يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني.. هل جاء لرفع العتب؟
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2009/12/1

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11074

كما كان مروره في الأعوام السابقة، مرور الكرام، مر يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني هذا العام دونما أي تغيير أو تبديل، التغيير الوحيد الذي يُضاف، هو مزيد من التدهور العربي والفلسطيني الداخلي، ومزيدٌ من التطرف الإسرائيلي على مختلف الأصعدة.

مناسبة فقدت تأثيرها ومعناها، عاماً تلو الآخر، ولم تعد تحقق ما جاءت من أجله، من نصرة وتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقه بالتحرر والعيش الكريم، في وجه كل الممارسات الإسرائيلية وجرائمها اللا إنسانية واللامنتهية، بل حتى لم يعد من الأهمية بمكان أن تُستثمر هذه المناسبة وتُستغل لإحقاق العدالة، وتصعيد وتيرة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته، وتحولت إلى مناسبة عابرة، اُقتصرت على كلمة لفلسطين في الأمم المتحدة، بحضور قلة من الممثلين والمندوبين، وغياب الأغلبية الباقية، في صورة جاءت وكأنها رفعٌ للعتب واللوم، وواجب روتيني دبلوماسي لابد منه.

ولم يتم التطرق إلى أيٍ من الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، والتي لا يكفي بسببها تخصيص أيامٍ ولا حتى أشهر للتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، وضاعت الكلمات في العموميات، والحقائق الضبابية، والمتطلبات المبهمة، دون أي تفسير أو توضيح أو تحديد، بل أن الأعظم من ذلك كله، ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عندما ذكر ممارسات إسرائيل على نحو عابر وباستحياء، بل وساوى بين الضحية والجلاد، حين أكد على ضرورة حفظ أمن إسرائيل ووضع آليات لمنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة ووضع حد لما أسماه إطلاق الصواريخ الفلسطينية والأعمال العدوانية بالقطاع وجنوب إسرائيل.

وفيما عدا الكلمة بالنيابة عن فلسطين، لم يتم التطرق إلى أيٍ من الحقائق المرة، والتجارب المريرة والقاسية التي تستوجب التضامن والدعم، ليس بكلمات تلقى في ردهات الأمم المتحدة فحسب، بل بأفعال تترجم هذا التضامن والتأييد، في وقت تعاني منه القدس من التهويد الإسرائيلي، ويعاني فيه سكانها من الطرد وهدم المنازل ومصادرة الأراضي في سبيل الهيمنة الاستيطانية، التي لم تبق ولم تذر، وتتعرض فيه المحارم الدينية المقدسة، للانتهاك والسيطرة، وتحاصر قوات الاحتلال المدينة وتعزلها عن محيطها وبيئتها.

ولم يرد أي ذكر لجدار الفصل العنصري الذي قطع أوصال المدن والقرى في الضفة الغربية، والتهم آلاف الدونمات والأراضي الزراعية والمياه، تاركاً الفلسطينيين في سجون كبيرة، مع ذكر خجولٍ للحصار الذي يعيشه أكثر من مليون ونصف المليون إنسان في قطاع غزة، والذي يحرمهم أبسط حقوقهم في العلاج والتعلم والحرية، في صورة للعقاب الجماعي المفروض عليهم، باستثناء المجزرة الإسرائيلية التي ارتكبت بحقهم قبل ما يقارب العام، والتي دفعوا ثمنها 1400 شهيد وآلاف الجرحى.

كل هذا في سلسلة طويلة من التاريخ الدموي الذي فرضته إسرائيل على الشعب الفلسطيني مستخدمة كل أساليب العنف والقتل والتهويد والتهجير، على امتداد أكثر من ستين عاماً، ومصورة إياها للعالم بأنها مجرد دفاع عن النفس.

وإن كان كل ما سلف أمرٌ مألوف ومتوقع من قبل المجتمع الدولي، لكن ما لم يكن بالحسبان هو حالة الصمت الغريبة التي رافقت اليوم، فأي يومٍ عالمي هذا الذي لا يتحرك فيه أي عالم لا دولي ولا عربي، -ويؤسفني القول-، ولا حتى فلسطيني، وسط تجاهل إعلامي للمناسبة وماهيتها، وانشغال محلي وعربي بسفائف الأمور.

فكل ما تقدم إنما هو إشارة إلى أن القضية الفلسطينية لم تعد حاضرة دولياً، بل أن حتى يوم التضامن الدولي معها بات طي النسيان، وما زاد في هذا الأمر هو انقسام الفلسطينيين أنفسهم وتخليهم عن وحدتهم وقضيتهم، بل وتكريس كل طاقاتهم وإمكانياتهم في تعزيز هذا الفئوية والتنازع على المصالح الشخصية، وتأكيد هذا الطلاق النهائي بين شقي الوطن، ولهذا علينا أن نطالب بالتضامن مع أنفسنا أولاً ، حتى يعود لنا احترامنا وتأثيرنا على العالم، لعله بعدها ينظر لعدالة قضيتنا ويتضامن معنا، تضامناً تسبقه وحدتنا، بما يضمن تحقيق الحرية والخلاص.

http://www.miftah.org