حالُ القدس..قصةٌ قديمة جديدة!!
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2009/10/26

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10956

وسط حرب التصريحات الإعلامية والمهاترات المتبادلة واللا منتهية بين حركتي "فتح" و"حماس"، تارة حول شرعية أو عدم شرعية الانتخابات التي دعا إليها الرئيس محمود عباس في 24 يناير القادم، وتارة حول من يتحمل مسؤولية تعطيل المصالحة الوطنية، لا تجد القدس من يضعها على أجندته، ويهتم لحالها وما آلت إليه وسط هذه الجبهة الفلسطينية الداخلية، التي تشيح بأنظارنا وأنظار العالم عن وضعها المتدهور يوما ًبعد الآخر.

في حين يشكل هذا الوضع التوقيت الأفضل بالنسبة لإسرائيل التي تسابق نفسها في تهويد المدينة، حيث تصادر مئات الدونمات لصالح بناء المستوطنات، وتهدم عشرات المنازل وأخرى تهدد بالاستيلاء عليها من أجل المستوطنين، ونحن لا نحرك ساكناً لا في ملف القدس، ولا حتى فيما نشغل أنفسنا فيه طوال الوقت، فلا الانقسام المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات انقضى، ولا المصالحة على وشك أن تبدأ، وبين هذا وذاك يجد المستوطنون متسع من الوقت والمكان لممارسة طقوسهم التلمودية في المدينة المقدسة، واعتداءاتهم المتواصلة على أبناء المدينة، تحت دعم الشرطة والجيش الإسرائيلي.

30 جريحاً في المواجهات التي اندلعت أمس في باحات المسجد الأقصى، إثر التصدي لمحاولة متطرفين يهود أعلنوا قبل يوم عن نيتهم اقتحامه، بحماية الشرطة وقوات الأمن الإسرائيلية التي قابلت المصلين بالأعيرة المطاطية وقنابل الصوت والغاز.

مشهد متكرر لا يغيب عنا سوى أيام، ثم يعود من جديد، ليجد في انتظاره بيانات الشجب والاستنكار ذاتها، ربما مع تغيير التاريخ، فالأمة العربية حالها كحال الفلسطينيين أنفسهم، معذورون بانشغالهم بخلافاتهم وتشابكاتهم مع بعضهم، والبحث عن مصالحهم!!.

وفي كل مرة تكون هذه الزوبعة التي تفتعلها إسرائيل، من أجل السيطرة على المسجد الأقصى وتقسيمه بين المسلمين واليهود، على غرار ما حدث في المسجد ألإبراهيميي، هي جرعة بسيطة تخدر العالمين العربي والإسلامي بحيث يعتادون معه على الأمر الواقع، حتى إذا ما تحققت أكبر مخاوفهم، يكون قد تهيؤا نفسياً ومعنوياً لتقبلها.

الموقف العربي والإسلامي هو ذاته في كل مرة، ولم يأت بجديد، خطابات تحذير وتهديد لإسرائيل، بأن لا تتمادى في عدوانها على المسجد الأقصى، لأنه خط أحمر، وإسرائيل المصابة بعمى الألوان، تواصل اعتداءاتها فيما يخص المسجد الأقصى، وطرد المقدسيين، وسحب هوياتهم وملاحقتهم، والسيطرة على كافة مداخل المسجد الأقصى، وهدم حي سلوان، وتوسيع جدار الضم والتوسع، والإعلان عن مخططات من أجل توسيع الاستيطان وفي المستقبل، بناء القدس الكبرى، وطرد الفلسطينيين منها، واستمرار الحفريات تحت المسجد الأقصى.

الفلسطينيين تصدوا بالدفاع عن الحرم القدسي بأرواحهم وأجسادهم، بكل ما سقطت عليه أيدهم من حجارة أو أحذية، فإسرائيل لم تدرك بعد حقيقة المقدسيين في الدفاع عن المسجد الأقصى، الذي لا يوجد من ينصره غيرهم، وإن قلت حيلتهم وضعفت قوتهم، وفي كل مرة تحاول جس نبض أهالي المدينة، بمثل هذه المواقف الاستفزازية، التي تتعارض مع الكرامة الدينية والأخلاقية، غير أن ما يحصل في القدس ليس خطة مستوطنين متطرفين فحسب وإنما هو مخطط دولة بأكملها، دولة لا تعير بالاً، لا لعملية سلمية ولا لمفاوضات ولا حتى لمجتمع دولي ولا لكرامة إنسانية وأخلاقية.

إذن متى تُوضع القدس والمسجد الأقصى، على أجندة القيادات الفلسطينية، وعلى أجندة الدول العربية والإسلامية؟، ألم يدرك العرب والمسلمون، ومن قبلهم الفلسطينيون بعد؟ بأن أي مفاوضات أو أي تحرك من أجل حل سلمي، أو حتى مخطط إقامة الدولة الفلسطينية، لن يكون ذا قيمة ما لم تكن القدس إحدى أهم ركائزه وأولوياته.

وفي كل الأحوال فإن المطلوب الآن تحرك عربي وإسلامي ودولي من أجل وقف هذا الاستفزاز الإسرائيلي بالكرامة الدينية والأخلاقية والإنسانية للفلسطيني، إذا كانت النوايا جادة فيما يتعلق بالمفاوضات وإحياء عملية السلام، وإلا فلن يكون أي أمل بالحل في الأفق لا القريب ولا البعيد؟.

http://www.miftah.org