الاستيطان مستمر..رغم لاءات أمريكا!
بقلم: الاء كراجة لمفتاح
2009/7/22

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10669

إذن هكذا كان موقف حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية اتجاه مطالب إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتجميد الاستيطان في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. "القدس الموحدة هي عاصمة الشعب اليهودي في دولة إسرائيل وسيادتنا على المدينة ليست قابلة للتقويض" موقفٌ واضح!!.

وبهذا تضع إسرائيل العقدة في المنشار مع علاقتها بواشنطن، فيما بدا واضحا ً أنها مستعدة لخوض خلاف معها بشأن مطلب أوباما بوقف البناء في مستوطنات القدس الشرقية والمستوطنات الأخرى على خلفية بناء 20 وحدة سكنية لإسكان مستوطنين يهود في ضاحية الشيخ جراح المحاذية للبلدة القديمة في القدس، حيث أوضحت الولايات المتحدة بأنه لا يوجد فرق بين أعمال بناء في مستوطنات الضفة الغربية أو في القدس الشرقية.

وبهذا تتصاعد حدة الأزمة في العلاقات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، فيما قد يُفسر بالنسبة للولايات المتحدة بأنه استفزاز مطلق، وتجاهل تام في صيغة واضحة من إسرائيل اتجاه الولايات المتحدة بأنه "لا يمكنكم إرغامنا على فعل مالا نريده نحن".

وهذا يأتي جلياً تبعاً لما قالته تسيبي هوتوفيلي التي تنتمي لحزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "أن نتنياهو قد يواجه معارضة من داخل حزبه إذا تراجع ووافق حتى على تجميد جزئي في بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة".وقالت هوتوفيلي "هذا لن يكون مرضيا. لقد انتخبنا لنواصل البناء في "يهودا والسامرة " وليس لنجمد البناء"، وهذه المواقف تأتي ترجمة لما آل إليه حال المجتمع الإسرائيلي الموغل في التطرف يوماً بعد يوم.

إسرائيل التي خصصت من ميزانية العام 2009 ما يزيد من 250 مليون دولار من الاعتمادات لمستوطنات الضفة الغربية والتي ستصرف بشكل أساسي لاستثمارات في بناء المساكن وتطوير البنى التحتية، على الرغم من ضغوط الرئيس الأميركي باراك اوباما من أجل تجميد الاستيطان، لن تجد أبداً مشكلة في تمويل مشروعها الاستيطاني، حيث أن الحكومة وافقت على استثمار بقيمة ثلاثين مليون شيكل للوكالة اليهودية الهيئة شبه الحكومية، في مشاريع بناء تقع في الضفة الغربية، بالإضافة إلى الدعم اللامنقطع من مئات الأثرياء اليهود الذين يدفعون المليارات وعلى رأسهم الثري اليهودي مسكوفتش، ناهيك عن جنرالات الجيش الإسرائيلي الذين يدعمون مشاريع الاستيطان، باعتبارها تجارة رابحة تدر دخلاً عالياً على أصحابها.

موسكوفيتش الملياردير اليهودي المتدين هو طبيب متقاعد عمره 80 عاماً حقق ثروة من بناء المستشفيات وبيعها. ويشير محللون إلى أن فقدان موسكوفيتش الذي لم يخفي يوماً عداءه تجاه الفلسطينيين لكثير من أقاربه خلال المحرقة النازية، عزز قناعته بأنه يجب الحفاظ على إسرائيل كملاذ آمن للشعب اليهودي من جميع إنحاء العالم، وهو بذلك يشكل أشد الأخطار المحدقة بالقدس، بل إنه عقبة بحد ذاته، نتيجة لدوره في خلخلة البنية السكانية العربية في القدس بدعمه منقطع النظير لبناء المستوطنات.

ومن بين المشاريع التي دعمها موسكوفيتش أقامة "مدينة داوود" في قلب حي البستان في القدس، والذي يعيش سكانه تحت تهديد الطرد بذريعة أنه القسم الأكبر من "مدينة داوود" الأثرية، والتي أقام فيها الملك داوود قبل 3000 عام. وهنا لا يجد الفلسطينيين بُدا ًمن الرحيل بذرائع وحجج تارة دينية وأخرى سياسية.

إسرائيل لا تهتم بالمواجهة مع الولايات المتحدة فيما يخص مشاريع الاستيطان الجارية في شرقي القدس، فهي تعتبر أن الجانب الأميركي هو الذي جرها لمثل هذا الموقف بعدما أوضحت ملياً أن القدس خط أحمر لا يمكن تجاوزه و"أن لنا أن نفعل بها ما شأنا دون أن تحشر الولايات الأمريكية نفسها في شؤننا". ومن ثم تتقمص في المقابل دور الضحية كما اعتادت دائماً وأبداً، والتي تحرم من ممارسة أبسط حقوقها في العيش والبناء، في بلدها إسرائيل بما في ذلك القدس.

التوتر القائم نتيجة التعنت الإسرائيلي، إنما يطرح تساؤلاً واحدة فيما سيكون رد فعل إدارة أوباما تجاه هذا الموقف، وما إذا كان بإمكانها الضغط بأي وسيلة كانت اقتصادية أم سياسية لإرضاخ إسرائيل لمطالبها كما فعل من قبله رؤساء سابقون؟، وهل سيغير هذا التحجيم الذي تعرضت له الولايات المتحدة سياستها اتجاه إسرائيل سلباً أم إيجابا.

ويأتي هذا الموقف بعد اجتماع أوباما في الفترة القليلة الماضية مع ما يقارب 14 من رؤساء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، في محاولة لما يمكن تسميته إيضاح النوايا والمصالح معاً اتجاه مسألة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ما قد يمكن أن يدفع- وإن كان في المستقبل البعيد وبصعوبة- في تليين اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، في بعض القضايا التي تخص الصراع.

وفي ضوء هذه المعطيات فعلى المستوى الفلسطيني أولا ًوالعربي ثانياً لابد من تقديم الدعم المادي والسياسي اتجاه الحفاظ على القدس وعلى سكانها المتضررين يومياً من ممارسات الاحتلال فيها، قبل أن نفقد مالم نفقده بعد في القدس، التي تتغير معالمها وتفاصيلها كل يوم.

فكل ما سلف إن دل على شيء فأنه يدل على أن سياسة إسرائيل بحكومتها الجديدة المتطرفة برئاسة نتياهو تضرب بعرض الحائط كل المواقف الدولية وتسعى لأن تحظى بما يمكن أن تحظى به من القدس حتى رغم المطالبات الأمريكية في ظل حكومة الرئيس الأمريكي أوباما، ولذا فإنه لا بد من مضاعفة الجهود للحفاظ على عروبة المدينة المقدسة، وتثبيت المقدسيين في أرضهم، ودعمهم وتثبيت صمودهم، قبل أن يصبح الندم هو كل ما ستظفر به أيدينا.

http://www.miftah.org