ماذا بعد القمة الثلاثية؟
بقلم: الاء كراجة لمفتاح
2009/9/26

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10863

على الرغم من أن عدداً من المحللين والسياسيين اعتبر أن لقاء الرئيس محمود عباس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لقاءً عابراً كغيره من اللقاءات بين القادة ورؤساء الدول، على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، إلا أن البعض وهم كُثر وجدوا أن الرئيس عباس لم يكن قادراً على رفض دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلى قمة ثلاثية تجمعهما، ورئيس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ورغم كل التصريحات التي نادت بها القيادات السياسية الفلسطينية، حول عدم الذهاب لا إلى أي قمم ثلاثية ولا إلى مفاوضات ولا غيرها، ما لم تعلن الحكومة الإسرائيلية صراحة وبصدق عن تجميد الاستيطان، جاء لقاء الرئيس عباس مفاجئاً للجميع.

لكن سيناريو العملية السياسية في المنطقة تغير بمجمله بعد فشل ميتشل وخلال ثمانية أشهر من الجولات واللقاءات والزيارات في إقناع حكومة نتنياهو بتجميد الاستيطان، ولمدة سنة واحدة، مما وضع الإدارة الأمريكية في موقف محرج، سيضطرها للرضوخ لاشتراطات الحكومة الإسرائيلية ومتطلباتها.

ومع ذلك، جاءت القمة الثلاثية، كما لم تكن، ولم يتمخض عنها أي جديد في موقف السياسة الإسرائيلية بخصوص الاستيطان، كما كان متوقعاً - وإن كان الأمل حاضراً-، وبقي موضوع الاستيطان غير مطروحاً لا للنقاش ولا للتداول، بما فيه الاستيطان بالقدس التي لا تعتبر مستوطنة حسب وجهة نظر نتياهو، و الذي صادق على بناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية فيها، يدعي أنه مخطط لبنائها مسبقاً.

وعلى ضوء هذا التعنت الإسرائيلي، يبدو واضحاً أن التنازل الوحيد الذي قد يقدم في المرحلة القادمة، سيكون من العرب والفلسطينيين، ربما في مقابل أن يتم الإعلان عن تجميد للاستيطان، لستة أشهر أو سنة.

أوباما أشار في مؤتمر صحفي بعد القمة، إلى ضرورة ضبط ما سماها النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية، في حين تحدث جورج ميتشل عن أهمية بدء مفاوضات الحل النهائي، دون شروط مسبقة، وهذا ما أشارت إليه الحكومة الإسرائيلية على لسان وزير خارجيتها افيغدور ليبرمان، فإسرائيل تعتبر أن طلب تجميد الاستيطان وإعلان الرئيس محمود عباس عن تحديد مرجعية واضحة لعملية السلام شروطاً مسبقة للمفاوضات، لا تريد الالتزام بها!!. إن انعقاد القمة الثلاثية بهذا الشكل، وتحت هذه الظروف، إنما يدل على أن الإدارة الأمريكية لن تستطيع أن تقدم أكثر من ذلك، رغم جديتها في معالجة ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن يبدو أنها ستغض النظر عن الخروج بنتيجة مرضية لكل الأطراف، وبالتحديد الجانب الفلسطيني، وهي لن تقبل الفشل دون التوصل لإنجاز يُحسب لها.

ومن المعروف أيضاً أن الإدارة الأمريكية ستسعى لممارسة ضغوط معينة، ستمارسها على الطرف الضعيف، ألا وهو الجانب الفلسطيني لضمان الخروج بنتيجة حقيقة، ولن تستطيع إلا الرضوخ لشروط السياسة الإسرائيلية التي يفرضها نتياهو على الفلسطينيين والأمريكيين والمجتمع الدولي.

وهنا على الجانب الفلسطيني أن يكون مستعداً، لكل ما ستفرضه الظروف ومعطيات المرحلة القادمة، وعليه أن يقيم مواقفه وسياساته، تبعاً لمصالحه وما يسعى لتحقيقه، من خلال مفاوضات على مرجعية واضحة، وثابتة، وعملية سلمية تتطلع بجدية لاحتياجات شعبه ومعاناته، بالتزامن مع توحيد الأطراف الفلسطينية وإنهاء الانقسام، حتى لا نضطر للقبول بكل ما يفرض علينا.

وفي كل الأحوال الأيام القادمة لا شك ستحمل جديداً في الدفع لعملية السلام والمفاوضات، وأيضا ًعلى صعيد التطبيع العربي، ولعلنا سنرى ميتشل في المنطقة مجدداً، فهل نحن مستعدون للمرحلة القادمة؟.

http://www.miftah.org