مطالب موظفي الأونروا

كفاف العيش...أم رفاهية زائدة!!
بقلم: الاء كراجة لمفتاح
2009/11/16

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11029

يبدو واضحاً أن إضراب موظفي الأونروا يوم غدٍ الثلاثاء لن يكون الأخير، وهو الذي يأتي في سلسلة من الإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات في أماكن عملهم، والتي دعت إليها اللجنة المشتركة لمتابعة مسح رواتب موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" في قطاع غزة والضفة الغربية، إلى حين الاستجابة لمطالبهم القاضية بتحسين رواتبهم، وإعادة النظر في نتائج مسوحات رواتبهم الشهرية.

موقف الأونروا من الإضراب كان كالتالي: "من لا يحضر للعمل يوم الثلاثاء سيخصم يوم الإضراب من راتبه".

مجموعة من الحجج والمبررات التي وضعها ممثلو الأونروا بينهم وبين الموظفين، كان واحداً منها ما أكدته "الأونروا"، حول عجز في ميزانيتها يقدر بنحو 39 مليون دولار خلال العام المالي 2009، وأنها غير قادرة على الإيفاء بمطالب الموظفين واضطرت لخفض خدماتها التي تقدمها للاجئين، وأطلقت الوكالة مناشدات جديدة للمانحين الدوليين سعياً لخفض عجز الميزانية المتوقع أن يتضاعف خلال العام المقبل. وهذا ما أكدته شينستون مديرة عمليات 'الأونروا' في الضفة الغربية حين قالت: "أنها قلقة من تأثير هذه الخطوة على الخدمات المقدمة للاجئين، وخوفها من تأثير هذا الإضراب على سمعة 'الاونروا'، وإعاقته لعملية جمع الأموال من المانحين أمام تزايد حدة الأزمة المالية والعجز المالي 'للاأونروا'.

أما ما جاء وكأنه السم في الدسم هو كلام جون جنج مدير عمليات الأونروا في قطاع غزة، والذي قال "إن موظفو الأونروا لديهم مطالب مشروعة لزيادة رواتبهم، وهم يتمتعون باحترام ودعم اللاجئين فيما يخص هذه المطالب، ومع ذلك فإنني أشعر بالحزن وخيبة الأمل أن أرى هذا التعطيل للخدمات المقدمة للاجئين حيث أن هذا يعمل على عقاب اللاجئين الأبرياء ويدمر الاحترام والدعم للأونروا".

جنج أتخذ من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، مثالاً للمقارنة مع رواتب وكالة الغوث، عندما أكد وبصورة أشبة بالتذكير بالجميل والعرفان وكأن موظفو الأونروا لا يعملون مقابل ما يحصلون عليه من مال، أن رواتب موظفي الأورنوا أعلى من رواتب موظفي السلطة، فعلى سبيل المثال فإن المعلم في مدارس الأونروا اليوم والذي لديه 20 سنة خبرة يتلقى 30% على راتبه أكثر من مدرسي السلطة الفلسطينية، ومشرفي المواد يتلقون 50% أكثر من تلك المعطاة في السلطة الفلسطينية، بينما نائب مدير المدرسة ومدير المدرسة يتلقون ما يقرب 100% عن نظرائهم في مدارس السلطة الفلسطينية.

وبغض النظر عن كون المقارنة والمحاكاة غير عادلة، فهي عندما تكون يجب أن تكون بين جانبين متكافئين، ولا نقول أن المقارنة يجب أن تكون برواتب أيٍ من أصحاب الدخول العالية، لكن في المقابل فمن من غير المعقول أن تقارن أي راتب براتب موظفي السلطة، لأنه أصلاً -وكما هو معروف- لا يكفيهم كفاف العيش، رغم بعض التغيرات الإيجابية التي طرأت عليهم ممثلة برفع علاوة غلاء المعيشة بنسبة 2.75%، وزيادة علاوة المواصلات 50إلى %، وزيادة رواتب المعلمين بنسبة 5%، فيما لم يتسلم العاملون في وكالة الغوث الدولية أي زيادة على أجورهم خلال السنوات الأربع الماضية، والتي شهدت فيها كل متطلبات الحياة ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، تنتهي فيها رواتب أصحاب الدخول المتوسطة منتصف الشهر، فكيف بحال أصحاب الدخول العادية أو المتدنية، وهذا ما كان يجب أن يضعه جنج في الحسبان.

إن هذا التجاهل لأوضاع العاملين في الأونروا، إنما يوجه صفعة للموظفين الذين يحاولون أن يجلبوا الانتباه للمطالبة بأبسط حقوقهم وسط هذا الغلاء المعيشي القاسي، بل أنه من المؤسف تذكير شينستون في رسالتها لاتحاد العاملين بالعدول عن الإضراب، 'أن لديهم وظائف ثابتة أمام تزايد أعداد البطالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبأن معدل رواتبهم أعلى من معدل رواتب السلطة بما نسبته 6% وأن رواتب المعلمين أعلى من معدل نظرائهم بنسبة 20%، بالإضافة لتمتع العاملين بنظام صحي فعال وفوائد تقاعد سخية تفوق 200.000 ألف دولار عن سن التقاعد للعديد منهم'، -رغم أن هذا ينطبق على من تتعدى رواتبهم الألفي دولار من أطباء ومدراء وكبار موظفي الوكالة أما الطبقة الكبيرة من معلمين وصغار الموظفين يلزمهم عمل أكثر من 30 سنة حتى يحصلوا ثلث المبلغ المذكور-.

وكأن لسان حالها يقول:"إحمدوا ربكم على ما أنتم فيه، ولا داعي للبطر"، في صورة أشبه ما تكون بالتهديد باستبدالهم، أو الاستخفاف بمطالبهم، ومقارنتهم بالآخرين بطريقة كان يمكن الترفع عنها، وهذا هو بالفعل ما يسيء لسمعة الأونروا، وليس الإضراب الذي تحدثت عنه شينستون، فمن باب أولى أن تتعامل الأونروا مع الموضوع بعقلانية تحتويه لا تأججه بصورة تبدو فيه وكأنها تستغل حاجة موظفيهها، الذين لا يطالبون برفاهية زائدة، بل بما يضمن لهم كرامة العيش.

http://www.miftah.org