جامعة بيرزيت: انتخابات تجسد الواقع الفلسطيني وتغيب عنها روح المنافسة
بقلم: جهاد بركات لمفتاح
2010/4/1

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11449

تعتبر انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت هذا العام غير عادية مقارنة بسنوات مضت، وذلك على مستويين هما: الانسحاب والاتحاد، فقد توحدت قوى اليسار على ساحة الجامعة ضمن كتلة انتخابية ذات برنامج واحد، كانت هذه القوى أربع: وهي إطارات طلابية للجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وحركة فدا، أما الانسحاب فكان للإطار الطلابي لحركة حماس، وهذا يقودنا للتوسع إلى ما أبعد من انتخابات داخل جامعة فلسطينية.

وتمخضت النتائج التي جرت يوم الأربعاء 31 آذار 2010، عن فوز كتلة الشهيد ياسر عرفات ب 31 مقعداً من أصل51 مقعداً فيما حصلت كتلة بيرزيت للجميع والتي تضم (الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب) على 16 مقعداً، أما تجمع المبادرة (قائمة مستقلة) فقد حصل على 3 مقاعد، ومقعد واحد للتيار القومي الوحدوي الطلابي، وهي نتائج متوقعة بعد امتناع كتلتا الوفاء الإسلامية والرابطة الإسلامية عن خوض هذه الانتخابات لهذا العام.

أبدأ من الاتحاد لقوى اليسار ضمن كتلة سُميت "بيرزيت للجميع"، هو اتحاد كما يبدو جاء كمحاولة لمنافسة الكتلة الأوفر حظاً في الانتخابات وهي كتلة الشهيد ياسر عرفات التابعة لحركة فتح -وهي كذلك بالفعل نظراً للمعطيات-، ولكن هل يمكن أن يقود هذا التحالف الطلابي إلى تحالف سياسي ضمن انتخابات عامة فلسطينية؟ -إن جرت- بالتأكيد أن هذا الاتفاق كان صعب المنال وخصوصاً وأن الكتل المتحالفة هذا العام كانت متنافرة وأذكر مثالاً من الانتخابات ذاتها العام الماضي، حيث قالت كتلة اتحاد الطلبة في بيان لها: "القطب الطلابي بعد رفض الوحدة الوطنية يقوم بنشر الأكاذيب والتفاهات"، والقطب قال في أحد بياناته في العام الماضي أيضاً عن كتلة اتحاد الطلبة: "ألم تتربع النملة مع الفيل في العام الماضي على رأس مجلس الطلبة؟"، وللعلم فإن القطب الطلابي الديمقراطي التقدمي هو الإطار الطلابي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكتلة اتحاد الطلبة التقدمية الإطار الطلابي لحزب الشعب الفلسطيني.

هل يمكن لمتنافسَيْن لهم خيارات قريبة وتوجه يساري متقارب أن يتخاطبا أمام ناخبيهم بهذه اللغة ونتوقع اتحادهم؟، أعتقد أن توحد اليسار نظرياً قد لا يكون صعباً بل وحتى في بعض الحالات كانتخابات في جامعة هنا أو انتخابات لمجلس بلدي هناك، ولكن أن يُشَكِّلَ تحالفاً على مستوى وطني فهو بحاجة إلى جلسات طوال، أو ربما لا ينظر قادته إلى الأمر بجدية، وبالتالي كيف للمواطن فلسطيني أن يدعم تياراً بصوته، وهو يرى هذا المستوى من التشرذم والمناكفات غير المسؤولة؟.

أما القضية الأخرى في هذه الانتخابات فهو انسحاب الكتلة الإسلامية التابعة لحركة حماس، فهي تشارك في انتخابات الجامعة منذ خمسة وعشرين عاماً تقريباً كتيار إسلامي يعتبر المنافس الحقيقي لكتلة فتح الطلابية ومنذ مشاركتها تقريباً حصل تحول ملحوظ في شعبية اليسار، لربما ما ذكرناه من تشرذم سبباً في ذلك.

والكتلة الإسلامية شاركت حتى في العامين الماضيين – أي بعد الانقسام- وهذا ما يمكن أن نحسبه لجامعة بيرزيت بتوفيرها جواً ديمقراطياً، فيما للانسحاب هذا العام دلالاته على القضية الفلسطينية ومشروع المصالحة الفلسطينية، فقد استبشرنا خيراً بمشاركة حماس في مجلس الطلبة بجانب فتح العام الماضي، على أمل أن ينعكس ذلك في إمكانية تحقيق مصالحة قريباً ولكن التشاؤم صار سائداً ليس منذ انسحاب حماس من انتخابات جامعة بيرزيت لهذا العام، بل منذ السجال الذي قام بعد 25/01/2010 حول عدم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وهنا أقول أنني أؤمن بعدم إمكانية إجراء انتخابات مقبولة من الجميع وذات مصداقية –سواء في الضفة أو غزة- حتى لو كانت انتخابات مجالس محلية دون تحقيق المصالحة، لأن كلاً من حماس في الضفة وفتح في غزة لن تستطيعان عملياً من المشاركة والمنافسة الشريفة مهما كانت لجنة الانتخابات مستقلة لأن الأمر متعلق بالوضع السياسي وليس باستقلالية اللجنة، فرغم حصول الكتلة الإسلامية في العام الماضي على نسبة جيدة من الأصوات (22 مقعداً مقابل24 للشبيبة)، ورغم الجو الديمقراطي الذي توفره الجامعة، إلا أنها لم تواصل مشوار العملية الانتخابية لما تقول هي إنه "قمع ضدها من قبل السلطة الفلسطينية" فهي تطالب بحرية وديمقراطية لا تتوقف عند أسوار الجامعة فحسب، مبررٌ ربما لم يجد قبولاً لدى الكثيرين، وهو في كل الأحوال لا يعكس الصورة المتكاملة التي يُراد أن تتسم بها العملية الانتخابية الجامعية، سواءً بالترشح والانتخاب.

في انتخابات بيرزيت توقعت فتح الحصول على حسم تام لعدم وجود المنافس وهذا ما حصل، وتوقع اليسار أن تزيد مقاعده التي كانت خمسة في العام الماضي، ودعت حماس الطلاب عدم التصويت للتقليل من نسبة التصويت وبالتالي إلغاء الانتخابات أو إعادتها، وأمِل كلٌ من التيار القومي الوحدوي الطلابي –قومي الهوى، والذي انسحب من المناظرة الانتخابية احتجاجاً على ما أسماه ديمقراطية مزيفة لكنه ظل مشاركاً بالانتخابات-، وتجمع المبادرة الطلابي- المبادرة الوطنية الفلسطينية- الحصول على مقاعد في المجلس بعد حرمان طويل، ولم تكن نتائج الانتخابات بعيدة عن توقعات أصحابها ومشاركيها.

وأما السمة العامة للانتخابات، غياب روح المنافسة الحقيقية وهو ما عبر عنه طلاب كثر.

هذه هي انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت، والتي تحظى باهتمام شعبي واسع لا يقتصر على طلاب الجامعة وحدهم فعادة ما تمثل انعكاساً لحال الأحزاب والفصائل السياسية الفلسطينية، فهل نستطيع أن نستشف منها حال الانتخابات المقبلة؟. في كل الأحوال لنأمل أن تجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية القادمة، وقد تم إنجاز المصالحة، وبوجود جميع الأطراف من أجل ضمان مصداقية هذه الانتخابات وشفافيتها والمنافسة الشريفة للجميع.

http://www.miftah.org