غزة بانتظار تدفق شريان الحياة.
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/1/6

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11200

في خطوة إنسانية سلمية آثر نحو 1400 ناشط أجنبي جاؤوا من 42 دولة حول العالم، أن يكونوا على متن 152 شاحنة ضمن قافلة شريان الحياة 3، المحملة بالمساعدات الغذائية والدوائية لمليون ونصف المليون إنسان محاصر في قطاع غزة، على أن يقضوا إجازة عيد الميلاد ورأس السنة في بلداهم وبيوتهم الدافئة، تاركين وراءهم عائلاتهم وأعمالهم، في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي غير المشروع على قطاع غزة، وإعلان تضامنهم الكامل مع الفلسطينيين المحاصرين في القطاع منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، ومدهم بالأساسيات الضرورية لبقائهموصمودهم.

قافلة شريان الحياة 3 التي انطلقت من لندن يوم 6 ديسمبر من أمام البرلمان البريطاني، بقيادة النائب البريطاني السابق جورح غالوي، وكانت قد خططت الوصول إلى غزة في 27 ديسمبر/كانون الأول 2009، أي في الذكرى الأولى للحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، حيث تعطل وصول قافلة شريان الحياة 3 إلى قطاع غزة، وسط حالة من الترقب والانتظار تسود الأجواء في ميناء العريش مع استمرار المفاوضات بين الخارجية التركية ونظيرتها المصرية بشأن مرور القافلة ووصولها إلى معبر رفح ومنه إلى قطاع غزة، وذلك بعد صدامات بين نشطاء القافلة والأمن المصري أسفرت عن جرح أكثر من خمسين شخصاً في صفوف الجانبين.

هؤلاء وهم في معظمهم مثقفون وكتاب وفنانون ومهنيون، أصحاب الضمائر الحية ومحبي السلام ومؤيدي الشعب الفلسطيني في وجه كل ما يعانيه، وهم من مختلف الجنسيات الأوروبية والأمريكية وغيرها، قطعوا آلاف الأميال وتركوا حياتهم الكريمة والخالية من أي منغصات، وجازفوا في القدوم بهذه القافلة ليفكوا الحصار عن أطفال غزة، رافضين أن يقفوا متفرجين ومكتوفي الأيدي أمام حصار استنفذ مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة، على كافة الأصعدة، بعد أن أنهكوا من حرب شنتها إسرائيل عليهم دفعوا خلالها ما يزيد عن ال 1400 شهيد، وآلاف الجرحى.

إن معظم هؤلاء الناشطين الأجانب غَلّبوا انتماءهم الإنساني على انتمائهم الوطني أو العرقي أو حتى العقيدي، فهم في معظمهم ينتمون إلى الديانة المسيحية، أو اليهودية، لكن يجمعهم رفضهم الشديد لسياسة إسرائيل الإجرامية، بحق أبناء الشعب الفلسطيني، فيلتقون في الإنسانية، التي تنأى بهم عن العنصرية المبنية على أساس اختلاف الدين أو العرق، وتوحد أساس التعامل القائم على كون الإنسان لأخيه الإنسان، في وجه الاضطهاد والكراهية والعنصرية، فهم على اختلاف جنسياتهم ودياناتهم يدركون أن الديانات جميعاً جاءت لتدافع عن قيم الإنسانية والحربة والعدالة، في رؤية متسامحة تدافع عن حقوق البشر على اختلافاتهم.

فضمت القافلة العديد من كبار السن، وكانت من بينهم عجوز في الثمانين من عمرها على كرسي متحرك، وهي إحدى الناجيات من المحرقة التي أقامها النازيون لليهود، فبالرغم من عجزها ووضعها الصحي، أصرت هذه السيدة على أن تأتي بنفسها لتقدم المساعدات والهدايا لأطفال غزة.

لكن في المقابل يبدو أن الاختلافات التي بيننا وبين أبناء جلدتنا، كانت أقوى من أن تذوب في ما يجمعنا من عروبة ودين وعرق ومن قبلها إنسانية، فيصعب علينا أن نرى متضامنين يأتون من أقصى الأرض تاركين وراءهم حياتهم وأعمالهم، فيما يكون رد الشارع العربي أقل بكثير من المطلوب اتجاه مليون ونصف مليون عربي فلسطيني محاصرين منذ ثلاث سنوات.

ورغم ما نعلمه عن حال المواطن العربي المقهور اجتماعياً واقتصاديا ًوسياسياً، والذي يحول دون أن يشغل نفسه بالهم الوطني العربي، -فلديه ما يكفيه من هموم-، بالإضافة إلى وضع القطاع السياسي الصعب والذي تحكمه التداخلات الإقليمية الشائكة، إلا أن التضامن يعد أقل الواجب المطلوب من أولى القربى، أفليسوا هم أولى من البعيد!، وإن عجزوا حتى عن ذلك، فعلى أقل تقدير يتوجب على الجميع تسهيل دخول هذه القافلة ومتضامنيها إلى القطاع دون اعتراضهم أو التعرض لهم، أو تعطيلهم دون أسباب منطقية، لعلهم يدخلون معهم ما تبقى من حياة وأمل إلى القطاع وأبنائه.

http://www.miftah.org