العراقيب...أثر بعد عين.
بقلم: آلاء كراجة لمفتاح
2010/7/29

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11826

أثر بعد عين هو حال قرية العراقيب، التي لم تبخل عليها سلطات الاحتلال بأكثر من 1300 جندي من أجل هدمها عن بكرة أبيها بمنازلها الثلاثين- والمبنية معظمها من الصفيح- وطمس معالمها وتشريد ساكنيها، مستخدمة قوة السلاح تجاه السكان من نساء وأطفال، في صورة إجرامية عنصرية تعيد لذاكرتنا شريط النكبة وطرد الفلسطينيين من أرضهم ومنازلهم، فما أشبه اليوم بالأمس، وما أشبهه بغدنا مع سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي تؤكد لنا أن كابوس التهجير لم ينتهي ولن ينتهي طالما أنها مازالت تجثم على صدورنا وتقاسمنا هوائنا وتسلبنا أرضنا ومنازلنا وحريتنا.

هذه هي بوادر حسن النوايا التي تدعيها حكومة اليميني المتطرف نتياهو من أجل الضغط على القيادة الفلسطينية للذهاب لمفاوضات مباشرة!!، وهي واحدة من الكثير من الممارسات التي تدل على حسن نية حكومة الاحتلال والتي كان آخرها اليوم حينما استولى مستوطنون بحماية ومرافقة شرطة الاحتلال على مبنى من طابقين يشتملان على 11 غرفة في حارة السعدية بالبلدة القديمة من القدس يقطنه 50 نفرا يُطل على المسجد الأقصى، وبالاستيلاء على هذا المبنى يرتفع عدد المباني التي يستولي عليها مستوطنون في حارة السعدية إلى 5 مبان، من أصل 70 عقارا كان مستوطنون استولوا عليها في عموم البلدة القديمة تطل جميعها على المسجد الأقصى!!!.

وما يثير الدهشة هو أن عمليات التهويد والتفريغ الممنهجة التي تطبقها إسرائيل يومياً "عيني عينك" كما يقولون أي على مرأى منا جميعاً دون خجل أو وجل لا تحظى بأي اهتمام دولي، وبل لا تأتي على بال من ينادون بضرورة الذهاب لمفاوضات مباشرة، نعلم جميعاً أن مباشرتها لن يضيف جديداً على الواقع المفروض رغماً عن الجميع على الأرض، فلا تدع إسرائيل مجالاً للشك بأنها بممارساتها هذه إنما ترسل رسالة واضحة بعدم رغبتها بتحقيق سلام عادل في المنطقة، بل ولا تعنيها كل الجهود العربية والدولية لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، بينما ترتدي قناع الكذب والادعاء أمام العالم وتزعم بأنها تبذل كل جهدها من أجل المضي بعملية السلام وتحقيق حل الدولتين.

إن حرب التطهير العرقي التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في كل مكان سواءً في القدس أو في الأغوار وخاصة تجاه هؤلاء البدو المستضعفين، بعد الاستيلاء على مصدر رزقهم وممتلكاتهم وتركهم في العراء، هي جريمة بحق الإنسانية وهي انتهاك دولي صارخ ويتنافى مع القانون والمواثيق الدولية، وهي عملية تهجير قسري لسكان النقب، ضمن خطة لطردهم من 45 قرية عربية يقطنها 85 ألف فلسطيني، وحيث أن إسرائيل كعادتها بدأت بعملية الهدم والطرد في منطقة الأغوار والنقب في الفترة الماضية شيئاً فشيئاً لتجس نبض رد الفعل أولاً، ثم تخطو خطوتها الكبرى مرة واحدة.

وقرية العراقيب، واحدة من القرى غير المعترف بها الكثيرة في النقب، والتي تعاني نقص الخدمات ومقومات الحياة من ماء وكهرباء ومواصلات، والتي كثيراً ما تعرضت هي ومن في محيطها إلى الهجمات العدوانية والهجمية لجيش الاحتلال الذي يحرمهم حقوقهم الأساسية، ويعاملهم وكأنهم أدنى من أن يُنظر في حقوقهم البسيطة التي تكفل لهم حق العيش بكرامة، بل ويحاول أن يتظاهر بأن هذه المنطقة خالية من السكان، ولابد من تهيئتها لاستقبال السكان الأصليين ألا وهم المستوطنون، بما يحول حياة البدو في النقب إلى جحيم حقيقي.

والسؤال هنا هل ستمر هذه المأساة وهذه الانتهاكات الإسرائيلية التي تجاوزت كل الحدود مرور الكرام؟، وإلى متى ستظل تسلب أراضينا وتهدم منازلنا لتبنى منازلنا دون أن تنبس الجهات المسؤولة والمجتمع الدولي ببنت شفه، ومن لهؤلاء المشردين الذين باتوا في العراء وفقدوا مسكنهم ومصدر رزقهم وعيشهم؟، ومن لمن هم بعدهم؟؟

http://www.miftah.org