:
مصادرة الأراضي الفلسطينية ومنع المواطنين الفلسطينيين من دخولها وممارسة الأنشطة الاقتصادية فيها، واستنزاف الموارد المائية الفلسطينية، وتقييد التنمية العمرانية وحصرها، والإضرار بالبيئة الفلسطينية، وتهريب السلع والبضائع الفاسدة الى الأسواق الفلسطينية .

واستعرض الاعتداءات الاستيطانية في خانيونس بهدف اجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم والاستيطان فيها وتتمثل في: اطلاق النار على الفلسطينيين بهدف القتل العمد والاعتداء بالضرب ومداهمة الأحياء السكنية للفلسطينيين والاعتداء على البيوت والممتلكات وتجريف الأراضي وحرق المزروعات وإغلاق الطرق وغيرها، مشيراً ان تلك الممارسات تتم في العادة تحت مرأى وسمع جنود الاحتلال الذين لا يكتفون فقط بعدم اتخاذ الاجراءات التي تمنع المستوطنين من تنفيذ اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم بل يشاركون ويوفرون الدعم والحماية للمستوطنين أثناء قيامهم بتلك الممارسات وفي المقابل لا يجد المستوطنون من يعاقبهم على هذه الجرائم.
واشار التقرير الى تنوع الاعتداءات الاستيطانية ضد المواطنين في خانيونس خاصة سكان منطقة المواصي والتي شملت تجريف ومصادرة أراضي زراعية ووقف البناء والتطوير والتفتيش والمداهمات واعتقال مواطنين وإقامة الكمائن والحواجز وإطلاق النار عليهم مما تسبب في إصابة عدد منهم حيث بلغ عدد الاعتداءات الاستيطانية على السكان في المواصي خلال الفترة الممتدة بين عام 94 حتى نهاية 99 حوالي 109 اعتداء، منوهاً الى تصاعد وتيرة اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال انتفاضة الاقصى بشكل لم يسبق له مثيل.

ونوه الى الاعتداءات الاسرائيلية تجاه الصيادين بدءاً من مرورهم عبر حاجز التفاح العسكري غرب مخيم خانيونس واستفزازهم ومضايقتهم في الميناء وانتهاءً بملاحقتهم وإطلاق النار في اتجاههم داخل البحر من الزوارق الحربية الاسرائيلية والتي كثيراً ما تقوم بسرقة شباك الصيد أو تمزيقها داخل البحر وإتلافها بالإضافة إلى اقتحام المستوطنين وجنود الاحتلال لميناء الصيادين الواقع غرب المواصي والعبث بمحتوياته والاعتداء على الصيادين وممتلكاتهم.

واشار التقرير الى موقف القانون الدولي من الاستيطان والذي يعتبر النشاطات الاستيطانية الاسرائيلية واحدة من جرائم الحرب وتشكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي الانساني وخصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 بشأن حماية المدنيين في زمن الحرب.

كما تعتبر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الاستيطان بكافة أشكاله من بناء وحدات سكنية وشق طرق واقتلاع أشجار وتدمير مزروعات وعمليات مصادرة وتجريف للأراضي وإقامة النقاط العسكرية والبؤر الاستيطانية التي تشكل أخطر الأشكال الاستيطانية تعد خرقاً فاضحاً للاتفاقيات الدولية ولمبادئ المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وخطة ميتشل ومنظمات حقوقية وإنسانية دولية التي بدأت تطالب بوقف الاستيطان وتفكيك المستوطنات.

وتطرق التقرير الى اثر الاستيطان على عملية السلام حيث كان موضوع وقف النشاطات الاستيطانية الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أحد المطالب الاساسية لاستمرار عملية التسوية الجارية منذ مؤتمر مدريد عام 91، ولكن استمرت إسرائيل بتنفيذ برنامجها الاستيطاني خلال فترة المرحلة الانتقالية بشكل يتناقض مع اتفاقيات السلام، ويهدف البرنامج الاسرائيلي للاستيطان ومصادرة الاراضي إلى خلق حقائق جديدة على الأرض بطريقة تؤدي إلى تحديد مكانة القضايا التي اتفق على تأجيل النقاش فيها إلى مفاوضات المرحلة النهائية قبل بدء تلك المفاوضات، مشيراً ان اسرائيل صادرت منذ التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ 400 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع كما تم مصادرة حوالي 17 ألف دونم بغرض شق الطرق الاستيطانية خلال عام 99، وكان نصيب محافظة خانيونس من الأراضي المصادرة خلال الفترة الانتقالية كبير جداً إذ بلغت حوالي 4 آلاف دونم إضافة الى مئات الدونمات الاخرى التي صودرت للطرق الاستيطانية كما تجاوزت المساحات التي جرفت وصودرت 5 آلاف دونم من أراضي المحافظة الواقعة في المناطق الصفراء.

وأدت النشاطات الاستيطانية الاسرائيلية الى وقوع العديد من المصادمات بين الفلسطينيين من جانب وبين المستوطنين وجنود الاحتلال من جانب آخر، كما أدت في أكثر من مناسبة الى عرقلة مفاوضات السلام بين الجانب الفلسطيني والجانب الاسرائيلي وايصالها الى نهاية مغلقة.

واكدت الهيئة العامة أن المستوطنات لعبت دوراً هاماً في تغييب وتدمير أي مناخ من الثقة المتبادلة والفهم المشترك بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي وهو المناخ الذي يعتبر ضروري وحيوي لخلق سلام عادل ومستمر إلا أن البناء والتوسع الاستيطاني الذي مارسته وتمارسه الحكومات الاسرائيلية المختلفة أثر سلباً على الحقوق الفلسطينية وخلق لدى الفلسطينيين شكوكاً حول مدى رغبة الحكومات الاسرائيلية وجديتها لإقامة سلام عادل معهم.

http://www.miftah.org