المفاوض الفلسطيني، وشروط العودة للمفاوضات!
بقلم: الاء كراجة لمفتاح
2009/9/7

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10817

قد لا يكون جديداً أن يتنازل المفاوض الفلسطيني عن مواقفه وشروطه التي وضعها كأساس لبدء التفاوض، فمنذ فترة ليست ببعيدة تتناول وسائل الإعلام الأخبار حول عقد القمة الثلاثية بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الأمريكي أوباما، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نيتنياهو، وعلى الرغم من عدم تأكيد أو نفي الرئاسة الفلسطينية حتى الآن عقد القمة الثلاثية بين الأطراف الثلاثة السابقة إلا أن انعقادها يبدو وارداً جداً، خاصة بعد أن تمت الموافقة عليها بصورة مبدئية، بدعوى التميز بينها وبين المفاوضات واللقاءات، بحيث يصبح الشرط بتجميد بناء المستوطنات الذي أصر عليه الرئيس عباس، وردده هو نفسه ومسؤولون فلسطينيون مرارا ًوتكراراً، في الفترة المنصرمة، غير ملزماً لاستئناف المفاوضات.

في مقابل ما يعتبره المفاوض الفلسطيني أولوية في المرحلة الحالية، بحيث يجب استغلال الدعم الأمريكي والدولي اتجاه إقامة الدولة الفلسطينية، بما يُذهب موضوع تجميد المستوطنات أدراج الرياح، أو على الأقل قد يؤجله إلى أجل غير مسمى.

كما أن اصطلاح تجميد المستوطنات بحد ذاته يستوجب الوقوف، حيث أنه إرجاءٌ مؤقت وجزئي للاستيطان إلى حين، وليس وقفه، وحتى تجميده يبدو غير وارد إذا ما ثمة اتفاق قريب، في غضون مصادقة حكومة نتياهو على بناء 500 وحدة استيطانية في القدس والضفة، وهنا نتساءل عن موقف الإدارة الأمريكية من القبول بهذا الوضع بما يسمح باستئناف عملية المفاوضات، خاصة بعد أن أبدت إسرائيل تعنتها إزاء المطلب الأمريكي بوقف الاستيطان، بما يضع الإدارة الأمريكية في موقف صعب، الأمر الذي سيدفعها للمضي بإحياء عملية السلام بغض النظر عن موضوع الاستيطان، بحيث لا تكلف نفسها عناء الضغط الجدي على إسرائيل، والقبول بواقعها الذي تفرضه هي لاستئناف المفاوضات.

وما يبين مصادقة نتياهو على بناء مئات الوحدات الاستيطانية، وبين تصريحاته حول ما يعانيه المستوطنون من توتر وضغط نفسي نتيجة الضغوطات الدولية لوقف الاستيطان، سيجد المفاوض الفلسطيني نفسه مضطراً للقبول بهذا الواقع لبدء التفاوض، سواء أقتنع به أم لا، وإلا فسيكون هو من يعرقل المساعي لاستئناف عملية السلام، وهذا ما عهدناه من إسرائيل التي ستبدأ بإلقاء اللوم على الجانب الفلسطيني واتهامها إياه بعدم جديته بالوصول إلى حل لأزمة الصراع، وهي التي لطالما انطبق عليها المثل القائل: "ضربني وبكى وسبقني واشتكى".

والأهم من استئناف المفاوضات أو عدم استئنافها هو ضرورة أن يمتلك الجانب الفلسطيني خطةً مرجعيةً واضحة تشمل كافة قضايا الحل النهائي دون استثناء، وعلى رأسها القدس، بحيث تلزم الإسرائيليين، دون التهاون أو التنازل فيها، وإلا فإن غير ذلك سيقودنا إلى حلقة جديدة في مسلسل المفاوضات العقيمة، التي تستغلها إسرائيل كعادتها لكسب الوقت، وتحقيق مطامعها التوسعية الاستيطانية في الضفة، وفي القدس الماضية في تهويدها بالتوازي مع الاستيطان، بما يجعل الحل الإسرائيلي وشروطه الحل الوحيد بالنظر إلى الواقع المفروض على الأرض، والذي يُعد الضغط على إسرائيل لتغيره أو التراجع عنه ضرباً من المستحيل.

كما أن التوجه للمفاوضات دون تحضير واستعداد مسبق، والتهاون في الشروط لبدء التفاوض، سيوجه ضربة لمصداقية المفاوض الفلسطيني وجديته، ومدى استفادته من تجاربه السابقة، وخاصة إذا وافق على قمة ثلاثية أمريكية إسرائيلية فلسطينية دون التزام واضح ومعلن من إسرائيل بتجميد الاستيطان كشرط للقاء أو التفاوض.

كما أن ضعف وتراجع المفاوض والسلطة الفلسطينية لن يكون مقبولاً في المرحلة القادمة وخاصة بعد عقد حركة فتح مؤتمرها السادس، وترتيبها لبيتها الداخلي، وانتخاب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بما يسمح لها أن تكون أكثر كفاءة وجدارة من ذي قبل. لذا فإذا أراد الجانب الفلسطيني إقامة الدولة وإنهاء الاحتلال لا غنى عن إستراتيجية واقعية تعمل على توحيد الفلسطينيين وإعادة اللحمة الداخلية، بما يسمح لها بالذهاب لمفاوضات جدية، تفرض فيها شروطها، ولا يكون الذهاب إليها شرطاً لاستمرار الدعم العربي والدولي فحسب، بحيث تسخر كل ما أوتيت أيديها لتحقيق الحرية ودحر الاحتلال.

http://www.miftah.org