القضية الفلسطينية ما بين مفاوضات مشروطة أو جمود سياسي!
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/1/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11209

تشهد الساحة عربياً ودولياً، تحركاً سياسياً ملحوظاً تشارك فيه كل من القاهرة والرياض ودمشق، يُضاف إليها التحركات الفلسطينية التي تضم الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ولا تنفصل بشكل أو بآخر عن إطار التحركات الدولية والإقليمية في الولايات المتحدة الأمريكية وقدوم ميتشل للمنطقة وإسرائيل، والتي تتقاطع جميعها في مبادرات سياسية من أجل العودة للمفاوضات، على إثر الضغوط الأميركية أو حتى العربية على القيادة الفلسطينية إزاء إظهار المرونة اللازمة فيما يخص شروط استئنافها.

لأن حالة الجمود السياسي التي تعتري القضية الفلسطينية بشقيها سواء على مستوى الصراع الداخلي وإنجاز المصالحة الوطنية، أو على صعيد استئناف العملية السلمية والمفاوضات لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ستؤدي إلى تدهور الحال على الصعيدين، سواءً مواصلة تنفيذ الأجندات الإقليمية على حساب القضية الفلسطينية، أو استمرار الاستيطان وتهويد القدس والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ومصادرتها، والمزيد من الخروقات الحقوقية تجاه الفلسطينيين.

وعلى كل حال فإن حل أيٍ من هذين الملفين، في صالح الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموماً، بما سيضمنه من خلق أجواء أكثر هدوءاً في المنطقة، والتي تشهد توتراً ملحوظا ًعلى عدة مستويات إقليمية، سواء في اليمن والسعودية، واللتين لا ينفصل ما يجري فيهما عن الملف الإيراني.

وبالتالي فإما أن نتمسك بشروطنا لاستئناف المفاوضات، ونرفض كل المبادرات الأمريكية والعربية دون ذلك، وعندها نقبل باستمرار حالة الجمود، ولا نقبل بأي منفذ أو أنصاف حلول مهما حصل ونحتمل نتائج ما يترتب على هذا الوضع، وإما إن نبدي مرونة في شروطنا للعودة للمفاوضات انطلاقاً من أن المفاوضات آلية لتحقيق الأهداف وليست هدفاً بحد ذاته، ولأن إسرائيل لن ترضخ لشرطنا بالوقف التام للاستيطان، ولا لأي ضغوط أمريكية أو أوروبية أو غيرها، بل وإن كان ثمة من ضغوط أمريكية أو عربية فحتماً ستكون على الجانب الفلسطيني، باعتبار أنه الطرف الأضعف، الذي صدق الوعود الأمريكية واعتقد واهماً بأن انفراجاً للأزمة سيغدو قريباً، لكنه لم يحظ سوى بالنوايا الحسنة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، وهو لا يملك شيئا ًمقابل ذلك، فعلى الأرجح أنه لا يريد أن يغرد خارج السرب.

وفي كلتا الحالتين يتوجب على الجانب الفلسطيني، أن يضع المصلحة الوطنية العليا نصب عينه، وأن لا يعود لمفاوضات يعلم تماماً أنه إذا لم تتغير أهدافها وإستراتيجيتها، ستعود عليه بما عادت سابقتها، وإلا فإن المضي بحالة الجمود قد يكون أفضل حالاً، من العودة لما كان.

وفي تبعات كل هذا، فالسؤال الذي يطرح نفسه، من الذي أوصلنا إلى حالة الجمود السياسي هذه؟ أهو الجانب الفلسطيني الذي خاض مفاوضات فاشلة لمدة 18 عاماً، والذي أوصله تعنت الإسرائيليين وغطرستهم إلى حد القول: "لقد وصلنا إلى طريق مسدود"، أم هو الاحتلال الإسرائيلي وحليفه الاستراتيجي الذي يدعمه ويبرر أفعاله وسياسته بضم الأراضي والتوسع في بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس خاصة، دون اعتبار للقرارات الشرعية والدولية ؟!.

ففي الوقت الذي تمارس فيه سلطات الاحتلال ومستوطنيها، أفظع الجرائم يومياً بحق الشعب الفلسطيني، من اعتقال واغتيال وطرد للسكان وتهويد للقدس، ومصادرة للأراضي الفلسطينية، لم تجد القيادة الإسرائيلية حرجاً من التغني سياسياً وإعلامياً بالحديث عن المفاوضات والسلام على الأرض.

ولذا فإن كسر هذا الجمود لا يجب أن يكون على حساب هذا الشعب الذي عانى الكثير ومازال يعاني، وإن من يريد أن يخرج بحل لتسوية الصراع، فعليه أن يعمل على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، من أجل إحقاق العدالة الفلسطينية، وإرجاع الحقوق المغتصبة لتأمين الحرية والاستقلال.

http://www.miftah.org