هل إنقاذ القدس ورفع الحصار مرهون بالمصالحة؟
بقلم: آلأء كراجة لمفتاح
2010/6/24

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11712

بعدما لاحت في الأفق بوادر إيجابية بشأن المضي قدماً نحو المصالحة، ما لبثت أن تلاشت هذه البوادر ووئدت قبل أن ترى النور، وكان آخرها نية الرئيس محمود عباس زيارة غزة، الزيارة التي دعا المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري الرئيس للتنسيق مع الحركة بغزة بشأنها، وأن الترتيب لهذه الزيارة لا يتم عبر وسائل الإعلام، وهو موقف لا يخدم المصالحة ولا المبادرة الحسنة التي أقدم عليها الرئيس.

والحقيقة أن حماس وإن كانت قد ترددت في استقبال وفد المصالحة في دمشق وغزة إلا أنها عادت ووافقت على استقباله، بعدما تلمست جدية ما يحمله الوفد للخروج بصيغة مقبولة للاتفاق، حسبما ذكر هاني المصري عضو وفد المصالحة الرئاسية. وفي كل الأحوال فإن المعضلة ليست بالزيارة بحد ذاتها وإنما في النتائج المترتبة على هذه الزيارة وما بعدها، وما إذا كانت هناك مساعي وجهود ومن قبلهما نوايا حقيقية من أجل إحقاق المصالحة، وحسبما ذكر نبيل شعث اليوم لمصادر صحفية فإن الرئيس لا يريد الذهاب إلى غزة والعودة بخفي حنين، مضيفاً أن "حماس أيضاً لم تقم بأي خطوة حتى بالترحيب بإعلان الرئيس زيارة القطاع ولا بزيارة لجنة المصالحة، رغم إننا قلنا أننا سنقدم ضمانات لبحث كل تحفظاتها على ورقة المصالحة"، وبالتالي فأن الرئيس عباس بات متردداً في زيارة قطاع غزة بسبب عدم قيام حركة حماس باتخاذ خطوة واحدة تجاه نظيرتها فتح.

فالخلاف يتمحور حول التوقيع على الورقة المصرية أولاً، وهذا موقف حركة فتح ومصر، والأخذ بضمانات حماس وملاحظاتها قبل التوقيع وهذا موقف حماس، وعلى الرغم من موافقة الرئيس السابقة على المبادرة التركية المتمثلة بعقد اجتماع في القاهرة بمشاركة ممثلين من "فتح" و"حماس" ووزيري خارجية تركيا ومصر على أن ينتهي الاجتماع بتوقيع "حماس" على الورقة المصرية مقابل أخذ الملاحظات بالحسبان عند التطبيق، إلا أن المبادرة أوقفت نتيجة ضغوط خارجية وداخلية لم يتم الكشف عنها أو الإشارة إليها.

وكل هذا والحصار على قطاع غزة ما زال قائماً، والمعاناة اليومية مستمرة فمازالت مشكلة الكهرباء تراوح مكانها، ومازال طلبة التوجيهي يدرسون على ضوء الشمعة في هذا الصيف الحار، فما الذي جاء به قرار أو ادعاء تخفيف الحصار الذي اتخذه نتياهو بعد أن رضخ للضغوطات الدولية أو بالأحرى أراد أن يحسن صورته السوداء أمام العالم بعد جريمة أسطول الحرية.

العالم الذي سارع للدفاع عن إسرائيل وتجميل صورتها وحسن نواياها حيث قالت وزارة الخارجية الأمريكية أمس أن وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك وعد بالسماح بدخول المزيد من السلع إلى غزة بعد قرار إسرائيل تخفيف حصارها لقطاع غزة.

والواقع أن الأزمة السياسية التي خلقتها إسرائيل حول أسطول الحرية، سلطت الضوء أكثر على وضع القطاع المحاصر، وأحيت الاهتمام الدولي بقضية حصاره، الأمر الذي لربما شكل بالنسبة لحركة حماس بارقة أمل بفك الحصار أو تخفيفه، وبالتالي تفاؤلها بقدرتها على أن تجدد شعبيتها وتحقق مكاسب منفردة قبل المصالحة الأمر الذي قد ساعد في ترددها في الترحيب بجهود المصالحة المبذولة من قبل الطرف الآخر، الذي لا شك أنه أراد هو أيضاً الاستفادة من الأضواء المسلطة هناك، شعبياً أو سياسياً لإنهاء الانقسام، حيث أن رفع الحصار دون إنهاءه يعني تحويله إلى طلاق أبدي لا رجعة عنه.

وعلى أية حال يبقى المتضرر الأساسي من هذا الوضع هو المواطن في شقي الوطن المنقسم، الذي يعاني يومياً ويلات هذا الانقسام وتبعاته، وفي كل يوم نبدي فيه المصالح الفئوية والحزبية والأجندات الخارجية على المصلحة العليا للوطن، نخسر فيه أرضاً وقدساً ووطناً، فنحن نضيع الوقت والأيام ونضيع معها حقنا الذي تصادره إسرائيل يوماً بعد الآخر، في الضفة الغربية وخاصة القدس، وفي قطاع غزة، ففي حين تدعي رفع الحصار عن القطاع، تهدم حياً بأكمله في سلوان لتقيم محله حديقة توراتية، وتصادر وتهدم منازل في بيت صفافا هي ومستوطنوها، وهي في حين تدعي الذهاب لمفاوضات غير مباشرة، تصادر الأراضي وتبني المستوطنات وتطرد النواب المقدسين من مدينتهم وتعزل المدينة المقدسة وتحاصرها.

فانتهاكات الاحتلال تجاوزت كل الحدود، وأخطاره عظيمة ومحدقة في القدس، وهي أعظم وأكبر من فتح ومن حماس ومن أياً كان، ولا يجب أن يبقى مصيرها مرهونا ًبإنهاء الانقسام، فمتى تدرك كل الأطراف ذلك وتنتصر للقدس، وتعجل بالتوحيد والمصالحة قبل فوات الأوان.

http://www.miftah.org