مستقبل الرياضة في فلسطين، وإمكانية التركيز على الألعاب الفردية.
بقلم: جهاد بركات لمفتاح
2010/4/29

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11536

الرياضة محط أنظار الفئة الشابة بشكل خاص والمجتمع كافة بشكل عام، هذا لا ينطبق فقط على حالتنا الفلسطينية بل على كل الشعوب في الكرة الأرضية، والاهتمام قد يتحول إلى حمى في بعض الأحيان من خلال التشجيع لفريق فلاني أو لاعب علاني، وما أود الطرق له هو الأداء الرياضي الفلسطيني وأوجه الاستثمار الرياضي الصحيح والمثمر.

الاهتمام الرسمي من قبل الهيئات الرياضية كوزارة الشباب والرياضة والأولمبية الفلسطينية واتحادات كاتحاد كرة القدم حاولت خلال فترة مضت أن تصنع حراكاً رياضياً محلياً امتزج في أحيان كثيرة بالسياسة خصوصاً عند استضافة فرق عربية أو دولية، وهذا الحراك لاقى صدى إعلامياً ناجحاً إلى حد بعيد، كما هو جماهيرياً خاصة لدى المهتمين بالرياضة والكرة المستديرة، ولكن الحراك على أرض الملاعب كشف لنا عن الضعف في المُخرج الرياضي، بيد أن الجهود حثيثة للارتقاء بالمستوى، وأمام ذلك سؤال نطرحه على أنفسنا، ألا وهو: هل يمكن أن نتقدم للتنافس في بطولات عالمية أو حتى عربية؟؟، ولطالما راودتنا أفكار من قبيل، لماذا لا نتميز عالمياً، على المستوى الرياضي على الأقل، رغم امتلاكنا للمواهب الرياضية؟، على سبيل المثال إن أعظم وأشهر لاعبي كرة القدم على مستوى العالم، كانوا من البرازيل والأرجنتين أي من دول العالم الثالث، وهي دول فقيرة في الإمكانيات، لكن المقارنة هنا غير واردة، فكثير من هذه المواهب يتم تبنيها من أكبر النوادي الرياضية العالمية!.

وصحيح أن كرة القدم تمتاز بجماهيرية تفوق جماهيرية الرياضات الأخرى كافة، ولكنها كلعبة جماعية تحتاج إلى الكثير الكثير من الإمكانيات والامتيازات المادية والمعنوية لينجح بها فريق أو منتخب، ويتضح لنا أن معظم الدول العربية تعاني من ضعف في المستوى، ولنكن واقعيين فإن الإمكانيات في الدول المتقدمة رياضياً تفوقنا من حيث الملاعب والتدريب والإمكانات المادية، والتواصل الدائم بين اللاعبين من أجل تعزيز روح التعاون والأسرية بينهم، أمور تقود مجتمعة للاحتراف، وهي في ذات الوقت مفقودة لدى لاعبينا في ظل عدم تفرغهم الكامل للعب وانشغالهم في البحث عن عمل يؤمن لهم مصدر دخل إضافي، وهذا ما يسلب منا إمكانية التفوق في الرياضات الجماعية عموماً.

إذن ما العمل؟؟ العمل أن ننظر إلى رياضات أخرى نكون فيها أكثر قدرة على المراوغة، والرياضات التي أتحدث عنها هي الألعاب الفردية، التي لا تحتاج إلى فريق كامل متوافق تتوفر له كل الإمكانات، ونحتاج إلى إعادة ترتيب الأولويات للعمل على ما هو ممكن ومجدي مع عدم إغفال الرياضة الأكثر شعبية والعمل عليها بنفس طويل متأني وغير مستعجل.

نماذج كثيرة كانوا أفراداً مميزين وحازوا على مراكز عربية وعالمية، في رياضات ألعاب القوى كالسباحة والجري وغيرها، وألعاب فنون القتال والدفاع عن النفس كالكاراتيه والكونغ فو والتايكواندو، وألعاب أخرى حقق لاعبون فيها نجاحات وصل بعضها إلى مراكز متقدمة، ولكن ماذا يحصل بعد ذلك؟، يعود اللاعب إلى أرض الوطن بعد بطولة حقق فيها مركزاً مهماً، ولا يلقى الدعم الكافي للاستمرار وكأن الهدف قد حٌقق وبالتالي يرضخ البطل ل"محدودية الطموح"، وربما لا يستطيع معاودة تجربة البطولات لقلة الإمكانات المادية.

فلتسارع الهيئات الرياضية إلى إعادة التقييم والتوجه في التطوير إلى الألعاب الفردية التي يمكن الاستثمار فيها بنجاح، ويمكن الحصول من خلالها على مراكز وبطولات.

وكلمتي الأخيرة تقترب قليلاًَ إلى السياسة، فالرياضة قد توحد الضفة وغزة في صورةٍ تتخطى حالة الانقسام وتعطي أملاً ولو جزئياً لإمكانية تفكيك ملف المصالحة، كون الجميع يحب الرياضة ويشجعها ما يدعو إلى تحسينها وتطويرها والمراوغة بها في حدود الممكن والأفضل من حيث النتائج.

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى مبارة كرة القدم الودية التي جمعت وزراء ونواب من لبنان وبمشاركة سعد الحريري وبحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، في ذكرى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في ال13 من نيسان الجاري، وذلك بهدف ترسيخ وحدة اللبنانيين، من خلال الوسيلة الأمثل وهي الرياضة، ومن خلالها التأكيد على الروح الرياضية للتعاطي في ما بينهم، وإرسال رسالة واضحة إلى كل الشعب اللبناني بضرورة تجاوز الانقسامات، ليكون يوم ذكرى الانقسام والتشرذم هو نفسه يوم الوحدة الوطنية، في مشهد لاشك أنه الأول من نوعه على الأقل على المستوى العربي.

ولوهلة خُيل لنا إمكانية أن نرى مثل هذه المبادرة السياسية بطابع رياضي، لكن بلاعبين (قادة) فلسطينيين، لنقول نحن أيضاً أن فلسطين واحدة وشعبها واحد، والاختلاف لا يفسد للود قضية.

http://www.miftah.org