المفاوضات المباشرة..ما بين مؤيد ومعارض فهل من بديل؟؟
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/9/13

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11964

ها قد بدأت المؤشرات تتكشف شيئاً فشيئاً حول ما يدور في كواليس المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبرعاية أمريكية- وإن مازالت تحيطها الضبابية -، ورغم التجاذبات التي ما برحت تزداد يوماً بعد يوم بين مؤيد ومعارض لذهاب القيادة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس لهذه المفاوضات، دون انتزاع التزام إسرائيلي بخصوص تمديد تجميد الاستيطان في الضفة الغربية وخاصة في القدس، الأمر الذي زاد المشهد السياسي تعقيداً واضحاً بسبب تعنت حكومة نتياهو اليمينية.

لذا فإن الكثير من المحللين السياسيين يرون أن ذهاب الفلسطينيين إلى مثل هذه المفاوضات بغض النظر عن تسميتها، دون مرجعية واضحة ودون اتفاق مسبق وإطار محدد للعملية، سيضعها بالتأكيد في الحلقة الأضعف، بحيث تبدو هذه المرة في غاية الوهن والليونة، بعد عملية الاستنزاف الطويلة التي تعرضت لها ما بين الشد والجذب في العمليات التفاوضية السابقة وتشدد حكومة نتياهو (مع متطرفي الليكود وحزبي إسرائيل بيتنا وشاس وضغوط المستوطنين) في التعاطي مع مواضيع التسوية الفلسطينية، الأمر الذي عثر سير العملية السلمية، التي تبدو المؤشرات الإيجابية لنجاحها هذه المرة قليلة والخيارات والبدائل المتاحة عنها محدودة، خاصة في ظل التطورات المحلية والتحركات الدبلوماسية الدولية والعربية التي تؤثر على الحياة السياسية بجميع جوانبها في فلسطين، لكن الخوف يبقى في الضغط على الجانب الفلسطيني متى ما كان هو الأضعف، لذا يتوجب عليه التحضير لكيفية التعامل مع هذه الضغوط، والحلول المفروضة وتحويلها لحلول مقبولة.

والحقيقة أن المؤيدين للذهاب للمفاوضات المباشرة، يرددون أننا لا نملك شيئاً نخسره، إذا ما توجهنا لمفاوضات مباشرة، نقدم فيها كل ما نستطيع من أجل الوصول إلى تسوية حتى لا يُحملنا الرأي العام الدولي مسؤولية فشل وعرقلة العملية السلمية، فيما يتفرد نتياهو وحده بتنفيذ تكتيكه لتحسين صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي بعد أن واجهت عزلة وانحدار بإظهار سعيه نحو إرساء السلام في المنطقة وعدم إعاقة المفاوضات بما يمكنها من الاستمرار في فرض واقعها على الأرض، لذا ينظر المحللون أن علينا في المقابل تحشيد موقف دولي لدعم موقفنا، ورفض الحلول المفروضة- وغير المقبولة- من قبل الإدارة الأمريكية رغم ما صرحه الرئيس الأمريكي أوباما بكون إدارته غير معنية بفرض حلول، واستخدام المفاوضات كأداة لوقف الاستيطان بكل أشكاله خاصة في القدس، مع العمل على تحسين آلية اتخاذ القرار داخلياً وتعزيز القاعدة الشعبية، ما يتطلب من القيادة مراجعة سياسية وإستراتيجية جديدة، حتى لا يدُفع الثمن من الثوابت الوطنية، لذا لابد من اللجوء إلى البدائل وهي الصمود على الأرض ومقاومة الاحتلال، والعمل على مساءلة إسرائيل وملاحقاتها قانونياً وقضائياً على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني ضمن المرجعيات والقرارات الدولية، وتركيز الجهود لكسب الرأي العام الدولي للاعتراف بالحق الفلسطيني بدولة حرة مستقلة.

فما هي التوقعات والنتائج المستقبلية، وما هي الخيارات السياسية المستقبلية محليا ًودولياً، بعد الذهاب إلى المفاوضات المباشرة، وهل حقاً كنا نملك الخيار والبدائل؟

ومع تصريحات وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بالأمس حول حصول الفلسطينيين على مبلغ 50 مليار دولار، إذا ما وقّعوا اتفاق سلام كان لا بد من التوضيح والتأكيد على ضرورة أن لا نخضع للابتزاز المالي، مقابل تقديم تنازلات غير مقبولة. حيث كان قد صرح أبو الغيط أنه سيصل للفلسطينيين في حال التوقيع على اتفاق سلام مع الجانب الإسرائيلي من 40 إلى 50 مليار دولار، بهدف المساهمة في بناء الدولة الفلسطينية وكتعويض عن الأراضي التي فقدوها وفتح المجال أمام قدرة هذه الدولة على الحياة في المنطقة.

هذا المشهد يتطلب تبني بسياسات عامة داخلياً وخارجياً، والتفكير بالخطوات والاستراتجيات المستقبلية، على ضوء التحديات التي نواجهها وليس مجرد ردود أفعال للخروج من حالة الانتظار، ومواجهة سياسة اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يصعد عدوانه ويرفض وقف سياسة الاستيطان، ومصادرة الأراضي خاصة في مدينة القدس والتي تعاني من خطة متكاملة للتطهير العرقي، وطرد السكان المقدسيين وتهجيرهم وسحب هوياتهم.

وهنا يتوجب على الجانب الفلسطيني معرفة ماذا يريد بالتحديد من هذه المفاوضات وكيف يجب أن تدار، وكيف سنتعامل مع النتائج، وما هي البدائل؟، حاملاً معه ما استفاده من تجربته التفاوضية السابقة لكي لا يعود بخفي حنين.

وفي كل الأحوال العملية التفاوضية ما تزال مستمرة، ولننظر ماذا ستخرج به رحى الأيام القادمة.

http://www.miftah.org